تضررت المناعة القومية الإسرائيلية بشكل ملحوظ خلال الحرب التي شنتها إسرائيل ضد إيران، وذلك على إثر استمرار حروب إسرائيل على غزة ولبنان وسوريا واليمن لفترة طويلة إلى جانب تقاطب اجتماعي واسع، الذي تصاعد بسبب تسييس جوانب وظواهر معينة خلال هذه الحروب، بينها تراجع الثقة بمؤسسات الحكم والتضامن الاجتماعي والتفاؤل والأمل بين المواطنين، بحسب تقرير نشره "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب.
وذكر التقرير أن استمرارية العمل والحفاظ على الروتين المدني في إسرائيل سجل تحسنا كبيرا، على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وعودة الكثيرين من سكان شمال إسرائيل إلى بلداتهم، لكن الحرب ضد إيران تسببت بتغيير هذا الاتجاه، على إثر الضرر الحاصل في استمرارية العمل والروتين المدني بسبب التخوف الذي ساد حيال أضرار تسببها الصواريخ الإيرانية، بينما سُجل تحسن في جوانب أخرى "تدل على تحسن في المناعة القومية".
وأشار التقرير إلى أن الانقسام في المجتمع الإسرائيلي، الذي برز قبل الحرب على غزة في 7 تشرين الاول، تعاظم بسبب استمرار الحرب وتسبب بتراجع كبير في المناعة القومية، على خلفية استمرار رفض الحكومة الإسرائيلية التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى.
واعتبر التقرير أن الثقة بمؤسسات الحكم تشكل مؤشرا مركزيا في مستوى المناعة القومية. فقد أظهر استطلاع نشره المعهد، في أيار، أن 26% قالوا إن لديهم ثقة كبيرة بالحكومة، وارتفعت هذه النسبة إلى 32% في الشهر التالي. وارتفعت نسبة الذين عبروا عن ثقة كبيرة برئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من 31%، في أيار، إلى 42% في حزيران. لكن يتبين أن ارتفاع نسبة الثقة هذه ناجمة عن ارتفاع النسبة في أوساط اليمين، أكثر بأضعاف من ارتفاعها في أوساط ناخبي الأحزاب الصهيونية في المعارضة.
في المقابل، سجلت نسبة ثقة مرتفعة جدا بلغت 94% بالجيش الإسرائيلي، في حزيران، بعد أن كانت هذه النسبة 88% في أيار. كما ارتفعت نسبة الثقة الكبيرة برئيس أركان الجيش الإسرائيلي من 67.5%، في أيار، إلى 81% في حزيران. ولم تكن هناك فروقات بسبب الانتماءات السياسية للمستطلعين.
ودلت جميع المعطيات التي جمعها التقرير على أن ضررا كبيرا لحق باستمرارية العمل وبقدرة المواطنين على الحفاظ على روتين حياتهم خلال الحرب ضد إيران، ما أدى إلى "خرق الروتين بشكل خطير والمس بالمناعة القومية، وإدخال المواطنين إلى ضائقة شديدة لا يزال من الصعب تقديرها حاليا. لكن انتهاء هذه الحرب وإلغاء تعليمات قيادة الجبهة الداخلية المتشددة سيؤدي إلى تحسن ملحوظ في المناعة، في الفترة القريبة، إذا لم تستأنف الحرب أو تتحول إلى حرب استنزاف".
ولفت التقرير إلى أن انتهاء الحرب ضد إيران "من شأنه أن يؤثر على مؤشرات المناعة الأخرى، وليس بشكل إيجابي بالضرورة. فالمشاكل العميقة التي تسببت بالمس بالمناعة، أي الانقسام الاجتماعي والحرب المستمرة في غزة، ما زالت موجودة، ويبدو أنها عادت إلى المقدمة وربما تتفاقم أيضا، إثر الحديث عن تبكير انتخابات الكنيست. ولم يتم حل أي واحدة من القضايا المختلف حولها، وجميعها مجتمعة يتوقع أن تشكل تحديا للمجتمع الإسرائيلي".
وأضاف التقرير أن "تعزز التضامن خلال الحرب في إيران مرتبط بالأساس على ما يبدو بظاهرة الالتفاف حول العلم والتي تعززت في أعقاب نجاحات الجيش الإسرائيلي في إيران. لكن حقيقة أنه في جوانب الثقة بالحكومة والتضامن الاجتماعي تم رصد تأثير كبير للموقف السياسي لدى الجمهور، تثير تخوفا من أن العودة إلى الخطاب الذي أدى لانقسام المجتمع، بعد انتهاء الحرب ضد إيران، ستعود هذه المؤشرات إلى مستويات مقلقة كانت موجودة قبل الحرب. وفي هذا السياق، ثمة أهمية خاصة لإنهاء القتال في قطاع غزة وإعادة المخطوفين، الذين يضر أسرهم المتواصل بالمناعة الاجتماعية".