كشفت مصادر فلسطينية لـ "النشرة"، أن مفوض عام "الأونروا" فيليب لازاريني يبدأ اليوم زيارة إلى بيروت تستمر أياما قليلة، ويلتقي خلالها عددا من المسؤولين والفلسطينيين، ليضعهم في صورة ما تقوم به الوكالة في غزة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي عليها منذ أكثر من سبعة أشهر، ناهيك عن الحصار المالي الّذي تعاني منه.

وأبلغت المصادر، أن قيادة تحالف القوى الفلسطينية، والقوى الإسلامية، وأنصار الله، واللجان الشعبية، قرروا تعليق إغلاق المكتب الرئيس لوكالة "الأونروا" في بيروت، إفساحا في المجال أمام إنجاح زيارته وتبريد الاحتجاجات الشعبية بعدما توترت العلاقة بين الطرفين على خلفية اتخاذ إجراءات إدارية بحق موظفين بزعم مخالفة الحيادية الوظيفية.

وأكدت المصادر، أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي دخل على خط الوساطة لتبريد الاجواء بعدما تمنى على القوى الفلسطينية تعليق تحركاتها الاحتجاجية وافساح المجال لمعالجة مشكلة إجراء "الأونروا" ضد مدير ثانوية البص في منطقة صور فتح شريف وبشكل نهائي.

وتأتي زيارة لازاريني إلى بيروت في خضم استمرار تحالف القوى الفلسطينية، والقوى الإسلامية، وأنصار الله، واللجان الشعبية (دون فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح")، بإغلاق مكتب "الأونروا" الرئيسي في بيروت ومناطق مدراء المناطق في المدن اللبنانية والمخيمات منذ آذار الماضي، بسبب الإجراء بحق شريف ومحاولة إجبار الموظفين عن التخلي عن الانتماء الوطني.

ويقول مسؤول ملف "الأونروا" في حركة "الجهاد الإسلامي" في لبنان جهاد محمد لــ"النشرة"، إن زيارة لارازيني، إلى لبنان تأتي في توقيت بالغ الأهمية لعدة أسباب. منها أهمية دور الوكالة في غزة في ظل العدوان الإسرائيلي وارتكاب المجازر وحرب الإبادة، وفي ظل استهدافها في محاولة لإنهاء عملها وشطب حق العودة، وحصارها المالي المفروض عليها من قبل الإدارة الأميركية، التي أوقفت تمويلها بزعم انتهاك مبدأ الحيادية من قبل موظفيها بناء على ادعاءات إسرائيلية كاذبة.

ويؤكد محمد على ضرورة أن تبادر "الأونروا" لتحسين خدماتها في لبنان بعدما أثرت الأزمة الاقتصادية والمالية بشكل كبير على اللاجئين الفلسطينيين، حيث يعتمد اللاجئون بشكل أساسي عليها، لذلك يجب زيادة الدعم الصحي وزيادة نسبة الاستشفاء، وتحسين جودة التعليم وفتح فرص عمل جديدة وإعادة مبدأ التثبت وزيادة عدد الأساتذة والمعلمين، بالإضافة إلى تقديم مساعدات دائمة للاجئين ضمن برنامج الشؤون الاجتماعية لتحسين أوضاعهم. مشددا في الوقت نفسه على تمسك اللاجئين الفلسطينيين بالوكالة كشاهد حي ودولي على قضيتهم ونكبتهم، حتى يعودوا إلى أراضيهم التي هجروا منها قسرا.

مواقف متفجرة

وقبيل الزيارة، فجرت نائبته أنطونيا دي ميو قنبلة من العيار الثقيل، إذ أعربت عن استعداد الوكالة لنقل خدماتها إلى إدارة فلسطينية "في ظل احتمالات حقيقية للتوصل إلى حل سياسي، وأثارت استياء فلسطينيا كبيرا لأنه يتناقض مع مهام الوكالة التي يجب أن تتواصل بموجب القانون الدولي حتّى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وفق القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة.

وفي مقال لها بعنوان "الأونروا شريان حياة للأمل" نشرته في مجلة "Cairo Review of Global Affairs" الصادرة عن الجامعة الأميركية في القاهرة، قالت دي ميو، إنّ "الوكالة ليست لديها مصلحة في الاستمرار إلى الأبد، وأنها مستعدة لدعم عملية انتقالية محددة زمنياً، تتولى خلالها إدارة فلسطينية تقديم الخدمات التي تقوم بها الوكالة حالياً".

واعتبرت "أن الدعوات للقضاء على "الأونروا" هي دعوات لإنهاء وضع اللاجئين لملايين الفلسطينيين. إن إسكات التذكير بهذا الصراع لا يعني إسكات الصراع، وحده الحوار السياسي والمفاوضات بحسن نية يمكن أن يفعلا ذلك".

وأكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن خطورة تصريحات دي ميو تكمن في كونها تتعارض مع التفويض الدولي الممنوح للوكالة الساري المفعول حتى الآن وفق القرار 302، وهي تتجاوز دورها ومسؤولياتها، فقرار ولاية الأونروا وأماكن عملها تحدده الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتوافق مع الدول المضيفة، ولا دور للأونروا في ذلك.

كما أنها تأتي – وفق المصادر الفلسطينية نفسها، استكمالا لمخططات سابقة حاولت إنهاء عمل "الأونروا" بدءا من صفقة القرن الأميركية التي حاولت إسقاط صفة اللجوء وتقليص أعداد اللاجئين، مرورا بطرح لازاريني السابق حول إمكانية نقل بعض خدمات "الأونروا" إلى مؤسسات دولية بديلة، والتي قوبلت بالرفض ما دفعه إلى التراجع عنها، وصولا إلى الحصار المالي بهدف إخضاعها للابتزاز السياسي.

واعتبر مدير الهيئة 302" للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، أن مواقف دي ميو تحمل محتوى سياسياً غاية في الخطورة. وأكد أن استهداف "الأونروا" هو استهداف لشرعيتها وقضية اللاجئين، مشدد على أن الدعوات لتحويل عمل الوكالة إلى جهات أخرى سواء ذات جنسيات مختلفة، أو إلى منظمات أممية أو دولية أخرى يجب أن ترفض.

ودعا مسؤول ملف "الأونروا" في منظمة "الصاعقة" وائل ميعاري، دي ميو إلى التراجع فورا عن مواقفها، مؤكدا أن الحل هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية وخاصة منها القرار 194 الذي ينص على العودة والتعويض. مطالبا الكل برفض هذه المواقف والاستعداد لمعركة الدفاع عن "الأونروا" وخدماتها وحماية دورها.

وعبرت "دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية"، عن رفضها لمثل هذه المواقف التي تتعاكس مع قرار تأسيس "الأونروا" والذي يربط وجودها بانتهاء السبب الذي أنشأت من أجله، وهو تطبيق القرار 194 القاضي بعودة جميع اللاجئين، وبالتالي فإن السلطة الفلسطينية ليست بديلا عن "الأونروا". فإذا كانت دي ميو تجهل هذه الحقائق فهذه مشكلة، أما إذا كانت تعلمها وأطلقت مواقفها السابقة فالمشكلة أكبر.

ودعا المجلس التنفيذي لاتحاد العاملين المحليين في "الأونروا" دي ميو إلى التراجع عن مواقفها الأخيرة وتقديم توضيحات وتفسيرات عن خلفيات مواقفها خاصة وأنها تنسجم مع مواقف سابقة دعت صراحة إلى إلغاء "الأونروا" وإحالة خدماتها إلى الدول العربية المضيفة وإلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وغيرها، خاصة وأن هذه المواقف تأتي بعد اعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين، وبعد أيام على تسريبات إعلامية بشأن اليوم التالي للحرب على غزة، والتي هي موضع رفض من كل المجتمع الفلسطيني.