منذ الإعلان عن الزيارة التي سيقوم بها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى سوريا غداً، بدأت في العديد من الأوساط السياسية تُطرح الكثير من الأسئلة، لا سيما بالنسبة إلى التوقيت والأهداف، خصوصاً أن ذلك جاء بعد أن بادر المفتي دريان إلى رفع سقف مواقفه التي تتناول الواقع الداخلي، حيث شدد، خلال احتفال ديني لمناسبة عودة الحجاج من أداء فريضة الحج، على أن "أي تهميش أو استبعاد للمسلمين السنة أمر مرفوض ونحن له بالمرصاد"، كما أكد، خلال مشاركته في مناسبة اجتماعية في طرابلس، أن "لا دولة من دوننا".
في بعض الأوساط المحلية، لا يمكن إنكار حالة القلق الموجودة من الواقع الجديد في سوريا، في ظلّ الإرتباطات الخارجية الموجودة لدى مختلف الأفرقاء، وهو ما يتم التعبير عنه عبر هواجس مختلفة، تتضمن بلا أدنى شك القلق من أن تبادر بعض الجهات الداخلية إلى "الإستقواء" بالسلطة الجديدة في دمشق، في ظل الحديث المتكرر عن إمكانية تلزيمها الملف اللبناني، إلى جانب الإشارات إلى أن بعض الجهات الداخلية، باتت ترى في الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع "قائداً لها".
في المقابل، هناك تأكيدات أن هذه الزيارة تُعطى أبعاداً غير دقيقة، لا بل تتناقض مع شخصية مفتي الجمهورية، الذي سبق له أن شدد، في أكثر من مناسبة، على أن "ليس لدينا أي مشروع خارج إطار الدولة"، وبالتالي التعامل معها من المفترض أن ينطلق من هذه النقطة، وهو ما توضحه مصادر مقربة من دار الفتوى، عبر "النشرة"، حيث تشير إلى أن التوقيت ليس مرتبطاً بأي لحظة سياسية، أما بالنسبة إلى موقف "لا دولة من دوننا"، فهو كان قد تضمن التشديد على أن "لا دولة بدون أي مكون أساسي في البلد".
وتكشف المصادر نفسها عن أن موعد الزيارة كان قد طلب قبل نحو الشهرين، إلا أن الجانب السوري هو من حدد توقيتها، وبناء على ذلك لا يجب أن تربط بخطابات المفتي دريان، في الفترة الأخيرة، بأي شكل من الأشكال، لا بل تشدد على أن لا مغزى سياسيا لها على الإطلاق، على عكس ما يتم التسويق له من قبل البعض.
في توصيفها لهذه الزيارة، تشير هذه المصادر إلى أنها طبيعية، تأتي في سياق تقديم التهنئة إلى القيادة السورية الجديدة، بالإضافة إلى إعادة العلاقات بين الجانبين، التي كانت قد توقفت بعد العام 2011 نتيجة الحرب هناك، نافية وجود أي طلب خارجي للقيام بها، كما أنه لم يتم تنسيقها مع أيّ جهة داخلية، نظراً إلى أن دار الفتوى مرجعية وطنية لها قرارها المستقل، كما باقي المرجعيات الموجودة في البلاد.
في هذا السياق، كانت قد طُرحت أسئلة حول ما ينوي طرحه الوفد، خلال هذه الزيارة، من ملفات مع الجانب السوري، إلا أن المصادر المقربة من دار الفتوى تؤكد أنه ليس ذاهباً لطرح أي شيء، كما أنه لا ينتظر في المقابل أي شيء، موضحة أن جدول الزيارة، التي ستكون ليوم واحد فقط، سيتضمن لقاء مع الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع، بالإضافة إلى كل من وزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري ومفتي سوريا العام الشيخ أسامة الرفاعي، إلى جانب زيارة سيقوم بها الوفد إلى المسجد الأموي.
وبحسب معلومات "النشرة"، سيضم الوفد، بالإضافة إلى المفتي دريان، مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق إمام، رئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ محمد عساف، أمين الفتوى في لبنان الشيخ أمين الكردي، مفتي زحلة والبقاع الشيخ علي الغزاوي، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، مفتي بعلبك والهرمل الشيخ ايمن زيد الرفاعي، مفتي راشيا الشيخ وفيق حجازي، مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا، مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي، مفتي صور الشيخ مدرار حبال، أمين الفتوى في طرابلس الشيخ بلال بارودي، مدير العلاقات العامة والإعلام في دار الفتوى خلدون قواص.