اكد رئيس الجمهورية جوزاف عون أن "ما يجمعنا كلبنانيين هو هوية واحدة وعلم واحد ومصير واحد"، مشيرا الى انه "عندما يصير ولاؤنا للوطن وليس للمصالح الضيقة وللطوائف، فإن مشاكلنا تسوَّى". ودعا الى ان "تكون لنا نظرة وطنية للبنان لا نظرات قائمة على المصالح الشخصية والطائفية والمذهبية، الامر الذي يساهم في حل الكثير من مشاكلنا الداخلية، وإعادة الثقة بين المكونات اللبنانية كافة، لأن هذا هو التفكير الوطني السليم"، وذلك خلال لقائه في قصر بعبدا وفدا من مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية برئاسة الدكتور ادونيس العكرة.
ورأى الرئيس عون انه "من غير المنطقي اننا اصبحنا في القرن الحادي والعشرين، ولا زلنا متقوقعين حول الطائفية والمذهبية، والبعض يمذهب المشاكل التي نعاني منها، ما يعيق تحقيق محاربة الفساد"، معتبرا ان "اكبر خطأ إستراتيجي للبلد هو إلغاء خدمة العلم، إذ ان عملية بناء الوطن تنطلق من التربية القائمة على القيم المشتركة".
وشدد رئيس الجمهورية على ان "تسعير الخطاب الطائفي خدمة لمصالح البعض لا يفيد بل يساهم في تدمير القيم المشتركة التي تجمعنا كلبنانيين الى بعضنا كشعب واحد"، مؤكدا على "أهمية الحرية المسؤولة التي لا تتخطى سقف الأمن القومي كما في أرقى الديمقراطيات، فليس من المسموح التعرض لأشخاص ولكرامتهم وللمقامات الدينية تحت أي شعار طائفي او مذهبي، ولا إهانة البلد، ولا التعرُّض للدول الشقيقة والصديقة".
في مستهل اللقاء، شكر عكرة استقبال الرئيس عون للوفد، مشيرا الى ان "المجلس مكون من ممثلي مؤسسات وجمعيات ثقافية وإجتماعية". وذكر ان "الهدف الوطني الأساسي للمركز هو الغاء الطائفية السياسية المطروح على اللبنانيين منذ العام 1943 أي منذ 82 سنة ولم يتحقق"، مؤكدا ان "1400 سنة من تجربة دولة دينية لم تنتج مواطنين بل مؤمنين اتباع".
وأشار الى ان "المركز خرج بمشروع الدولة المدنية مع مضمون له قائم على مبدأ المواطنية، التي تعني نظاما قائما على مواطنين متساوين في الواجبات والحقوق هم مصدر السلطات، لا سيما وان هذا المبدأ موجود في صلب "وثيقة الاخوة الإنسانية" التي وقعّها كل من الحبر الأعظم البابا فرنسيس وسماحة شيخ الأزهر احمد الطيب، لبناء دولة المواطنة، على ان تقوم وزارتا التربية والثقافة بإدخال التعليم على المواطنية في صلب تربية النشء الجديد".
وقدم عكرة الى الرئيس عون مشروعا تحت عنوان "المصالحة بين الدين والمواطنية تأسيسا للدولة المدنية في لبنان"، غايته تطبيق البند "ح" من مقدمة الدستور ومضمون المادة 95 منه بهدف "إلغاء الطائفية السياسية" من النظام الدستوري القائم في لبنان وإحلال النظام المواطنيّ الديمقراطي بديلا.
ودعا عكرة الرئيس عون الى "الأخذ بالإعتبار هذا التوجه، والمبادرة الى تنفيذ الإجراء الدستوري على اساس تشكيل الهيئة الوطنية برئاسة رئيس الجمهورية، بحيث تضم بالإضافة الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، شخصيات سياسية وفكرية وإجتماعية، وفق ما تنص عليه المادة 95 من الدستور، لكي تباشر مهامها بدراسة اقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية والقوانين المتصلة بها، وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء، ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية، كما توجب المادة المذكورة".
الى ذلك، استقبل الرئيس عون رئيس مجلس الإدارة المدير العام لإدارة حصر التبغ والتنباك اللبناني (الريجي) ناصيف سقلاوي مع وفد ضم المفوضين: جورج حبيقة، عصام سلمان، مازن عبود، مفوضة الحكومة لدى الريجي ميرنا باز، والمراقبة المالية كارول عون.
في مستهل اللقاء، عرض سقلاوي ابرز ما حققته إدارة "الريجي" من إنجازات خلال الأعوام الماضية، لافتا الى ان "النتائج المالية للعام 2024 أظهرت انه بلغت تحويلات الريجي للخزينة 402 مليون دولار"، آملا ان "تتجاوز هذه التحويلات في العام 2025 الـ500 مليون دولار". ولفت الى ان "المبالغ الشهرية التي يتم تحويلها الى الخزينة عن العام 2025 تصل الى 30 مليون دولار شهريا وتتضمن الأرباح والرسوم والضرائب".
وأوضح ان "إدارة الريجي حصلت على شهادة الأيزو لسنوات عدة متتالية تقديرا لتنظيم العمل من جهة ولجودته من جهة أخرى"، مشددا على "ضرورة استمرار دعم البلدات المعنية بزراعة التبغ". واكد ان "جهاز مكافحة التهريب في الريجي أظهر فعالية كبرى على الرغم من قلة عديده، إذ لا يتجاوز عدد افراده 44 شخصا يعملون على كامل الأراضي اللبنانية لمكافحة التهريب".
ونوه الرئيس عون بعمل إدارة "الريجي" وبالجهود التي يبذلها سقلاوي ومعاونوه لا سيما "خلال الفترات الصعبة التي مر بها لبنان والتي واجهتها إدارة الريجي بإرادة صلبة وتصميم كبير على استمرار العمل في هذه المؤسسة الوطنية التي ترفد الخزينة اللبنانية سنويا بإيرادات مالية تساهم في تعزيز مداخيل الدولة".
وقال الرئيس عون: "ان وجود الإرادة وحسن الادارة يشكلان عاملين أساسيين في جعل الريجي موضع ثقة ليس في الداخل فحسب بل في الخارج، خصوصا ان ثمة شركات عالمية تتعاطى مع الريجي على أساس الثقة". وتمنى ان تستمر "الريجي" في عملها لا سيما "لجهة مكافحة التهريب ومساعدة العائلات اللبنانية التي تشكل شتلة التبغ مصدر عيشها".
الى ذلك، استقبل الرئيس عون المايسترو عبد الحليم كركلا مع وفد من فرقة كركلا قبل ايام من سفرها الى موسكو لتقديم المسرحية الاستعراضية "الف ليلة وليلة" على خشبة مسرح "البولشوي"، وهي المرة الاولى التي تدعى فيها فرقة عربية الى هذا الصرح العريق.
وخلال اللقاء، أعرب المايسترو كركلا عن سعادته بأن تعتلي فرقته مسرح "البولشوي" لـ"ترفع اسم لبنان عاليا، وتؤكد ان حضوره الفني والثقافي يبقى سمة بارزة وميزة فريدة في العالم". واشار الى أن الفرقة ستقدم مسرحية "الف ليلة وليلة" على مدى ثلاثة ايام بلغة معاصرة، لافتا الى ان "رسالة مسرح كركلا كانت منذ انطلاقته ولا تزال وهي ارساء معالم ابداعية جديدة، تعكس التمسك بالتراث الاصيل ليبقى الماضي حيا في ضمير الحاضر".
وشرح مخرج المسرحية ايفان كركلا الظروف التي رافقت دعوة ادارة مسرح "البولشوي" للفرقة لتقديم عملها المسرحي، معتبرا ان "هذا الحضور لأول فرقة عربية على هذا المسرح العالمي هو حضور للبنان الحضارة والفكر والثقافة والفن".
وهنأ الرئيس عون المايسترو كركلا وفرقته على هذا الانجاز الكبير، معتبرا انه "على رغم الظروف الصعبة التي مر بها لبنان فإن فرقة كركلا استطاعت ان تكون حاضرة وإنها مثل نجمة مشعة في سماء لبنان والعالم، وها هي في محطتها الجديدة على مسرح "البولشوي" تبرز مجددا رسالة لبنان الحضاري والثقافي وترفع اسمه عاليا، وتؤكد ان لبنان منارة واشعاعه يصل الى دول العالم ولن ينطفئ ابدا". وتمنى "التوفيق للفرقة على رحلتها الى موسكو، مشيرا الى أن "اللبنانيين سوف يتابعون بكثير من الفخر هذا الحدث الفني الكبير".
وضم وفد فرقة كركلا: حنينة كركلا، المخرج ايفان كركلا، الكوريغراف اليسار كركلا، الفنانة هدى حداد، المطرب جوزف عازار، عمر كركلا، المطرب سيمون عبيد، فاليريا كركلا، نائل شهاب، اعتدال حيدر، تارا ماريا آبلا، الدكتورة سارة بوضرغم وغابريال كونتريراس.