مع ازدحام المبادرات والوساطات والحراكات المتوالية على صعيد الملف الرّئاسي، رأى مسؤول كبير لصحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "المبادرات والحراكات ارتدت في ظاهرها ثوب الدعوة العامة الى التوافق على رئيس للجمهورية، فيما هي في غالبيتها، إن لم تكن جميعها، تقاطعت في جوهرها على هدف وحيد، وهو الدفع نحو ما سُمّي "​الخيار الرئاسي الثالث​".

وأوضح أنّ "ذلك يعني إخراج مرشّحين أساسيين من نادي المرشحين، لهم مكانتهم ورمزيتهم وحقهم قبل كل شيء في الترشح لرئاسة الجمهورية، لا سيما رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​، الذي من الطبيعي أن يقابل هذا المنحى بإصراره على مضِيّه في المعركة الرئاسية. وكذلك تأكيد ثنائي حركة "أمل" و"​حزب الله​" وحلفائهما على تمسّكهم بدعم ترشيحه، من دون ان يعني ذلك اعتراضهم على وجود مرشحين آخرين في المعركة، ذلك أن الحسم في نهاية الأمر تحدده اللعبة الديمقراطية والتصويت في مجلس النواب".

حراك التيار

في السّياق، ومع انطلاق "التيار الوطني الحر" في حراك رئاسي، وزيارة رئيس "التيار" النائب ​جبران باسيل​ عين التينة أمس، ولقائه رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​، كشفت معلومات "الجمهورية"، أنّ "جو اللقاء بين بري وباسيل كان جيدا، بَدا فيه رئيس "التيار" مندفعاً الى الحسم السريع للاستحقاق الرئاسي، مع التأكيد على انه بقدر ما انّ الاتفاق على اسم هو ضروري، فإنّ الاتفاق على برنامج إنقاذي يوازيه من حيث الضرورة القصوى. وعكست المحادثات تجاوب باسيل مع التوجّه الى الحوار او التشاور، بما يفضي الى تفاهم بين القوى السياسية".

وأشارت الى أنّ "رئيس المجلس ظَلّ على تأكيده من أن الحوار او التشاور بين المكونات السياسية، يشكّل الباب الاساسي لإتمام ​الانتخابات الرئاسية​ بالتوافق بين الأفرقاء، وهو في الوقت ذاته مع كل مبادرات او حراكات او جهود تساعد على تحقيق هذه الهدف، اي التوافق الذي من دونه لا مجال لحسم الانتخابات الرئاسية".

باسيل في عين التينة يفتح الطريق إلى الحوار

بدورها، علمت صحيفة "الأخبار" من مصادر في "التيار"، أنّ "اللقاء بين بري وباسيل في عين التينة، تركّز على توصّل كل القوى السياسية إلى قناعة بأن لا حل سوى عبر التفاهم على أسماء المرشحين إلى رئاسة الجمهورية، ذلك أن فرض أي مرشح سيؤدي إلى عرقلة لاحقة، سواء خلال تشكيل الحكومة أو في الجلسات الوزارية. لذلك ركّز باسيل على "ضرورة عقد جلسات حوار تؤدي الى التفاهم، أو أقله الوصول إلى مجموعة مرشحين متوافق عليهم بين كل القوى الراغبة بالحوار، ليتم طرح هذه الأسماء بعدها ضمن جلسات انتخاب متتالية".

وأكّدت أنّ "باسيل لا ينافس الحزب "الاشتراكي" على مبادرته، بل إنه و"الاشتراكي" وكتلة "الاعتدال" يكمّل بعضُهم بعضاً، بعد الاتفاق بينهم على أن الأولوية اليوم لانتخاب رئيس، وأن باسيل قام بجمع الأفكار والهواجس خلال اللقاءات التي جمعته بهما ليسوّقها أمام باقي الكتل".

من جهتها، رأت مصادر عين التينة للصحيفة، أن "الجو الإيجابي الذي أظهره باسيل، ليس بالضرورة أن يؤدي إلى مكان، لكن الخطوة يُبنى عليها"، مبيّنةً أنّ "بري قال لباسيل: "لو كنت اتفقت معنا على سليمان فرنجية، لما كنا وصلنا إلى هذه الحال اليوم". فردَّ باسيل: "تعلمون موقفي ولن أبدله"، فلم يرد بري الجدال أكثر في هذا الأمر، وفضّل النقاش في نقاط يُمكن الاتفاق عليها".

ماذا أراد فرنجية بدعوته جعجع الى الترشح ومنافسته؟

على صعيد متّصل، ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل انضم اخيراً الى حَمَلَة ​المبادرات الرئاسية​ بعد كتلة "الاعتدال الوطني" و"الحزب التقدمي الاشتراكي". ليس آخرهم ما ان تقدّم رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، الاحد، بمبادرته الاكثر جرأة غير المتوقعة: ان يضع نفسه وغريمه، في الشمال وفي الخيار وفي الماضي والحاضر والحسابات الشخصية كما في التحالفات، رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ وجهاً لوجه، بأن يدعوه الى الترشح -والواقع انه يُرشّح الخيار لا الشخص فحسب- ويذهبان والآخرون الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية: الاقل تمثيلاً للمسيحيين قبالة الاكثر تمثيلاً لهم".

ولفتت إلى أنّ "قبل طرح فرنجية اقتراحه، دارت المبادرات من حول المرشح المقبول وغير المقبول والواقعي والنموذجي والمفقود، ومن حول سبل التوافق على الوصول الى جلسة الانتخاب، بحوار او تشاور او من دونهما. قفزت مبادرة رئيس تيار "المردة" من فوق الجميع، كي تعيد الاستحقاق الرئاسي الى نطاقه الدستوري الحق، وهو قاعة البرلمان بمرشحَيْ الخيارَيْن العدوَيْن".

وأفادت الصّحيفة بأنّ "قبل هؤلاء جميعاً، كان رئيس المجلس نبيه برّي اول المبادرين عندما طرح منذ ما قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، توافقاً على انتخاب الرئيس الخلف من خلال حوار وطني. منذ صيف 2022، لا تزال مبادرة برّي -وإن لم تشق طريقها الى التنفيذ- أمتن المبادرات التي تلتها: بين يديه صلاحية الدعوة وتحديد موعد الجلسات وتوالي الدورات، وبين يديه تحالفه مع "حزب الله" بوضع النواب الشيعة الـ27 عندهما. من دونهم لا جلسة انتخاب".

واعتبرت أنّ "فرنجية جرّ الاستحقاق الرئاسي الى موقع غير محسوب. لا صلة له بالحوار الذي يدعو اليه رئيس المجلس، ولا بأي من المخارج التي تنادي بها المبادرات المتداولة. ابسط ما يقال في ما طرحه انه انزال جانبَي النزاع الى المنازلة المباشرة:

1- للمرة الاولى على نحو غير مرتجل، يُبرز عزمه على خوض حملة ترشيحه، غير مكتفِ بما يفعله حليفاه برّي و"حزب الله" اللذان خاضا ولا يزالان منذ آذار 2023، معركة ايصاله الى رئاسة الجمهورية. هذه المرة يخوض حملته بعدّته بواجهة مسيحية مارونية، لا بلافتة شيعية يتكل عليها. يذهب الى خصومه ومنافسيه الموارنة مباشرة من غير ان يُدخل الثنائي الشيعي في نزاع ماروني- ماروني على السلطة.

2- ليس اطراؤه جعجع، مناوراً او جاداً، وترشيحه لمنافسته في الاستحقاق، الا تعمّد استفزاز باسيل وتأكيد خصومتهما واللعب على وتر عداء باسيل- جعجع. ان يقول إن الثاني لا الاول هو خصمه الحقيقي المعتدّ به، المستحق المواجهة، الاكثر تمثيلاً للمسيحيين وإن هو عدو ماضيه وحاضره.

3- ما لم يفعله جعجع في الاستحقاق الحالي، مع انه فعله في جلسة 23 نيسان 2014، باعلان ترشحه معطوفاً على برنامج، وفّره عليه فرنجية بما هو اشقّ على جعجع من ترشيحه: تحديه له ان يترشح في مرحلة يقدّم رئيس "القوات" نفسه على انه زعيم المعارضة المسيحية والعدو الاول لـ"حزب الله"، والمناكف الاعلى نبرة لرئيس البرلمان، كي يستنتج فرنجية انه الأحق في منافسته

4- لأن جعجع يصفه انه مرشح "حزب الله"، يرشّح فرنجيه عدو الحزب، ويقول له في ذكرى مقتل عائلته في 13 حزيران المتهم منافسه بالجريمة، انهما وحدهما قادران على ضمان التئام الثلثين في الجلسة للذهاب من ثم الى الانتخاب. اما ما لم يقله هذا الترشيح، فالغاء الاسماء الاخرى المحتملة واولها قائد الجيش العماد جوزف عون".