أشار رئيس تيّار "الكرامة" النّائب فيصل كرامي، في كلمة بذكرى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي، إلى أنّه "مضى عام آخر، وماتت أشياء وأسماء ووجوه، ويبقى رشيد كرامي، سيرة ومسيرة وذكرى لا تموت".
وقال "أعيد التذكير بأن شهيدنا الكبير مات مظلومًا. فهو لم يكن جانبًا في الحروب الأهلية التي نهشت الوطن، ولم يكن راعيًا لميليشيا، ولم يحد لحظة عن تمسكه بوحدة وعروبة لبنان، ولم يكف لحظة عن العمل من أجل الوصول إلى تسوية قائمة على الوحدة الوطنية لإنقاذ البلاد عبر الحوار والتوافق. لكن كل ذلك لم يشفع له، ونالت منه يد الغدر في يوم أسود يشبه وجوه القتلة".
وأضاف كرامي "نحن عروبيون. والعروبة خيارنا ومصيرنا، وقدّمنا أغلى الناس، الرئيس رشيد كرامي شهيداً على مذبح عروبة لبنان. واليوم، مع المفترقات الكبرى التي تشهدها المنطقة العربية، لدينا ثقة مطلقة بالمسار العروبي الذي تقوده السعودية، وبقدرة هذا المسار على الحفاظ على حقوق الدول والشعوب العربية".
وأكّد على "تمسكنا بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرض فلسطين التاريخية، دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف. كما نؤكد على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه في مواجهة الاحتلال، وفي العمل بشتى الوسائل لتحرير أرضه، وهو حق أقره ميثاق الأمم المتحدة".
ولفت إلى أنّ "التعاطي الوطني الذي يقوده الرئيس جوزاف عون مع ملف حصر السلاح بيد الدولة، يمثل منتهى الحكمة ومنتهى المسؤولية. ونحن معه، نؤمن أن كل ملفاتنا الداخلية لا يمكن مقاربتها سوى بالحوار. ونؤكد على ما قاله الرئيس عون بان المطلوب السرعة وليس التسرّع، لأن اي مقاربة لهذا الملف بشكل متسّرع تؤدي الى التصادم الداخلي الذي لا نريده، كما نؤكد أن العدو الإسرائيلي هو من يعرقل انطلاق الحوار الوطني بين اللبنانيين عبر اعتداءاته و استباحته التي لم تتوقف وتجاهله لتطبيق الاتفاق 1701، وأن على الولايات المتحدة الأمريكية، وقبل أن تمارس ضغوطها على لبنان، أن تمارس هذه الضغوط على دولة الاحتلال".
وتابع: "لقد منحنا الحكومة الحالية ثقتنا، لكن الأيام تظهر أن عناوين التغيير والإصلاح والمساءلة لا تزال أكبر من هذه الحكومة، ونحن نرى أن البدء في تطبيق اتفاق الطائف نصًا وروحًا هو المفتاح للوصول إلى هذه العناوين الكبرى. والإصلاح ليس كلامًا في الهواء، بل هو إرادة وقرار، يحتاجان إلى رجال حكم إصلاحيين يمثلون الشعب اللبناني ويمتلكون جرأة خوض هذه التحديات، ونحن مؤمنون بأن الاصلاح آتٍ وان الشعب اللبناني سيكون الداعم الاكبر لهذا الاصلاح".
وأشار كرامي إلى أن "علاقتنا بسوريا رسمها القدر عبر التاريخ والجغرافيا، وما ترسمه الأقدار لا تبدله المتغيرات. ونحن كنا وما زلنا مع وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، ومع ما يختاره السوريون لأنفسهم، ونتمنى لسوريا استعادة الاستقرار والامان لأن ما يصيب سوريا حكماً يصيب لبنان".
وقال للطرابلسيين مباركًا لهم انتخاب مجلس بلدي جديد "دعوني أوضح أننا في تيار الكرامة خضنا المعركة بوصفها سباقًا ديمقراطياً تحت عنوان الإنمـاء، وحققنا الفوز في عدد من البلديات. ومعاذ الله أيها الإخوة القول ان السياسة تُعيب الانتخابات، كما يحلو للبعض أن يروجوا، لأن ما يعيب فعلًا هو الفساد، سواء كان معششًا داخل الجسم السياسي أو خارجه. وقد تعرضنا في هذه الانتخابات لهجوم بعض الممسوسين على خلفية أننا سياسيون، وكنتيجة بديهية كما يدعون، فإن كل سياسي فاسد بالضرورة. هذا محض افتراء، والأهم أنه محض تدليس، لأن هؤلاء لا يهاجمون الفاسدين حقًا وصدقًا، وإنما يتقصدون تشويه صورتنا كتيار بكل رموزه، ولو أردت الانجرار إلى السفه لسميت لهم من هم الفاسدون و لتحديتهم في مهاجمتهم إن كانوا صادقين، لكنني أربأ بنفسي عن هذه المهاترات مكتفيًا بالقول إن السياسة كما نفهمها كانت دائمًا وتبقى منتهى الرقي في العمل وفي خدمة الناس والمصلحة العامة".
وشدد كرامي على أن "دم رشيد كرامي لا يسقط بتقادم الزمن، وهذا الدم لم يكن يومًا عنوان تخريب أو احتراب، ولن يكون. وأكرر كما كل سنة وكل ذكرى أننا طلاب عدالة ولسنا طلاب انتقام وشعارنا كان ويبقى: لم نسامح ولن ننسى. وإني أعاهدك أيها الرشيد بأن أحب لبنان بكل أطيافه وطوائفه ومكوناته ومميزاته كما أحببته، وبأن أسعى في نهج الوحدة الوطنية مناديًا بالحوار والتوافق مهما كانت الاختلافات في الشؤون السياسية".
إلى ذلك، شارك فيصل كرامي وشقيقه خالد، إلى جانب مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، ورئيس بلدية طرابلس عبد الحميد كريمة، في قراءة الفاتحة على ضريح رشيد كرامي.