مع انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية في كامل المحافظات اللّبنانيّة، أشارت صحيفة "الشّرق الأوسط" إلى أنّ "نتائج الانتخابات في جنوب لبنان لم تخالف التوقعات، بل جاءت مطابقة لاستطلاعات الرأي التي سبقتها، خصوصاً في المدن والبلدات ذات الأغلبية الشيعية، التي حشد لها الثنائي حركة "أمل" و"حزب الله" كل طاقاتهما للفوز بمعظم المجالس البلدية عبر التزكية، وإثبات حضورهما الشعبي؛ خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي دمّرت مناطق واسعة في الجنوب".

ولفتت إلى أنّ "الجهد الذي بذلته قيادتا "أمل" و"حزب الله"، نجح في الفوز بعشرات البلديات بالتزكية، مما سهّل المهمّة عليهما في البلدات التي ذهبت إلى معارك حامية، سواء أكانت بالمنافسة العائلية أم بالخيارات السياسية المناهضة لتوجهاتهما".

وأكد مصدر مقرّب من حركة "أمل" لـ"الشرق الأوسط"، أن "رئيس مجلس النواب نبيه بري واظب حتى الساعات التي سبقت فتح صناديق الاقتراع، على رعاية اتفاقات تجنّب كثيراً من البلدات الجنوبية معارك انتخابية"، مبيّنًا أن "هناك 127 بلدية جنوبية فازت بالتزكية، بينها 9 بلدات مسيحية، والنتائج ثبتت تمسك أبناء الجنوب بالخيار الذي يمثله الثنائي الوطني (أمل وحزب الله)".

جزين و"الاتحاد"

وفي حين أتت نتائج جزين مخالفة لنتائج الانتخابات النيابية التي انتزع فيها حزب "القوات اللبنانية" المقعدين المسيحيين في القضاء من "التيار الوطني الحر"، أوضح رئيس جهاز التواصل والإعلام في "القوات اللبنانية" شارل جبور، أن "القوات لم تنكر حضور "التيار" بمدينة جزين، لكن على مستوى القضاء يظهر التقدم لمصلحة القوات".

وركّز، في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، على أنّه "حتى الآن بيّنت النتائج تأثير "القوات" في 16 بلدية من أصل 30 في القضاء، وهذا يرجّح أن تؤول رئاسة الاتحاد إلى القوات"، لافتًا إلى أنه "حتى داخل مدينة جزين، تتفوق "القوات" بعدد الأصوات على "التيار"، إلّا إن تحالف الأخير مع النّائب إبراهيم عازار قلب الفوز لمصلحته".

مفاعيل "النيابية"

بدوره، شدّد مصدر في "التيار الوطني الحر" لـ"الشرق الأوسط"، على أنّ "القوات لم تفز بالانتخابات النيابية في جزين بأكثرية مسيحية، بل بفعل تحالفها مع أحزاب وقوى إسلامية في المنطقة"، مذكّرًا بأن "الأغلبية المسيحية في جزين صوتت في انتخابات 2022 لمصلحة "التيار"، لكن الانتخابات النيابية جرت على مستوى القضاء، واستطاعت "القوات" عبر تحالفاتها على مستوى القضاء، بما فيه مدينة صيدا (ذات الأغلبية السنيّة)، أن تنال نائبين عن منطقة جزين".

هل يتحين لبنان "فرصة تسوركوف" لتحرير أسراه من إسرائيل؟

كشفت مصادر دبلوماسية غربية لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن "الفرصة أصبحت متاحة لإعادة تحريك ملف إطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، بالتلازم مع الإفراج المرتقب عن الأكاديمية الإسرائيلية- الروسية إليزابيث تسوركوف، المحتجزة من قِبل كتائب "حزب الله" في العراق".

وأوضحت أنّ "الاتصالات للإفراج عن الأسرى اللبنانيين لا تزال مستمرة، ولا تقتصر على الدور الذي تقوم به هيئة الرقابة الدولية المشرفة على تثبيت وقف النار بين لبنان وإسرائيل، والوساطة التي تتولاها نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بعد أن توسعت، وانضمت إليها جهات دولية وإقليمية".

ولفتت المصادر الدبلوماسية إلى أن "لبنان لا يترك مناسبة إلا ويطالب بضرورة الإفراج عن الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل وعددهم 15 أسيراً، وهذا ما يتصدّر اللقاءات التي يعقدها رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام مع الموفدين الدوليين إلى بيروت، ولدى استقبالهما الجنرال الأميركي مايكل جي ليني الذي عُيِّن خلفاً لزميله الجنرال جاسبر جيفرز، رئيساً لهيئة الرقابة الدولية المشرفة على تطبيق اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل".

وذكرت "استناداً إلى ما لديها من معلومات استقتها من جهات رسمية لبنانية"، أن "الجنرال جيفرز لا يزال يشرف على تطبيق وقف النار إلى جانب زميله الجنرال المقيم ليني، ويشارك من كثب في الاتصالات للإفراج عن الأسرى اللبنانيين، والكشف عن مصير اللبنانيين الذين لا يزالون في عداد المفقودين وعددهم 65، غالبيتهم من المقاتلين في صفوف حزب الله".

كما أكّدت أنّ "قيادة "حزب الله" أعدت لائحة أولية بالأسرى اللبنانيين وعددهم 15 أسيراً، اعتقلت إسرائيل 7 منهم في أثناء فترة توسع الحرب في الجنوب، بينما أسرت الباقين وعددهم 8 خلال التزام لبنان باتفاق وقف النار وتمرُّد إسرائيل على تطبيقه، وامتناع الحزب عن الرد على خروقها".

وأفادت المصادر بأن "الحزب يطالب بالكشف عن مصير المفقودين للتأكد من صحة ما يتردد بأن إسرائيل أسرت بعضهم، وأن البعض الآخر سقط في أثناء اشتداد المواجهة في الجنوب، وهي ترفض الاعتراف بأسْرهم، وهذا ما يدعو لبنان الرسمي للإلحاح في الاتصالات الدولية لتبيان الحقيقة، مع أن إسرائيل باحتلالها عدداً من المواقع تعوق رفع أنقاض البيوت المدمرة للبحث عن المفقودين، رغم أن بعضهم سقط في المعارك؛ ولا تزال جثامينهم تحت الركام في البلدات الحدودية قبالة إسرائيل".

ولاحظت أن "اللائحة التي أعدها الحزب، وتتعلق بعدد أسراه، لا تتضمن اسم القبطان البحري اللبناني عماد أمهز الذي اختطفته إسرائيل في عملية إنزال بحري نفّذتها على شاطئ مدينة البترون، واقتادته أسيراً في أثناء وجوده في شقة كان قد استأجرها تقع على مقربة من مدرسة علوم البحار التي يتلقى فيها علومه للحصول على رتبة قبطان، كما أفادت زوجته لدى الاستماع إلى أقوالها من قِبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، المفوَّضة للتحقيق في اختطافه تحت إشراف القضاء المختص".

وشدّدت على أنّ "الاتصالات نشطة على أكثر من محور دولي وإقليمي، وتشمل بغداد، لتهيئة الظروف السياسية لإطلاق الأسرى اللبنانيين، بتكثيف الجهود لعلها تفتح الباب أمام التوصل إلى صفقة تؤدي للإفراج عنهم، بالتلازم مع إطلاق سراح الباحثة الإسرائيلية- الروسية تسوركوف".