أخذ ملف النازحين السوريين الحيز الأكبر من جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الحكومي أمس. وقالت مصادر وزارية لصحيفة "الأخبار" إنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال ​نجيب ميقاتي​ "أثنى على جهود وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​عبدالله بوحبيب​"، وأكّد أن "الموقف الموحّد للبنان بناءً على توصية مجلس النواب، هو عدم ربط أي مساعدة مالية ببقاء النازحين أو المقايضة بين الأمرين، وكان هناك إصرار على إدراج هذا الطلب في المحضر". كما جرى التأكيد على ​ترحيل النازحين​ المخالفين للقانون كخطوة أولى، ثم العودة إلى المسجّلين في قوائم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والعمل على غربلة الأسماء وإجراء التصنيفات لتحديد اللاجئين الذين يحق لهم البقاء في لبنان ومن ينبغي ترحيلهم إلى ​سوريا​. واقترح ميقاتي تشكيل لجنة سياسية - تقنية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي للتواصل مع الحكومة السورية، على أن تتقرّر عضوية بعض الوزراء في جلسة مجلس الوزراء المقبلة.

وفيما يستكمل بو حبيب لقاءاته مع المسؤولين الأوروبيين، إلا أن الأبرز هو ما كشفه ميقاتي عن "اتفاق مع مصر والأردن والعراق على خطة موحّدة للتواصل مع سوريا بشأن النازحين". ويُعدّ ذلك، وفقاً لمصادر متابعة، "نقلة في المقاربة العربية للعلاقة مع سوريا وملف النازحين، ولا سيما من قبل الأردن ومصر، وهما دولتان عضوان في ​لجنة الاتصال الوزارية​ العربية التي شكّلتها القمة العربية الاستثنائية الـ 32 التي عُقدت في الرياض في أيار 2023 لترتيب عودة سوريا إلى محيطها العربي وملف النازحين السوريين في دول الجوار السوري، والتي فشلت في عقد لقاء كان مقرراً في 8 أيار الماضي، وترافق هذا التأجيل مع تعديل إيجابي في الموقف الأردني من سوريا وملف النازحين".

إلى ذلك، وصل إلى بيروت أمس الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في ظل أجواء إقليمية مشتعلة رسّخت قناعة متزايدة لدى القوى السياسية بعدم وجود أي مجال للحلول الداخلية، ما جعل التوقعات المحيطة ب​زيارة لودريان​ تميل إلى السلبية، مبدئياً على الأقل. وترافق ذلك مع أسئلة كثيرة عن توقيت الزيارة، خصوصاً مع اتخاذ التطورات الخارجية منحى أكثر تعقيداً بسبب تعنّت العدو ومضيه في حرب الإبادة بما يجعل الهدنة بعيدة في غزة، وتالياً في جنوب لبنان.

وقالت مصادر متابعة للقاء ميقاتي - لودريان إن "الأخير لم يتحدث عن أي دعوة للحوار في فرنسا، واكتفى بمناقشة المداولات بين سفراء اللجنة الخماسية في اجتماعهم الأخير في السفارة الأميركية في عوكر وإمكانية جمع القوى السياسية في مساحة مشتركة تتيح فتح باب للحل". ويفترض أن يلتقي لودريان اليوم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ونوابًا من كتلتي الاعتدال الوطني ولبنان الجديد.

إلى ذلك، أشارت معلومات المتابعين للزيارة، وفق ما نقلت صحيفة "الجمهورية"، إلى أن "لا جديد في جعبة لودريان وان الزيارة لا تتخطى كونها زيارة استطلاعية وسريعة، وهو ناقشَ مع ميقاتي عمل المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية في لبنان والطروحات التي تقدمها وأثنى على عملها، وناقشَ سبل التوصّل الى حلول في ​الملف الرئاسي​".

في السياق نفسه، لفت مصدر دبلوماسي لصحيفة "الشرق الاوسط"، إلى أن "إيفاد الرئيس فرنسي إيمانويل ماكرون للودريان إلى لبنان وعلى مسؤوليته هذه المرة، لا يعني وجود خلاف بين باريس وسفراء الخماسية، بقدر ما أن إيفاده يأتي في سياق التحضير للقمة التي تُعقد بين الرئيسين الفرنسي والأميركي في السادس من حزيران المقبل، التي سيُدرج ملف انتخاب رئيس الجمهورية بنداً أساسياً على جدول أعمالها".

وكشف أن مهمة لودريان تكمن في إعداده مقاربة تفصيلية وواقعية تتعلق بالأسباب التي ما زالت تعطل انتخاب الرئيس في ضوء ردود الفعل النيابية على البيان الصادر عن سفراء الخماسية، التي جاءت متباينة حول مبدأ الحوار الذي يقترحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والتشاور الذي تدعو له المعارضة.

ولم يستبعد المصدر أن يكرر لودريان أسئلته التي طرحها سابقاً على الكتل النيابية عما لديها من أفكار تكون بمثابة مقترحات وحلول لإخراج انتخاب الرئيس من دوامة التعطيل.