اعتبر رئيس الجمهورية جوزاف عون خلال استقباله وفدًا إماراتيًا حضر إلى لبنان للطالاع على حاجات الدولة، أن "الاهتمام الذي ابداه رئيس الامارات محمد بن زايد آل نهيان في دعم لبنان والذي عبر عنه خلال زيارته الى أبو ظبي، يؤكد على عمق العلاقة الأخوية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين، وما وجود البعثة الإماراتية في بيروت اليوم الا الترجمة العملية لهذه العلاقة التي تنمو يوما بعد يوم، وهي مصدر شكر وتقدير الشعب اللبناني بكافة اطيافه".

ورحب الرئيس عون بالوفد وحمله تحياته الى رئيس الامارات، شاكرًا إياه على التجاوب الذي ابداه خلال القمة التي جمعتهما قبل أسابيع في أبو ظبي وارساله البعثة الى بيروت لدرس حاجات لبنان. وشدد على "محبة اللبنانيين للشعب الاماراتي الشقيق وقد ترجمت هذه المحبة في الكثير من الصروح الطبية والاجتماعية والثقافية التي تحمل اسم مؤسس الدولة في الشمال والجنوب والبقاع".

وأضاف: "ان المرحلة الراهنة تقتضي توسيع التعاون وتعميق مجالات التبادل والتكامل في اتجاهات عدة في التربية والحوكمة وإدارة القطاع العام الى مبادرات القطاع الخاص والاستثمارات المختلفة خصوصا في اقتصادات المستقبل، أي اقتصادات المعرفة والرقمنة والتكنولوجيا العالية وغيرها، وخبرة الاشقاء في دولة الامارات كبيرة في هذه المجالات".

ونوه الرئيس عون "بقرار سمو رئيس الدولة برفع الحظر عن مجيء الاماراتيين الى لبنان وبدء الرحلات الجوية التي تحمل اماراتيين الى وطنهم الاخر لبنان".

بدوره، عبر وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في الإمارات عبد الله ناصر لوتاه عن سعادته وأعضاء الوفد لوجودهم في بيروت كترجمة للزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس عون الى أبو ظبي ولتجاوب سمو رئيس الدولة مع الرغبة في تفعيل العلاقات اللبنانية – الإماراتية انطلاقا من الثقة بين الجانبين في مستقبل العلاقات بين البلدين إضافة الى المحبة الكبيرة التي تجمع الشعبين.

وقال إن "زيارة الوفد هدفها تحديد اطر الشراكة وتبادل المعطيات وان دولة الامارات ستكون الى جانب لبنان في تحقيق ما يصبو اليه وما عبر عنه الرئيس عون خلال محادثاته مع سمو رئيس الدولة. وسنعمل على تقديم كل ما يعزز التعاون المشترك وفق تسهيلات واسعة وتوجيهات صدرت عن سمو رئيس الدولة".

ثم تطرق الوفد الى ابرز المواضيع التي تهم لبنان وفي استطاعة دولة الامارات تقديم الدعم فيها.

وكان سبق اللقاء بين الرئيس عون والوفد الاماراتي اجتماع عمل تقني في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ضم الى أعضاء الوفد الاماراتي، المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير وعددا من مستشاري الرئيس عون، تم خلاله مناقشة اليات التعاون في مجالات متعددة ابرزها: تحديث وتبسيط الإجراءات الإدارية، والتحول الرقمي، وتطوير الإطار القانوني، وتعزيز فعالية المؤسسات العامة، وذلك ضمن برامج تبادل المعرفة والدعم الفني بين البلدين.

وخلال الاجتماع تم التأكيد على ان زيارة الوفد تشكل امتدادا لزيارة الرئيس عون الأخيرة الى أبو ظبي والتي كانت محطة أساسية لإعادة تفعيل التعاون الثنائي بين البلدين وبناء خارطة طريق مشتركة لهذا التعاون في مختلف القطاعات الحيوية.

الى ذلك، كانت للرئيس عون لقاءات سياسية وتربوية.

سياسيا، استقبل رئيس الجمهورية النائب الان عون الذي أجرى معه جولة افق تناولت الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة. كما تم خلال اللقاء تقييم الانتخابات البلدية والاختيارية والخطوات اللاحقة بالنسبة الى الاستحقاق الانتخابي النيابي.

كذلك، استقبل الرئيس عون النائب ادغار طرابلسي والسيد ايلي موصللي، وتناول البحث شؤونا تربوية ووطنية.

واستقبل الرئيس عون، وفدا من جامعة هايكازيان برئاسة بول هايدوستيان، الذي القى كلمة في بداية اللقاء شكر فيها الرئيس عون على إستقباله الوفد، وقال: "نتشرف بحضورنا إليكم، لمناسبة إحياء اليوبيل الماسي للجامعة، التي تحتفل بمرور 70 سنة على إنشائها."

وأضاف: "لقد إنطلقت الجامعة في العام 1940، وبشكل رسمي في العام 1955 كمؤسسة متواضعة لتدريب أساتذة المعاهد الأرمنية الإنجيلية، وتحولت لاحقا الى مؤسسة وطنية"، مشيرا الى انها "غدت جامعة في قلب بيروت، قوامها الإيمان، وهي ملتزمة بالمبادىء الأكاديمية الراقية، بدعم سخي من المؤمنين برسالتها."

واكد "ان هايكازيان جمعت التعلق بالجذور واعرق التقاليد الى أكثر التطلعات والمشاريع تجددا وتطورا، وصولا الى تحقيق مشروع إطلاق صواريخ الأرز الشهير في العام 1961"، منوها "بالرؤيوية التي ميزتها منذ إنطلاقتها، لا سيما لجهة الشراكة بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية"، ومشيرا الى "ان البرامج التي تقدمها الجامعة اليوم تضم شهادات الماستر في العديد من الاختصاصات إضافة الى برامج التربية المستدامة والأبحاث المختلفة".

وإذ أوضح ان الوفد يضم في عداده الى أعضاء من مجلس الأمناء ومسؤولين عن مختلف الكليات والجهاز الإداري، عددا من ممثلي الطلاب، فإنه أشار الى "ان الجامعة تولي إهتماما يوميا مميزا لأبرز مصادر غنى لبنان: طاقاته الشبابية، لا سيما في الوقت الذي يبدو فيه الأمل ضئيلا"، وقال: "أجل، نحن نواصل بحزم، دعم شبيبة لبنان، مؤمنين بأن مستقبل هذا الوطن مسؤولية مشتركة. وكلنا ثقة، فخامة الرئيس، انه في ظل قيادتكم، وبدعم من الحكومة والطاقات المجتمعية، فإنه بإمكاننا ان نساهم في تطوير ونمو وطن مستقر، ينحو صوب اعلى مراتب العلم والعمل، والحوكمة، والإحترافية، الى جانب الأخلاقيات. وهكذا فإنه مع كل خطوة بسيطة، يمكننا ان نرتقي الى امل أكبر. ونؤكد لكم، فخامة الرئيس، وقوفنا الى جانبكم، داعمين لكم، في مسيرتكم النبيلة التي تقودونها. ومعكم، نحن ملتزمون القيام بدورنا في بناء لبنان، الوطن الغني بالآمال الكبار".

ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، ومهنئا الجامعة على إحتفالها باليوبيل الماسي على إنشائها. وقال: "إن أسمى إستثمار يمكن القيام به هو الإستثمار في الإنسان"، مؤكدا "ان لا خوف على لبنان بوجود أجيال الخريجين والمفكرين الذين يزخر بهم هذا الوطن".

وأشار رئيس الجمهورية الى انه "إذا القينا نظرة من البرازيل الى أستراليا، فمن النادر إيجاد مشروع كبير الإ وفيه لبنانيون، او بصمة لبنانية ما يشكل قيمة مضافة للبنان في الخارج"، وقال: "علينا كدولة ان نؤمن الاستقرار السياسي والإقتصادي والأمني للسماح للأجيال الشابة ان تبقى في لبنان وتحتفظ بجذورها".

واكد الرئيس عون ان الجامعات، "بفضل محبتها لهذا الوطن وروح الصمود لدى القيمين عليها، وإيمانها بالقيم التي تختزنها، ساهمت في إبقاء القطاع التربوي بطاقاته صامدا"، مشددا على "ان العلم يبقى كنز لبنان الأساسي".

وأشار رئيس الجمهورية الى ان "ابرز تحد يواجهنا اليوم هو إعادة الثقة بين اللبنانيين ودولتهم من جهة، وبين لبنان والخارج ولا سيما مع العالم العربي من جهة ثانية. ونحن بدأنا المسيرة، وسنكمل في هذا الإتجاه"، مؤكدا انه "تترتب علينا مسؤولية تأمين الاستقرار لإعادة هذه الثقة التي، متى تحققت، سيجد شباب لبنان أنفسهم امام خلق فرص جديدة لهم، وسيتشجع من في الخارج من بينهم للعودة للبنان. وقد بدأت إستعادة الثقة بوضع القطار على السكة منذ تشكيل الحكومة، وبدأت الدولة تستعيد مكانتها ودورها. نحن لدينا الإرادة، وهدفنا واضح امامنا، وسنكمل المسيرة على الرغم من كافة التحديات".