على وقع الزيارة المرتقبة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان، أشارت صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أنّ "لودريان يواجه في زيارته السادسة لبيروت التي يبدأها الثلاثاء، مجموعة من الطروحات المعقدة والمتضاربة، من شأنها أن تشكل تحدّياً له في سعيه لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، بالتعاون مع سفراء "اللجنة الخماسية"، ذلك إذا لم يتوصل في لقاءاته إلى صيغ مركّبة لا تزعج المعارضة، ولا تُقلق "محور الممانعة"، وإن كان يصطدم بموقف "حزب الله" الذي يكرر على لسان أمينه العام حسن نصرالله ربط التهدئة في جنوب لبنان، وانتخاب الرئيس بوقف إطلاق النار في غزة، ولم يعد بمقدوره التراجع عن موقفه في هذا الشأن".

ولفتت إلى أنّ "فور وصوله إلى بيروت، سيجد لودريان نفسه مضطراً للبحث عن صيغة توافقية من شأنها أن توفّر مخرجاً لتحفّظ "الثنائي الشيعي" على ما ورد في بيان سفراء "الخماسية"، لجهة دعوتها للتشاور للاتفاق على اسم مرشح لرئاسة الجمهورية. وفي حال تعذّر التوافق بين الكتل النيابية، لا بد من الذهاب إلى البرلمان بلائحة تضم 3 مرشحين لانتخاب أحدهم رئيساً، في جلسة نيابية مفتوحة بدورات متتالية إلى حين انتخابه، في مقابل تعامل قوى المعارضة بإيجابية مع البيان، والنظر إليه بأنه ينطق بلسان حالها، ويشكل خريطة الطريق الواجب اتباعها لوقف تعطيل انتخاب الرئيس".

وأوضحت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ"الشرق الأوسط"، أنّه "يفضّل أن يترك جوابه النهائي على بيان "الخماسية" إلى ما بعد استقباله لودريان الأربعاء، ليكون بوسعه أن يبني على الشيء مقتضاه".

ونقل مصدر نيابي بارز لـ"الشرق الأوسط"، عن بري قوله إنه "يستغرب موقف البعض حيال دعوته للحوار، ويسأل: "أين تقع المشكلة؟ فمن الممكن أن تتوصل الكتل النيابية إلى التوافق على رئيس في يوم أو يومين أو ثلاثة، وعندها نذهب إلى البرلمان لانتخابه في أقل من أسبوع". ويضيف أن "من يرفض الانخراط في حوار من هذا النوع، عليه أن يتحمل مسؤولية ما يترتب على رفضه، وعندها يكون ذنبه على جنبه".

وعند سؤال المصدر نفسه عن موقف بري من دعوة باريس لاستضافة حوار، على أن يخصص للتداول في انتخاب رئيس للجمهورية، يجيب بسؤال فحواه: "لماذا في باريس وليس في بيروت أو في دولة عربية يُتفق على اختيارها؟".

وركّزت مصادر مواكبة لأجواء التأزم المسيطر على الوضع اللبناني، لـ"الشرق الأوسط"، على أنّه "يبدو أن الطريق أمام لودريان ليس سالكاً سياسياً لانتخاب الرئيس، إلا في حال حصول مفاجأة ليست في الحسبان يحملها في جعبته، وتتضمن مجموعة من الأفكار لإحداث خرق في الحائط المسدود الذي لا يزال يعطّل انتخابه، وبالتنسيق مع سفراء "الخماسية" الذين قالوا كلمتهم في البيان الذي أصدروه بدعوة من السفيرة الأميركية ليزا جونسون، التي تلتقي بري الإثنين، قبل مغادرتها إلى واشنطن للمشاركة في اللقاء السنوي لسفراء الولايات المتحدة؛ لإطلاعهم على ما آلت إليه الاتصالات لإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية".

ورأت أنّ "امتناع "حزب الله" عن البحث في ملفي انتخاب الرئيس وتطبيق القرار 1701 ما لم يجرِ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية، سيؤدي حتماً إلى تمديد الفترة الزمنية لتقطيع الوقت"، مشدّدةً على "أنها تخشى ألا يتوصل لودريان، من خلال مروحة اللقاءات التي سيعقدها مع الكتل النيابية، إلى ما يعيد الحرارة لوضع انتخاب الرئيس على نار حامية، ومن ثم تنتهي زيارته إلى "تبرئة ذمّته" حيال ما يمكن أن يترتب على البلد من تداعيات؛ جراء إصرار إسرائيل على توسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان".

وكشفت المصادر نفسها أن "الوسيط الأميركي أموس هوكستين ينتظر بفارغ الصبر ليعاود تشغيل محركاته بين بيروت وتل أبيب لتطبيق القرار 1701، وذلك فور التوصل إلى وقف للنار على الجبهة الغزاوية"، مبيّنةً أنه "يجول بعيداً عن الأضواء على عدد من الدول المعنية بتهدئة الوضع جنوباً، وهو توصل إلى وضع العناوين الرئيسية لتطبيق القرار 1701. لكن ربط "حزب الله" الجنوب بغزة يدعوه للتريث، وإن كان ربطه ما هو إلا رسالة سياسية ليس بمقدور لودريان أن يتخطاها سعياً لتسهيل انتخاب الرئيس، مع أنه بات على قناعة، أسوة بسفراء "الخماسية"، أنه لا مفر من ترجيح الخيار الرئاسي الثالث بوصفه ممراً إلزامياً للعبور بانتخاب الرئيس إلى بر الأمان".

ورأت أن "لا علاقة لبيان سفراء "الخماسية" بترحيل انتخاب الرئيس"، مشيرةً إلى أن "تأخير انتخابه يبقى أولاً وأخيراً محصوراً بإيجاد تسوية من شأنها إيجاد صيغة بالتراضي، تأخذ في الحسبان أنه لا قدرة للثنائي الشيعي على فرض مرشحه على المعارضة التي تقاطعت مع "التيار الوطني" على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، في وجه منافسه مرشح محور الممانعة زعيم تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية".

ماكرون تراجع عن زيارة لبنان ودعوة السياسيين الى باريس...

من جهتها، لفتت صحيفة "الديار" إلى أنّ "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاول جس نبض بعض المسؤولين اللبنانيين والعرب الذين زاروا باريس في الاسابيع الماضية، بشان نشر قوات دولية على الحدود اللبنانية السورية بصلاحيات واسعة مستمدة من وحي القرار1559، وقد سمع جوابا حاسما برفض هذا الطرح، لانه يفجر البلد برمته ويحوله ساحة للصراعات الكبرى وبريدا للرسائل الدموية".

وذكرت أنّ "الزوار اللبنانيين لم يتحمّسوا الى فكرة فرنسية بزيارة ماكرون الى لبنان منتصف حزيران، بعد لقائه الرئيس الاميركي جو بايدن، للضغط على القيادات السياسية من اجل تسهيل اجراء الانتخابات الرئاسية، والتلويح بقرارات دولية وعقوبات بوجه المعرقلين. كما لم يتحمس هؤلاء الزوار لفكرة جمع الأفرقاء اللبنانيين على طاولة الحوار في باريس، لان الظروف غير مؤاتية".

وأكّدت مصادر سياسية متابعة للحراك الرئاسي، ان "ماكرون مُصرّ على طرح الملف الرئاسي والحدود اللبنانية مع سوريا وإسرائيل، خلال القمة التي تجمعه مع بايدن في 7 حزيران"، مبيّنةً أنّ "ماكرون يسكنه حنين الى مرحلة الـ2005، ويريد تقمص دور الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك وحلفه مع الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش لاول مرة في التاريخ، وادى ذلك الى خروج القوات السورية من لبنان".

وأفادت بأن "الفرنسيين يسوقون لنشر القوات الدولية، لاعتقادهم انها الوحيدة القادرة على وقف النزوح السوري نحو اوروبا، ومنع تدفق السلاح الى لبنان وقطع طريق طهران بغداد دمشق بيروت"، متسائلةً: "ما الهدف من تكبير "حجر" النزوح السوري حاليا، وهو المفتوح من 2011، وكل الحملات الداخلية لن تقدم او تؤخر في عودة النازحين ما دام الحل السياسي ما زال مقفلا في سوريا؟ والجميع يعلم ان الحل يبدا اولًا برفع الحصار الدولي والعربي، وفتح الابواب امام الاستثمارات والاعمار، هذا هو الطريق الوحيد، وليس رفع سقف المواقف بخلفيات رئاسية".

وركّزت المصادر السياسية على أن "دمشق ابلغت وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي، ان الدول الذين يحاصرون سوريا ويعملون على تخريبها، هم المسؤولون عن النزوح السوري وتجارة الكبتاغون، فكيف تطلب من سوريا المعالجة و20% من اراضيها واكثر تحت سيطرة المسلحين المرتبطين بكل عصابات العالم؟".