أشارت صحيفة "الجريدة" الكويتية، إلى أنّ "مقاربة "حزب الله" لمسألة نزع السلاح والوضع في الجنوب اللبناني، تتباين بوضوح مع المقاربة الدولية والإقليمية المطروحة. فوفقاً لرؤية الحزب، فإنه قام بترتيب أولوياته لتتناغم مع ما يعتبره التزامات واتفاقات قطعتها واشنطن، التي رعت اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل".
وأوضحت أنّ "في سياق هذا الترتيب، يضع "حزب الله" في الطليعة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، يتلوه وقف كل أشكال الاعتداءات الإسرائيلية، بما في ذلك تحليق الطائرات الحربية والمسيّرة في أجواء لبنان. بعدها، يأتي حل قضية الأسرى اللبنانيين، لتُفتح إثر ذلك صفحة واضحة لمسار إعادة الإعمار في المناطق المتضررة".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ "في ختام هذه السلسلة، يصبح الحزب مستعداً للانخراط في حوار مباشر مع الدولة اللبنانية لمعالجة ملف سلاحه، وذلك في إطار رؤية شاملة تستند إلى استراتيجية دفاعية، أو مقاربة متكاملة للأمن الوطني"، مبيّنةً أنّ "في المقابل، تتبنى المقاربة الدولية والإقليمية رؤية مغايرة تماماً، قوامها تكثيف الضغوط على لبنان للإسراع في تفكيك قدرات "حزب الله" العسكرية، من خلال فرض جدول زمني صارم لنزع السلاح يبدأ من جنوب الليطاني، ويمتد شمالاً نحو البقاع. يعقب ذلك الانتقال إلى مرحلة تثبيت ترسيم الحدود البرية، وإنهاء ملف الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، في حين يُرجأ مسار إعادة الإعمار إلى وقت لاحق، ليُعاد ترتيبه وفق الأولويات الدولية".
وركّزت على أن "وسط هذا التباين الحاد، تواصل الموفدة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس، بلورة تصور لحل شامل يسعى إلى تجسير الهوة بين الرؤيتين من خلال صيغة توفيقية متوازنة، تقوم على معادلة أساسية: وقف الضربات الجوية الإسرائيلية، مقابل استكمال الجيش اللبناني انتشاره في الجنوب وتفكيك البنية العسكرية للحزب".
كما ذكرت أنّ "بالتزامن مع هذا التفكيك، ينص مقترح أورتاغوس على انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق اللبنانية التي ما زال يحتلها، يتبعه إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، لتلي ذلك صياغة ترتيبات أمنية جديدة بإشراف لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي تترأسها واشنطن، بهدف ضمان استقرار المنطقة ومنع أي انزلاق لتصعيد عسكري جديد. وعقب تثبيت هذه الترتيبات، تُفتح الطريق أمام مفاوضات لترسيم الحدود البرية والبحرية، ومن ثم إطلاق عملية إعادة الإعمار وفق جدول زمني مُتفق عليه".
وأفادت مصادر مطلعة، بحسب "الجريدة"، بأن "أورتاغوس تقترب من استكمال مسودة هذا الطرح، تمهيداً لعرضه على المسؤولين الإسرائيليين، ومحاولة انتزاع موافقتهم الأولية. وفي حال نجحت في ذلك، ستتوجه إلى بيروت لمناقشة تفاصيله"، مؤكّدةً أنّ "نجاح هذا المسعى سيكون إنجازاً سياسياً كبيراً لأورتاغوس، وخطوة مهمة نحو نزع فتيل التصعيد المستمر على الجبهة الجنوبية للبنان، في ظل التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة بشن عمليات عسكرية أوسع".
وأضاف الصحيفة: "في موازاة مساعيها لانتزاع موافقة لبنانية، تستعد أورتاغوس لاستخدام وسائل ضغط متعددة في مقدمتها التلويح بحجب التمويل بشكل كامل أو جزئي عن قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)"، مشدّدةً على أنّ "هذا الضغط يترافق مع رسائل واضحة، تفيد باحتمال عدم التمديد لـ"اليونيفيل"، أو على الأقل تقليص عديدها بشكل كبير، في مقابل توسيع صلاحيات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار وتطوير دورها، لتصبح الجهة الأساسية المعنية بوضع الترتيبات الأمنية اللازمة في الجنوب".
ورأت أنّ "من شأن هذه الأدوات مجتمعة أن تشكّل ورقة ضغط حيوية في يد أورتاغوس، لدفع لبنان إلى التماشي مع مقترحها وضمان تحقيق اختراق فعلي في هذا الملف الشائك"، خاتمةً أنّ "في ضوء هذه المعطيات، يلوح في الأفق مسعى أميركي متكامل يسعى إلى بلورة صيغة توفيقية توازن بين الأولويات المتناقضة للحزب والمجتمع الدولي، مع الحرص على تثبيت معادلة الردع التي تحول دون انزلاق الأوضاع الميدانية نحو التصعيد. غير أن نجاح هذا المسعى يبقى رهناً بمدى استعداد الأطراف للانخراط في حوار جدي يأخذ بالاعتبار توازنات القوى، وحسابات الربح والخسارة على المستوى الإقليمي، في ضوء المفاوضات النووية بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإيران".
اقرأ المزيد: https://www.aljarida.com/article/99481