اشار السيد علي فضل الله الى "العدوان الصّهيوني الّذي لا يتوقف على هذا البلد حيث يواصل العدو الصّهيوني استهدافه للمواطنين عبر طائراته المسيّرة وفي غاراته الّتي شهدنا بعضًا منها بالأمس والتي نخشى أن نشهدها في الأيّام المقبلة التي استهدفت عمق الجنوب والبقاع، وتهديده لأي مظهر من مظاهر الحياة في القرى الحدوديّة لمنع عودة النّاس إليها من دون أي رادع بعدما كفّت الدّول الرّاعية وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأميركيّة عن القيام بالدّور المطلوب منها في الضّغط على هذا العدو ومنعه من المس بحياة المواطنين وإرغامه على الانسحاب من الأراضي التي يحتلّها بل نجد بدلًا من ذلك ضغطًا على لبنان وفرض شروط عليه قد تصل إلى حد التّطبيع مع هذا العدو".

ولفت فضل الله في خطبة الجمعة، الى "إنّنا أمام كل ما يحصل نجدّد دعوتنا للدّولة اللبنانيّة إلى القيام بالدّور المطلوب منها لحماية مواطنيها وتوفير حقّهم بالأمان في أرضهم وحريّة البقاء فيها. ونحن لا نريد من ذلك أن نحمّل الدّولة اللبنانيّة أكثر مما هي قادرة على تحمّله فنحن نعي حجم قدرات هذا العدو والتّغطية التي تأمّنت له وإمكانات الدّولة اللبنانيّة لكنّنا نريد منها أن تفعل الدّور الّذي أخذته على عاتقها في ما يجري بالعمل على الصّعيدين السّياسي والديبلوماسي للضّغط على الدّول الرّاعية لهذا الاتّفاق لالتزام الدّور الّذي أخذته على عاتقها واستنفار جهودها لدفع الدّول العربيّة والإسلاميّة والصّديقة للبنان ورفع صوتها في المحافل الدوليّة لدعم الموقف اللبناني المحق والعادل، في الوقت الّذي ندعو اللبنانيين في الدّاخل إلى أن يكون صوتهم واحدًا في مواجهة الاحتلال المستمر للأرض ورفض المسّ بسيادة الوطن ومنعه من تحقيق أهدافه العدوانيّة الّتي تمسّ كلّ اللبنانيين".

تابع: "بموازاة ذلك، نجدّد دعوتنا للحكومة اللبنانيّة التي وضعت إعمار ما تهدّم على رأس أولوياتها في بيانها الوزاري القيام بدورها على هذا الصّعيد حتّى لا يبقى ملف الإعمار رهينة من يريدون ابتزاز لبنان والمسّ بسيادته وأمنه. إننا ننوّه بالقرار الّذي صدر من القمّة العربيّة بإنشاء صندوق لدعم إعمار لبنان إلى جانب إعمار غزّة والذي بادرت دولة العراق بالمساهمة فيه، وكنّا نأمل ولا نزال من الدّول العربيّة الأخرى أن تؤدّي دورها على هذا الصّعيد". ولفت الى اننا "نعود إلى الانتخابات البلديّة والاختياريّة الّتي وصلت إلى مرحلتها الأخيرة في الجنوب الذي سيؤكد فيها أهالي الجنوب ولاسيما القرى الحدوديّة دورهم الفاعل في إعادة بناء بلداتهم والنّهوض بها من خلال اختيار مجالس بلدياتها كما أدّوا دورهم في حماية هذا الوطن وقدّموا التّضحيات الجسام لذلك. في هذا المجال نعيد تأكيد ضرورة إبقاء الاستحقاق الانتخابي في إطار التّنافس على البرامج التي تبتغي تحقيق الخير العام وخدمة النّاس للوصول إلى اختيار بلديات ومخاتير قادرين على أن يؤدّوا دورهم من أجل إنماء قراهم ومدنهم. لا نريد لهذا الاستحقاق أن يكون سببًا للشرخ بين اللبنانيين أو يخرج عن الهدف ليكون وسيلة لإثبات الذّات أو الوجود السياسي لهذا الطرف أو ذلك الموقع أو تلك العائلة، ونريد أن تطوى آثار هذه الانتخابات وتداعياتها مع انتهاء هذا الاستحقاق ويكون ما بعده يومًا آخر يلتقي جميع الفائزون والخاسرون ومن أيّدوهم للتوحّد حول المصلحة العامّة لبلداتهم وقراهم ومدنهم ووطنهم".

أضاف: "نصل إلى غزّة الّتي لم تتوقّف فيها حرب الإبادة بل هي تزداد ضراوة والّذي نشهده بالتدمير الممنهج الّذي يقوم به هذا العدو للحجر والبشر، والتجويع مع إحكام الحصار وسدّ منافذ المساعدات أو تعطيل توزيعها، وصولًا إلى الهدف الّذي يعمل له بتهجير أهالي غزّة، وهو مع الأسف يجري تحت نظر العالم وسمعه من دون أن يتحرّك الضّمير العالمي ليوقف هذه المعاناة. ونحن وإن كنّا نشهد بعض التحوّل على مستوى الموقف الدولي حيث صدر من أكثر من مسؤول أوروبي إدانة لإجرام العدو، والتلويح بعقوبات عليه... لكنّها مواقف تبقى قاصرة إن لم تتم ترجمتها أفعالًا جديّة وإجراءات تتجسّد في الواقع، لا أن تكون مجرّد ذرّ للرّماد في العيون أو لاحتواء تداعيات ما حصل من مجازر لدى شعوبها والّذي وصلت تداعياته إلى ما شهدناه أخيرًا من قيام مواطن أميركي غير عربي أبى إلّا أن يعبّر عن تضامنه مع معاناة أهالي غزّة والشّعب الفلسطيني بالصّورة الّتي قام بها بعد أن وصلت هذه الحرب العدوانيّة إلى المستوى الّذي لا يستطيع أن يتحمّله أحد".

واردف "نتوقف عند مناسبة عزيزة علينا وهي عيد المقاومة والتحرير التي تمر علينا في ذكراها الخامسة والعشرين في الخامس والعشرين من الحالي. هذا العيد الذي يأتي كل سنة ليذكّر اللبنانيين بالإنجاز الكبير الذي تحقّق لهم، وبالقوّة التي بلغوها، عندما استطاعوا هزيمة أعتى قوّة في المنطقة، والجيش الذي لطالما رسم في الأذهان الصّورة الوهميّة بأنه جيش لا يقهر، لينعم بعدها كل اللبنانيين بنسائم الحرية، والشّعور بالعزّة، والإحساس بكرامة الانتماء إلى وطن لم يستجدِ أحدًا حتّى يحصل على أمنه واستقراره وحريّته، بل جاء بكدّ أيدي أبنائه. ندعو اللبنانيين إلى أن يحفظوا هذا التاريخ جيدًا، ألا ينسوه ولا يمحوه من ذاكرتهم، وألا يسمحوا لأحد بأن يشوه صورته لحسابات ضيقة، أو يحمّله أوزارًا ليس مسؤولًا عنها، أو اتّهامات هو بريء منها".