أشار شيخ العقل لطائفة الموحِّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، في كلمة له بمجلس اليوم الثالث من محرم برعاية نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، الى أنه "يُشرِّفُني أن أُلبِّيَ دعوةَ المجلسِ المقدَّرةَ لإحياءِ هذه الليلةِ العاشورائيةِ المبارَكة، غيرَ متطلِّعٍ سوى إلى الأُخوَّةِ الوطنيّةِ والدينيةِ التي تجمعُنا بصاحب السماحة وبالأحبّة جميعاً في المجلس الشيعيِّ الكريم".
ولفت أبي المنى، الى أن "الحسين حمل الرسالةَ، كما حملَها جدُّه الرسولُ الأمين، مواجهاً حين تقتضي الأمانةُ المواجَهة، ومحاوراً حينَ تدعو إلى المجادلة بالتي هي أحسن، مُثبِّتاً في هذه وتلك الإيمانَ في القلوب، والفضائلَ في المجتمع، والوحدةَ الإنسانيةَ في الأمّة الواحدة، داعياً إلى المؤاخاة بين المسلمين، والمساواةِ بينَ النّاس أجمعين، مُدرِكاً أن ليس للهجرةِ أو المواجَهة معنىً وقيمة إذا لم تكن في غير ما قصده الرسولُ وما قصَده الإمامُ، أكان القصدُ اتِّقاءً للفتنة، أم ارتقاءً بالمهمة، وكلاهما جديرٌ بالسفر والمسافرة والهجرة والمواجَهة، وبمثل هذه المهمّة التي تحمل معنَيي الاتِّقاء والارتقاء تتحقَّقُ الغايةُ وتُصانُ الرسالة".
ورأى أن "الوقائعُ والأيامُ أثبتتِ بأنّ الإمامَ الحُسين (ع) مدرسةٌ ونهجٌ وقدوةٌ لكلِّ المسلمين، بل لكلّ الإنسانية، بحيثُ لا يُمكنُ "تحجيمَه وتطييفَ ذكراه"، وهو مَنِ ارتقى بالجهاد إلى معناهُ الأسمى، وبالإسلام إلى مستوى الرسالة، إذ كانت صرختُه مدوّيةً في وجهِ حالةِ الانحراف المتمادية، وجهاداً من أجل إعزاز الإسلام وحِفظِ الأُمَّة، واستشهاداً في سبيل الحقِّ، وثورةً في وجه الظالمين إلى أية طائفةٍ انتمَوا، أكانوا من أتباع سُّنَّةِ الرسول، أم من أبناءِ شيعة الإمام، أم من جميع أبناء التوحيد الراسخين في إسلامهم وإيمانهم، أحَمَلوا هذا الاسمَ أو تلك الراية، إنَّما الأهمُّ هو وحدةُ الدين ووحدةُ الأُمَّة، مصداقاً لقولِه تعالى: "وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ".
وأضاف "كما في بدايةِ كلِّ سنة، وكما في كلِّ مناسبةٍ عزيزة، فإنَّنا نؤكِّدُ على واجبِ الاستعدادِ لمقاومة الظلم والفساد، ولمجابهةِ محاولاتِ تغذيةِ عواملِ التفرقة والشِّقاقِ بين الأُخوة، داعين إلى تفاهمٍ مسيحيٍّ إسلاميٍّ واسعٍ وعريض، نحن نُواتُه وأساسُه، كقادةٍ روحيين مجتمعين، وإلى تلاحمٍ وطنيٍّ مصيريٍّ وتاريخيّ، جميعُ طوائفِنا مَعنيَّةٌ به ومحتاجةٌ إليه، مستذكرين حالَ القومِ وواقعَ البلادِ عندنا".
ورأى أبي المنة، أنّنا "اليومَ أحوجُ ما نكونُ لاتّخاذ المبادَرة والبدءِ بالتشاور الجدِّي والحوارِ الصادقِ والصريح لانتخاب رئيسٍ للجمهورية قبل تفاقمِ الأمور وحصول ما هو أسوأُ في ظلِّ ما نَشهدُه يوميَّاً من تصعيدٍ حربي عدواني واستباحةٍ إسرائيلية لجنوب لبنانَ الصامد، فهل فقدنا القدرةَ على تفاهمٍ داخليّ يأخذُ بعين الاعتبار التوازناتِ المطلوبة، أم هل أصبحنا رهينةً لتفاهمٍ خارجيٍّ مُنتظَرٍ يراعي التوازنات الدولية ويَحُلُّ العُقدَ المستعصية؟".