من يعتقد أن جلسة الإثنين المقبل التي يعقدها مجلس النواب بجدول أعمال ستكون جلسة تشريعية فهو مخطئ تماماً، ومن يظنّ بأن الهمّ الأول لنواب الأمة وعلى مختلف إنتماءاتهم وأحزابهم وتياراتهم سيكون في الجلسة المذكورة، التشريع وإصدار قوانين لصالح وخير المواطنين، فظنُّهُ هذا هو في غير محلّه، نعم جلسة الإثنين النيابية ستشهد سجالاً سياسياً إنتخابياً من العيار الثقيل عنوانه تصويت اللبنانيين غير المقيمين.
وبهذا السجال سنكون أمام أكثر من رأي وبخلفيات تختلف كل واحدة منها عن الأخرى إنطلاقاً من حسابات كل فريق أو حزب أو كتلة نيابية.
رأي يصرّ على تعديل قانون الإنتخاب الحالي والغاء المقاعد الستة التي خصصها القانون الحالي للبنانيين المغتربين، كل ذلك سعياً وراء إستبدالها بالسماح للبنانيين المنتشرين في مختلف دول العام بالتصويت ومن مكان سكنهم للمقاعد المخصصة لدوائرهم الإنتخابية في لبنان أي بمحاولة لتكرار ما حصل في دورتي 2018 و2022 الإنتخابيتين. أصحاب هذا الرأي أصبحوا معروفين وعددهم 68 نائباً من القوات اللبنانية والتغييريين والحزب الإشتراكي والكتائب والطاشناق وتكتل الإعتدال وبعض المستقلين، أما خلفيتهم فتوسعة رقعة تأثير الصوت الإغترابي على المقاعد الـ128 وعدم حصره بستة نواب فقط، الأمر الذي يقتنع أصحاب هذا الرأي بأنه سينعكس سلباً على حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر.
رأي آخر يرفض رفضاً قاطعاً تعديل القانون الإنتخابي بهدف السماح للمغتربين اللبنانيين بالتصويت للمقاعد المخصصة لدوائرهم في لبنان وأصحابه هم حزب الله وحركة أمل وحلفاؤهما أما خلفيتهم فتتمثل باللاعدالة التي يفرضها هكذا تعديل على العملية الإنتخابية، كيف لا وحزب الله مدرج على لوائح الإرهاب وبالتالي هو غير قادر الى إرسال مرشحيه الى عدد كبير من الدول الأجنبية والعربية لإقامة حملات إنتخابية هناك ومخاطبة الناخبين، هذا فضلاً عن أن عدداً كبيراً من هذه الدول لا تعطي شخصيات الحزب تأشيرات دخول اليها، كل ذلك من دون أن ننسى الضغوط التي تُمارس من هذه الدول على الناخب اللبناني الذي يعيش على أراضيها.
وفي هذا السياق تكشف معلومات "النشرة" أن ثنائي الحزب-أمل يرفض حتى إقتراع المغتربين للمقاعد الستة وأفضل سيناريو بالنسبة اليه هو منع المغتربين من المشاركة في العملية الإنتخابية والخلفية طبعاً هو تخفيف حجم الخسائر التي يمكن أن تلحق به في صناديق الإقتراع خصوصاً بعد حرب غزة والحرب الأخيرة على لبنان وما تلاها من حرب بين ايران واسرائيل والولايات المتحدة الأميركية والتي خرج منها ما كان يُعرف بـ"محور الممانعة" بخسائر قاسية وضربات نوعية موجعة.
أما الرأي الثالث فيتمسك بالمقاعد الستة المخصصة للبنانيين غير المقيمين إنطلاقاً من قناعته بحقهم بهذه المقاعد. صاحب هذا الرأي هو التيار الوطني الحر والخلفية هي إقتناع رئيسه النائب جبران باسيل بأنه يجب أن يتمثل الإغتراب بنواب من مكوناته الإغترابية، يعرفون همومه ويتابعون مشاكله، هذا من دون أن ننسى بأن باسيل كان عرّاب إقتراح إضافة هذه المقاعد الستة يوم كان وزيراً للخارجية والمغتربين.
لكل ما تقدم، وبما أن رئيس المجلس نبيه بري لم يُدرج اقتراح قانون تعديل قانون الإنتخاب المقدم من النواب الـ68 على جدول أعمال جلسة الإثنين على رغم أنه قُدّم بصفة المُعجّل المُكرّر، من المتوقع أن تتحول الجلسة الى كرنفال إنتخابي يطلق رسمياً صافرة البداية لمعركة العام 2026 النيابية.