بخلاف ما كان متوقعًا، تأجّلت انطلاق المرحلة الأولى من عملية سحب السلاح الفلسطيني من ثلاث مخيمات في بيروت (شاتيلا، وبرج البراجنة، ومار الياس)، في إطار خطة الدولة لبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيدها، وترجمة للاتفاق بين الرئيسين اللبناني جوزاف عون، والفلسطيني محمود عباس، الذي زار لبنان في 21 أيار الماضي.
وأكدت مصادر مسؤولة لـ"النشرة"، أن تأجيل سحب السلاح لا يعني التراجع عن القرار، وإنما الحاجة إلى المزيد من الوقت للتشاور والتنسيق على مستويين: فلسطيني–لبناني، للاتفاق على الآليات التفصيلية من الألف إلى الياء، وفلسطيني–فلسطيني، للاتفاق على رؤية موحّدة تُحاكي مقاربة الملف بشمولية، وعدم حصره بالجانب الأمني فقط.
وأوضحت أن لا رابط مباشرًا بين التأجيل واندلاع الحرب الإسرائيلية–الإيرانية بدعم أميركي، ودخول لبنان والمنطقة في مرحلة الانتظار ترقّبًا لنتائجها وتداعياتها، وقد تعذّر وصول الوفد الفلسطيني الرسمي من رام الله بسبب إقفال المعبر، بينما لم تُسجَّل أي اتصالات لعقد لقاء لـ"لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني" برئاسة السفير رامز دمشقية، وفقًا لما كان مقررًا.
وأبلغت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، عن استغراب لبناني من إعلان "مسؤول فلسطيني" عن تأجيل جمع السلاح من مخيمات اللاجئين في لبنان إلى موعد غير محدد، وذلك "بسبب الأوضاع الراهنة في المنطقة"، وفقًا لما نقلته وكالة "وفا" الرسمية، رغم التأكيد على التعاون المشترك والالتزام بالبيان الرئاسي اللبناني–الفلسطيني في قمة بيروت.
ووفقًا للمصادر، فإن الاستغراب اللبناني وصل إلى حد الاستياء من إعلان التأجيل على لسان "رئيس اللجنة العليا لمتابعة الشأن الفلسطيني في الساحة اللبنانية" (ولم تسمّه)، وأن "الأجهزة الأمنية والعسكرية الفلسطينية ستباشر بالتعاون الكامل مع السلطات الأمنية اللبنانية، وفق الاتفاق، عندما تسنح الظروف، وبعد استكمال الاستعدادات الضرورية".
حراك فلسطيني
وقد استدعى هذا الأمر تحرّكًا دبلوماسيًا–سياسيًا للسفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، الذي زار القصر الجمهوري والتقى الرئيس عون، ومقر المديرية العامة للأمن العام والتقى مديرها العام اللواء يوسف شقير، مؤكدًا على احترام الشعب الفلسطيني وقيادته لسيادة لبنان وبسط سلطته على كافة أراضيه، بما فيها المخيمات الفلسطينية، وفقًا لما جاء في خطاب القسم والبيان الرئاسي المشترك خلال القمة اللبنانية–الفلسطينية، وعلى الالتزام بالتعاون المشترك والتنسيق الكامل مع الدولة اللبنانية.
توازيًا، علمت "النشرة" أن الأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور أسامة سعد دخل على خط المساعي الحميدة، ومن المقرر أن يطلق مبادرة حول الملف الفلسطيني وما يتعلق منه بالسلاح تحديدًا، بعدما رُصِدت له زيارتان: الأولى للسفير دبور في مقر السفارة في بيروت، والثانية لرئيس الحكومة القاضي نواف سلام في السراي الحكومي، بحضور مدير مكتبه طلال أرقَدان.
وأشار البيان الرسمي إلى أن سعد بحث مع الرئيس سلام أوضاع المخيمات والظروف الإنسانية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، في ظل تقليص خدمات “الأونروا”، مشددًا على ضرورة أن تولي الحكومة هذا الملف أولوية خاصة، والتواصل مع المنظمة الدولية لإعادة تفعيل وتوسيع نطاق خدماتها في لبنان.
رؤية مشتركة
وفيما لم تُفصح مصادر سعد عن ماهية المبادرة التي سيُعلن عنها بانتظار اكتمال باقي التحضيرات في الأيام القليلة المقبلة، أصدر كل من تحالف القوى الفلسطينية، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والقوى الإسلامية، وحركة أنصار الله "رؤية فلسطينية مشتركة خاصة بمقاربة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"، بصيغتها الرسمية، داعية إلى أن تكون "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" الإطار المشترك للحوار مع الدولة اللبنانية. وأن تكون المقاربة شاملة، على أن تكون إدارة الوضع الأمني وضبطه في المخيمات من مسؤولية "القوة الأمنية المشتركة" في كل مخيم، وبإشراف "الهيئة"، وبالتنسيق الكامل مع الجيش ومخابراته.