لا شكّ أن كلّ ما حصل في الأيام الماضية من تطورات لناحية سماح الولايات المتحدة الأميركية لموظفيها بمغادرة الكويت والبحرين بسبب تصاعد التوتر في الشرق الأوسط أو حتى رفع حالة الاستعداد في القواعد الأميركية في الشرق ما هي الا مؤشرات على إمكانيات إقتراب توجيه ضربة لايران.

قد يرى البعض أن مثل هذا الكلام مستغرب في ظلّ إستمرار المفاوضات بين الولايات المتحدة الاميركية من جهة وإيران من جهة أخرى. إلا أن مراقبين يرون أنه "لا يمكن فصل ما يحدث في الولايات المتحدة الاميركية وتحديدا في ولاية لوس أنجلس وبين هذا الأمر"، إذ يعتبرون أن "الاحتجاجات قد لا تكون "بريئة" خصوصا وأنها إندلعت بعد التباين الذي حصل بين أميركا واسرائيل حول توجيه الضربة لايران، وبالتالي قد يكون كلّ ما يحصل هو في إطار الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتغيير موقفه بشأن الضربة".

قد يكون هذا الكلام هو الأقرب الى الواقعيّة فمهما تغيّرت موازين القوى بعد سيطرة الولايات المتحدة على الشرق سيكون للضربة الاميركية الاسرائيلية على إيران تداعيات كارثية على ​الاقتصاد العالمي​ وأولها على سوق النفط، نظرًا لدور إيران المحوري في الإنتاج والتصدير. ويشرح الخبير الاقتصادي ميشال فياض أن "إيران تنتج 3.2 مليون برميل يوميًا، وتُصدر ما يقرب من 1.5 مليون برميل يوميًا، معظمها إلى الصين. وأي هجوم يستهدف البنية التحتية النفطية أي المصافي ومحطات التصدير قد يؤدي إلى انخفاض كبير في هذا الإنتاج، مما يُسبب انكماشًا في المعروض العالمي".

حتماً ستؤدي التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج العربي، حيث يمر 20% من نفط العالم عبر ​مضيق هرمز​، إلى ارتفاع الأسعار بشكل متوقع. ويرى ميشال فياض أن " منشورات أكدت ارتفاع سعر خام برنت إلى 70 دولارًا للبرميل، وخام غرب تكساس الوسيط إلى أعلى مستوى له منذ نيسان 2025، تماشيًا مع مخاوف التصعيد وقد يدفع الهجوم سعر خام برنت إلى ما يزيد عن 100 دولار أو حتى 130 دولارًا في بعض السيناريوهات القصوى، وعندها من المتوقع أن ترد إيران بإغلاق ممرّ هرمز الاستراتيجي"، مشيرا الى أن "هذا الامر سيؤدي الى تعطيل الإمدادات إلى دول مثل السعودية والعراق والإمارات كما سيؤدي هذا إلى تفاقم ارتفاع الأسعار"، مضيفاً: "كما نوقش في تحليلات سابقة حيث وُصف الحصار بأنه "الورقة الرابحة" لإيران، وبالتالي فإن هذا الاغلاق للمضيق إن حصل سيرفع سعر برميل النفط إلى 200 دولار".

غالبًا ما تتفاعل أسواق النفط بارتفاع أولي يتبعه تصحيح إذا كان الضرر محدودًا، على سبيل المثال، بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل في تشرين الأول 2024، ارتفع خام برنت قبل أن يستقر. هنا يشير ميشال فياض الى أن "ارتفاع سعر النفط سيؤدي إلى زيادة تكاليف الطاقة والنقل والسلع، مما يؤدي إلى زيادة التضخم، لا سيما في الاقتصادات المعتمدة على واردات النفط أي أوروبا والهند واليابان"، مشيرا ً الى أن "أكسفورد إيكونوميكس توقعت أن سعر برميل النفط البالغ 130 دولارًا قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود بسبب ارتفاع التكاليف وتراجع الطلب. وستكون الدول الناشئة، مثل تلك الموجودة في أفريقيا وجنوب آسيا، أكثر عرضة للخطر"، لافتا الى أنه "يمكن لأعضاء آخرين في أوبك، مثل السعودية، زيادة إنتاجهم لتعويض أي نقص في الإمدادات الإيرانية، مما يحد من ارتفاع الأسعار على المدى المتوسط كما يمكن للولايات المتحدة ودول أخرى السحب من احتياطياتها النفطية لتحقيق استقرار الأسواق، كما كان متوقعًا خلال الأزمات السابقة".

إذاً، ستُجرى جولة مفاوضات بين الولايات المتحدة وايران في نهاية الاسبوع ولكن يبدو أن القرار بضربة عسكريّة إتخذ وحتما سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي... والسؤال: "فهل ينجح بنيامين نتانياهو بإغراق الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مستنقع الحرب"؟.