أعلنت الرئاسة اللبنانية، في بيان مشترك لبناني فلسطيني بعد اللقاء بين الرئيس عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنه "تلبيةً للدعوة الرسمية الموجهة من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، قام رئيس فلسطين، محمود عباس بزيارة رسمية إلى الجمهورية اللبنانية، حيث عقد الجانبان جلسة مباحثات رسمية تناولت العلاقات الثنائية بين الجانبين وآخر التطورات الإقليمية والدولية".

وبحسب الرئاسة، بعد اجتماع الرئيسين، أكدا على "العلاقات الأخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، والتزامهما المشترك بتعزيز أواصر التعاون والتنسيق بينهما على مختلف المستويات".

كذلك أكدا على "ضرورة التوصل إلى سلام عادل وثابت في المنطقة. يسمح للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. كما يعطي كل بلدان المنطقة وشعوبها حقوقها المحقة والمشروعة".

ودان الجانبان "استمرار العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وما نتج عنه من خسائر بشرية فادحة وكارثة إنسانية غير مسبوقة. ويطالبان المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والجاد لوقفه وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين الفلسطينيين".

وشددا على "ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة ومؤسساتها في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وضمان احترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية".

وشجبا "الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، ويدعوان المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، الى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه برعاية الدولتين في تشرين الثاني من العام 2024 لجهة وقف الاعمال العدائية والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الاسرى اللبنانيين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 الذي التزم لبنان احترام كامل مندرجاته".

في ما يتعلق بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكد الجانبان على "تمسكهما بحل عادل للاجئين الفلسطينيين، بما يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وفقاً للقرار الأممي 194، ورفضهما لكل مشاريع التوطين والتهجير".

وشددا على "أهمية استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، مع العمل على زيادة مواردها المالية لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها".

واتفق الجانبان على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية.

كذلك شددا على "التزامهما بتوفير الظروف اللازمة، بما يضمن للأخوة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حياة كريمة من دون المساس بحقهم في العودة أو التأثير على هويتهم الوطنية".

في مجال الأمن والاستقرار، أكد الرئيسان، على "التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما يؤكدان على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه".

وأعلنت إيمانهما بأن "زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة".

وشددا على" تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، لضمان الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها".

وأكد الجانب الفلسطيني "التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام ​سياسة​ لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية".

واتفق الجانبان على "تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة".

واعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن شكره "وتقديره للرئيس اللبناني العماد جوزاف عون على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مؤكداً عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين، ومجدداً التزام دولة فلسطين بدعم أمن لبنان واستقراره وسيادته على كامل أراضيه".

وعن الاتفاق على رؤية موحدة لبنانية-فلسطينية بما خص موضوع السلاح، قالت المتحدثة باسم الرئاسة نجاة شرق الدين، الى أنه "تم الاتفاق على رؤية موحدة والبيان المشترك يشير الى ذلك، لاسيما بالنسبة لتشكيل لجنة لمتابعة كل التفاصيل المتعلقة بموضوع المخيمات".

وقالت "لم تحدد الاسماء بعد، ولكن اللجنة ستكون امنية وسياسية وتهتم ايضًا بموضوع اللاجئين الفلسطينيين ووضعهم الاجتماعي والانساني".

واشارت رداً على سؤال الى أنه "لا يوجد جدول زمني لذلك، ولكن سيتم ذلك بسرعة ومن دون تسرع كما يقول رئيس الجمهورية".

بالنسبة لموضوع حق العمل وحرية الحركة للاجئين الفلسطينيين والتضييق على حركتهم في داخل بعض المخيمات، مثلا في مخيم الرشيدية، بالنسبة لحركة الدخول والخروج، كما في مخيم البداوي في الشمال حيث تم اغلاق بعض مداخل المخيم الفرعية، فأجابت شرف الدين بأن "التنسيق العسكري والامني امر اساسي بالنسبة لموضوع المخيمات ، وخصوصاً ان هناك الكثير من التجارب التي وقعت في هذا المجال".

وقالت "موضوع تسليم حماس للمطلوبين للسلطة اللبنانية وللدولة اللبنانية، سيتم بحثه من قبل اللجنة، كما ان موضوع حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية امر اساسي، وبعدها يتم العمل على كل الحقوق والموضوع الاجتماعي والانساني للفلسطينيين في لبنان من قبل اللجنة".

عن وجود رؤية فلسطينية موحدة لموضوع السلاح، شددت على أن "الموقف الفلسطيني واضح، وهو اننا نحترم الدولة اللبنانية والجيش اللبناني وكل سلاحنا وحدوده سقف الدولة اللبنانية".

وأشارت رئاسة الجمهورية في بيان آخر إلى أنّه "في مستهل اللقاء الموسع بين الجانبين أكد الرئيس الفلسطيني ان البحث مع الرئيس عون تناول بصورة رئيسية نقطتين أساسيتين، الأوضاع الفلسطينية المتردية الناجمة عن التعديات الإٍسرائيلية بداخل الأراضي الفلسطينية، مشيرا الى ان ما تطالب به السلطة الفلسطينية رسميا ودوليا هو وقف النار وتأمين المساعدات الإنسانية، إضافة الى ضرورة تسليم الرهائن جميعهم لدى "حماس" من دون قيد ولا شرط، لأن هذا الأمر تتخذه إسرائيل ذريعة لضرب الفلسطينيين يوميا. وكشف ان مجموع القتلى والجرحى والمفقودين في غزة بلغ الى أيام قليلة نحو 200 الفا".

واكد عباس انه "بعد ذلك من الواجب القيام بحوار مع التنظيمات الفلسطينية الخارجة عن السلطة الفلسطينية، على قاعدة وجوب ان يكون هناك دولة واحدة وقانون واحد، وجيش واحد وسلاح شرعي واحد، مع الإلتزام بالشرعية الدولية والقرارات الصادرة عنها".

وأشار عباس الى ان "الوضع صعب للغاية في غزة، فنحو 80% من القطاع مدمر بالكامل، ونحو 90 عائلة لم يبق منها فرد واحد. لذلك فإن الحاجة ماسة الى وقف إطلاق النار، وتأمين المساعدات الغذائية للبدء بحوار مع التنظيمات الفلسطينية كلها".

اما بخصوص الفلسطينيين في لبنان، فكرَّر عباس "ما يعلنه دائما من انهم ضيوف مؤقتون، وليس لديهم لا رغبة ولا رأي ولا موقف ينادي بحمل السلاح فيه، مؤكدا انهم في ظل الحكومة اللبنانية ولن يكون لديهم أي نشاط خارج إطار القانون اللبناني والشرعية اللبنانية، مكررا ايضاً انهم لا يريدون سلاحا لا داخل المخيمات ولا خارجها، وهذا هو موقف السلطة الفلسطينية. اما بخصوص التنظيمات الفلسطينية الأخرى فأعرب عن إستعداده للتعاون وفق هذا الإتجاه".

وأوضح عباس ان "ما يهم الجانب الفلسطيني هو وحدة لبنان وسيادته على أراضيه، معربا عن امنيته في عدم تدخل أي طرف خارجي في الشؤون الداخلية اللبنانية، لكي يحيا لبنان حرا من أي تعديات إسرائيلية، ويبقى منارة في قلب العالم العربي".

ورد الرئيس عون مكررا ترحيبه بالرئيس الفلسطيني والوفد المرافق، مشيرا الى ان "لبنان اعطى الكثير للقضية الفلسطينية، وهو لا يزال الى جانب أحقيتها، كما انه يؤيد كافة القرارات العربية ذات الصلة إضافة الى تأييده مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت في العام 2002".

واعتبر رئيس الجمهورية ان "ما يحصل في غزة غير مقبول إنسانيا، وما من دين ولا طائفة ولا أي إنسان يمكن ان يقبل بما يجري فيها، وحتى التاريخ العسكري الحديث لا يمكنه ان يستوعب ذلك".

وأوضح الرئيس عون "اننا في لبنان نعترف بالسلطة الفلسطينية، ونوافق على ما توافق عليه هذه السلطة"، معلنا انه سيتم تشكيل لجنة من الجانب اللبناني، ولجنة فلسطينية مماثلة للعمل بهدوء لحل كافة المسائل العالقة، بما يخدم مصلحة لبنان والشعب الفلسطيني".

واعرب رئيس الجمهورية عن "ثقته بأن التعاون بين الطرفين سيثمر نتائج إيجابية لكليهما".

ورد عباس بتكرار القول ان "الفلسطينيين يقرون ويعترفون ويقولون شكرا للبنان الذي يضحي ولما يزل منذ بدأت القضية الفلسطينية الى اليوم، وهو وشعبه وجيشه أكثر من ضحى للقضية الفلسطينية وهو وشعبه وجيشه".

وكان عباس قد دوّن كلمة في السجل الذهبي للقصر الجمهوري، حيث أشار فيها إلى أنّه "يسعدني، في زيارتي الى الجمهورية اللبنانية الشقيقة، وفي مستهل عهدكم الرئاسي، ان انقل لكم ولحكومتكم، ولشعب لبنان العزيز، اصدق تحيات وتقدير شعبنا الفلسطيني، وتمنياته المخلصة لكم بالتوفيق والنجاح في قيادة لبنان نحو مزيد من الامن والاستقرار والتقدم".

وأضاف عباس "نعبر عن سعادتنا بوجودنا اليوم في بيروت العزيزة، مدينة الكلمة والموقف والثقافة والشعب الاصيل التي نكّن لها، قيادة وشعباً، كل التقدير والوفاء، ونستذكر بإجلال واعتزاز مواقفها المشرفة عبر العقود في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق شعبنا".

وقال إن "زيارتنا للبنان الشقيق تأتي في سياق تعزيز العلاقة الاخوية المتجذرة بين شعبينا، وفي اطار تأكيدنا على عمق الروابط التاريخية التي جمعتنا منذ النكبة، وعلى امتناننا الكبير لمواقف لبنان المشرّفة، وللتضحيات الجسام التي قدمها الشعب اللبناني، دولة ومجتمعاً، الى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها وما زال يواجهها. ونحن إذ نعبّر عن اعتزازنا بهذه العلاقات الاخوية، فإننا نؤكد مجدداً أن الشعب الفلسطيني في لبنان هو ضيف مؤقت وثابت على حقه في عودته الى وطنه فلسطين، وفق قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها القرار 194 ورفض كافة مشاريع التوطين والتهجير".

وتابع عباس: "كما ونشدد على احترام القوانين اللبنانية والالتزام بها، وتعزيز التنسيق الامني بين الجمهورية اللبنانية ودولة فلسطين لضمان الامن والاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها، ودعم لبنان في تنفيذ التزاماته الدولية والحفاظ على امنه واستقراره وسيادته على ارضه".