نقلت صحيفة "الأخبار" عن مصادر أمنية رسمية تأكيدها أنها "عملت في الأشهر الماضية، على التعامل فوراً مع أيّ مُعطى أو مؤشّر كاحتمال يتمّ تتبّعه"، وأعربت عن تخوّفها من إمكانيّة "تنشيط المجموعات الإرهابيّة لخلايا نائمة موجودة ضمن الساحة اللبنانيّة أو تسلّل خلايا من الخارج بهدف إحداث زعزعة أمنيّة وارتكاب أعمال إرهابيّة طائفيّة".

وعلى الرغم من ذلك أفادت بأن الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة تؤكد أنّ "لا مؤشّرات جدّية"، مشيرة إلى أن "السّاحة الداخليّة ما تزال حتّى اليوم بمأمنٍ عن مخطّطات إرهابيّة رغم إلقاء القبض على بعض الأشخاص المرتبطين بتنظيم ​داعش​، من دون أن يكون لذلك دلالةً على خطر حقيقي".

وعلمت "الأخبار" أنّ وزير الدّفاع ميشال منسّى سيقوم مع عددٍ من الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنيّة بجولةٍ ميدانيّة على المناطق الحدوديّة وتفقّد بعض المعابر الشرعيّة الخميس المقبل، من أجل التأكّد من ​الوضع الأمني​ وطمأنة أهالي المناطق المحيطة.

وأوضحت أن هذه الجولة تأتي بعدما رفعت الأجهزة الأمنية في الأيام الماضية تقارير بناءً على جولات بريّة وجويّة قام بها الجيش، تطابقت مع معلومات من مصادر بشرية لعددٍ من الأجهزة بأنّ لا تحشيد على الجانب السوري كما يتردّد. وباستثناء ما حصل السبت الماضي حينما تعرّضت دوريّة تابعة للجيش اللبناني لإطلاق نار، لم يحصل أيّ خلل على الحدود.

وأشارت مصادر أمنيّة متابعة إلى أنّ ما حصل ليس جديداً، ولكن لا يمكن ربطه بما يُتداول عن تحشيد عسكريّ سوريّ، لافتةً إلى أنّ هذه المعلومات حظيت بكثير من المتابعة التقنيّة لمعرفة كيفيّة صدورها وانتشارها، ليتبيّن أنّ مصدرها أتى عبر حسابات وهميّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، تقصّدت أن تحمل أسماء وألقاباً توحي بأنّها من الداخل السوري مع استخدامها VPN أجنبيّ من أكثر من بلد، مقابل حسابات وهميّة أُخرى تحمل أسماء توحي بأنّها من الهرمل، ليتصادم الجانبان بخطابات طائفيّة من خلف الشاشات وتهديد بتحشيد عسكريّ تمهيداً للدخول العسكريّ إلى لبنان، قبل أن تنسحب هذه الحسابات الوهميّة من المشادات الكلاميّة وتقفل صفحاتها، ليكمل بعض السوريين وأبناء المنطقة التراشق الكلاميّ.

وإذا كانت الأجهزة الأمنيّة لم تتمكّن من تتبّع أصحاب هذه الحسابات الوهميّة، فإنّها تجزم أنّ الجانب الإسرائيلي يقف خلف هذه الشائعات من أجل إشعال فتيل المعركة بين الدولتين، خصوصاً أنّ هذا الأسلوب الأمنيّ عادةً ما يعتمده العدو، واستُتبع بعد أيّام بما نشره الإعلام العبري عن المُطالبة بضم طرابلس إلى سوريا.

وبالتالي، تؤكّد المصادر الأمنيّة أنّ الحدود هادئة إلّا من الشائعات الإسرائيليّة، متحدّثةً عن علاقة جيّدة تجمع الأمن العام اللبناني بالأمن السوري وزيارات يقوم بها العناصر دوريّاً إلى معبر جديدة يابوس.

كما كثّف الجانبان من تنسيقهما من أجل ضبط الحدود ومكافحة التهريب على الجهتين، إذ إنّ وفداً أمنيّاً لبنانياً مؤلّفاً من عددٍ من الضبّاط، وعلى رأسهم مسؤول الارتباط في الجيش العميد ميشال بطرس ورئيس الدائرة الأمنيّة في الأمن العام العميد هادي أبو شقرا، يلتقون دوريّاً بضبّاط سوريين ضمن غرفة أمنيّة مشتركة بين البلدين.

من ناحية أخرى، تطرقت صحيفة "الشرق الأوسط" إلى عودةو ملفّ السجناء السوريين في لبنان إلى الواجهة مجدداً، إثر تسريب معلومات تتحدّث عن استياء الإدارة السورية حيال مماطلة لبنان في تسليمهم إلى بلادهم، والتلويح بإجراءات سياسية واقتصادية ضدّ لبنان.

وكشف مصدر رسمي لبناني لـ"الشرق الأوسط"، أن "اتصالات سريعة أجرتها الحكومة اللبنانية مع المسؤولين السوريين، الذين نفوا صحّة هذه المعلومات". وشدد المصدر على أن "ملفّ السجناء السوريين لا يزال في صلب اهتمام المراجع السياسية والقضائية والأمنية، وتجري مقاربته بالطرق القانونية"، مؤكداً "استعداد لبنان للتعاون في تسليم السجناء السوريين الذين تنطبق عليهم شروط التسليم من دون مخالفة القوانين والأنظمة المرعية الإجراء".

وبينما نقل "تلفزيون سوريا"، في تقرير له، معلومات عن الإدارة السورية الجديدة، تفيد بأن الرئيس أحمد الشرع "عبّر خلال استقباله وفداً من دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية برئاسة مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان عن استيائه الشديد من تلكؤ السلطات اللبنانية في معالجة قضية السجناء السوريين، وأشار إلى أن هذا التجاهل المتكرر من بيروت لهذا الملف الإنساني لم يعد مقبولاً". سارعت مصادر مطلعة على نتائج زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية إلى دمشق، إلى نفي هذه المعلومات جملة وتفصيلاً، وأكدت لـ"الشرق الأوسط"، أن الرئيس الشرع "لم يناقش مع المفتي دريان والوفد المرافق ملف السجناء السوريين لا من قريب ولا من بعيد، بدليل أن البيان الذي صدر عن دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية لم يتحدث عن هذا الأمر".

وكشف مصدر في إدارة السجون التابعة لوزارة العدل اللبنانية أن "اللجنة القضائية - الأمنية التي شكلتها وزارتا الداخلية والعدل أنجزت ملفات عائدة لمئات السجناء السوريين من أجل تسليمهم إلى بلادهم، إلّا أنها اصطدمت بعقبات قانونية حالت دون إتمام هذه المهمّة". وأكد لـ"الشرق الأوسط" أنه "لا يمكن تسليم أي سجين إلى بلاده ما لم يكن محكوماً"، مشيراً إلى أن قرار التسليم "لا يسري بأي حال على الموقوفين الذين لم تصدر أحكامٌ بحقهم، خصوصاً إذا كان الشخص ارتكب جريمته في لبنان وضحيته مواطن لبناني".

وأوضح أنه "توجد عدد من الاتفاقيات القضائية الموقعة ما بين لبنان وسوريا، بينها اتفاقية استرداد المطلوبين، أي إذا ارتكب مواطن سوري جرماً في لبنان يمكن تسليمه للسلطات اللبنانية لمحاكمته والعكس صحيح". وشدد على أنه "لا توجد اتفاقيةٌ لتسليم المحكومين، ويمكن لوزارتي العدل في البلدين أن توقعا هذه الاتفاقية قريباً، وبعدها تُحال على المجلس النيابي لإقرار قانون بشأنها"، لافتاً إلى أنه "إذا تحقق هذا الأمر يمكن أن يستفيد منها 370 سورياً محكوماً عليه ويقضي عقوبته بالسجون اللبنانية".

وينتظر أن يزور وزير العدل السوري مظهر الويس، بيروت، قريباً ليبحث مع المسؤولين اللبنانيين عدداً من الملفات ذات الاهتمام المشترك، ولا يستبعد المصدر اللبناني "إمكانية توقيع اتفاقية تتعلق بنقل المحكومين"، معتبراً أن لبنان "صاحب مصلحة في نقل مئات السجناء السوريين إلى بلادهم، شرط أن تتوفر الشروط القانونية لذلك"، وأن الأمر "لا يعالج بطريقة عشوائية، أو بإرسال حافلات إلى السجون وترحيل السجناء عبرها".

وأكد مصدر في وزارة العدل اللبنانية لـ"الشرق الأوسط" أن "هناك اتصالات قائمة ما بين وزارتي العدل في لبنان وسوريا". وقال: "أبدينا استعدادنا الكامل للتعاون بملفّ السجناء السوريين، ونحن جاهزون للبدء بتنفيذ عمليات تسليم المحكومين السوريين إلى بلادهم، عندما تستكمل كل الإجراءات القانونية".