توجّه رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، في بداية لقاء ثنائي عقده مع ملك الأردن عبدالله الثاني في قصر بسمان في عمّان، أعقبته محادثات موسّعة على مأدبة غداء عمل أقامها الملك الأردني على شرف الرّئيس عون والوفد المرافق، بالشّكر على "حفاوة الاستقبال الّتي تعكس ما يجمع البلدين والشّعبَين الشّقيقَين من علاقات اخوّة متجذّرة في التّاريخ، وعلى الدّعم الّذي لا يزال الأردن يقدّمه للبنان وشعبه خلال الظّروف الّتي مرّ بها، وخصوصًا الدّعم الأردني للجيش اللبناني".
وأشار إلى "أهميّة التّعاون والتّنسيق الأمني والعسكري، لاسيّما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظّمة وتهريب المواد المخدّرة"، مشدّدًا على "أهميّة تعزيز التّبادل التّجاري، وسبل تطوير العلاقات الاقتصاديّة وزيادة حجم التّبادل التّجاري بين البلدين، ودرس إمكانيّة جذب الاستثمارات المشتركة، خاصّةً في قطاعات الطّاقة والبنية التّحتيّة"، لافتًا إلى "فوائد التّعاون في هذا المجال، واستكشاف الفرص في مشاريع الطّاقة المتجدّدة والتّبادل في مجال الكهرباء".
وتطرّق الرّئيس عون إلى الوضع في الجنوب اللّبناني، فأكّد "موقف لبنان الملتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرّقم 1701، في وقت تواصل إسرائيل اعتداءاتها على القرى الجنوبيّة وعلى الضاحية الجنوبية من بيروت، وتستمر في احتلال أراضٍ لبنانيّة، وتمتنع عن إعادة الأسرى اللّبنانيّين على رغم الاتفاق الّذي تمّ التّوصّل إليه في تشرين الثّاني الماضي برعاية أميركيّة وفرنسيّة؛ ومُدّدت مفاعيله حتّى 18 شباط الماضي".
وأعلن أنّ "الجيش اللبناني انتشر في القرى والبلدات الّتي تقع جنوب الليطاني، ونفّذ إجراءات ميدانيّة تطبيقًا لقرار حصريّة السّلاح، لكن استمرار احتلال إسرائيل للتّلال الخمس وانتهاك الإتفاق يعرقلان استكمال انتشار الجيش حتّى الحدود، ما يُبقي التّوتر قائمًا"، شاكرًا في هذا السّياق، الملك الأردني على "دعم بلاده للمواقف اللّبنانيّة حول هذا الموضوع وغيره في المحافل الإقليميّة والدّوليّة".
كما تناول مسألة النازحين السوريين بعد التّطوّرات الأخيرة في سوريا و"زوال أسباب استمرار نزوحهم، خصوصًا أنّ لبنان والأردن يستضيفان أعدادًا كبيرة منهم"، فشدد على "أهميّة التّنسيق وتبادل الخبرات في إدارة هذا الملف، مع التّركيز على ضرورة تسهيل العودة الآمنة لهم، والطّلب إلى المنظّمات الدّوليّة تقديم المساعدات المادّيّة والعينيّة لهم في سوريا، وليس في البلدان الّتي تستضيفهم، بهدف تشجيعهم على العودة وتوفير مقوّمات الحياة لهم؛ خصوصًا بعد القرار الأميركي برفع العقوبات عن سوريا".
من جهة ثانية، أعرب الرّئيس عون عن إدانته بشدّة "المجازر الّتي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، والّتي لا تزل مستمرّة على رغم المواقف العربيّة والدّوليّة المندّدة لها"، مركّزًا على أهميّة "تنسيق المواقف بين الدّول العربيّة لمواجهة الانتهاكات الإسرائيليّة، والتمسّك بالمبادرة العربيّة للسّلام الّتي أقرّتها القمّة العربيّة في بيروت العام 2002 والّتي تقوم على حل الدولتين". وأكّد "رفض لبنان لمخطّطات تهجير الفلسطينيّين من أرضهم ومقولة "الوطن البديل".
وعن العلاقات اللّبنانيّة- السّوريّة بعد التطوّرات الأخيرة في سوريا، أوضح أنّ "التّنسيق قائم مع السّلطات السّوريّة لمعالجة المسائل المتّصلة بالأوضاع على الحدود المشتركة وضبطها، وأنّ لجانًا عسكريّةً مشتركةً تعمل في هذا الاتجاه".
وذكر مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة، أنّ "خلال المحادثات، تقرّر تفعيل التّعاون المشترك بين البلدين، والعمل على تشكيل آليّة تنسيق عليا تضمّ الوزارات المعنيّة بالتّعاون المباشر في قطاعات الطاقة والكهرباء والزّراعة والقطاع الطبّي، إضافةً إلى مواضيع أخرى سيتمّ تفعيلها أيضًا. وتمّ الإتفاق على عقد اجتماعات ثنائيّة بين الوزراء والمختصّين في كلا البلدين، لوضع ما اتُفق عليه موضع التّنفيذ".
وفي مستهل المحادثات، هنّأ رئيس الجمهوريّة الملك الأردني على تأهّل منتخب بلاده للتّصفيات النّهائيّة لكأس العالم لكرة القدم الّتي ستقام في العام 2026 في القارة الأميركيّة، ووجّه إليه دعوةً لزيارة لبنان.
وكان الرّئيس عون والملك عبدالله قد وصلا إلى قصر بسمان ظهر اليوم في سيّارة واحدة قادها ملك الأردن.
وبعد انتهاء المحادثات الموسّعة، اصطحب الملك عبدالله الرّئيس عون في سيّارته إلى مطار ماركا العسكري مودّعًا، ليغادر بعدها رئيس الجمهوريّة والوفد المرافق إلى بيروت، الّتي وصلها نحو السّاعة الثّانية من بعد ظهر اليوم، مختتمًا زيارة رسميّة للأردن.
وقد شارك في المحادثات عن الجانب اللبناني: القائم بأعمال السفارة اللبنانية في الاردن جورج فاضل، المستشار الشخصي للرئيس عون العميد اندريه رحال، المستشار السياسي جان عزيز، الناطقة باسم رئاسة الجمهورية نجاة شرف الدين، مستشارة رئيس الجمهورية للتعاون الاقتصادي الدولي روعة حاراتي، ومدير الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.
أما عن الجانب الاردني فشارك: نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ايمن الصفدي، مدير مكتب الملك علاء البطاينة، وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء عبد الله العدوان، رئيس بعثة الشرف المرافق الضيف، والسفير الاردني لدى لبنان وليد الحديد.