أقيم في الصالون الأدبي والثقافي لكازينو لبنان - مطعم "لا مارتينغال"، حفل توقيع كتاب "الحياد الإيجابي الناشط والسياسات الدفاعية" للصحافية نيكول طعمة والدكتور غسان حنا، في حضور النائبين رازي الحاج وسليم الخوري، نقيب المحررين جوزيف القصيفي، المحامي غسان مقوم ممثلا نقيب المحامين فادي المصري، مسؤولة الإعلام في الكازينو وممثلة الصالون الثقافي فيه رنا وهبي، عائلتي الكاتبين ورؤساء بلديات ومهتمين.
بعد النشيد الوطني، تحدثت عريقة الاحتفال آية يونس واشارت إلى أن "نحتفل معا بولادة كتاب أراد أن يكون أكثر من مجرد صفحات، كتاب يحمل رؤية ومسؤولية، ويقدم مقاربة جديدة لواحدة من أعقد قضايا لبنان: الحياد الإيجابي الناشط والسياسات الدفاعية".
وقالت:"وراء هذا العمل، اسمان يجمعهما وضوح الرؤية وصدق الالتزام:٬الصحافية نيكول طعمة والدكتور غسان حنا الأستاذ الجامعي، صاحب الفكر الحر والرؤية الثاقبة. معا، قدما لنا شهادة حية على أن الرؤية لا تقاس بما تراه العين، بل بما يحمله الفكر من وضوح، صادق ينبع من القلب وتصل إلى قلب الوطن. لأن الإيمان بالفكرة أقوى من كل عائق ولأن من يرى بقلبه لا يخاف أن يحمل قلمه سيفا للحق وصوته صدى للوطن، نحن اليوم أمام عمل يثبت أن الكلمة الحرة وحدها تحدث الفرق".
ثم تحدثت وهبي وقالت:"نقف اليوم على منبر الصالون الأدبي والثقافي في كازينو لبنان لنستضيف محطة أدبية ، بحثية جديدة يزينها كل من الصحافية نيكول طعمة والدكتور غسان حنا ، في إطلاق كتابهما الحياد الإيجابي الناشط والسياسات الدفاعية بحروفه اللامعة والسرد الآسر والتحليل العميق، ما زاد على مكانة مكتبة الكازينو الثقافية، بعدا مضافا".
اضافت:"وللامانة التاريخية ،فان مؤسس هذا الصالون هو رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان والمدير العام رولان الخوري الذي كان داعما له وسندا، ولم يوفر جهدا من أجل إضفاء وجه ثقافي وأدبي على هذا المرفق ليكون متعدد الدور والرسالة"، لافتة الى ان "كازينو لبنان ليس تجمعا لصالات الميسر فحسب، إنما هو مساحة ثقافية فنية مشرعة للمبدعين وأصحاب المواهب، لكي يقدموا نتاجهم الفكري، الأدبي، الشعري، الفني والحرفي، في أجواء مفعمة بالفرح والأمل".
وشددت على "إن ثقتنا الكبيرة بالقضاء، وإيماننا بعدالته، وكلمته الفصل في قضية هذا المرفق، تزيدنا عزما على متابعة النشاطات الثقافية المتنوعة في صالونه الادبي هذا، فلا توقف ولا انكفاء، بل توثب لتقديم الأفضل والاحلا، راجيين ان تنكشح الغيمة السوداء وتعود الأمور إلى نصابها الصحيح. هذه الليلة نضيء مع نيكول طعمه والدكتور غسان حنا شمعة تنير ظلمة الليل الطويل الذي يرخي بثقله على لبنان الحبيب ونغزل من الحزن عباءة فرح تليق بوطن الارز الخارج حتما منتصرا على مآسيه".
من جهته ، قال رئيس بلدية وادي بعنقودين المحامي داني بولس:"نلتقي اليوم في محطة ليست عادية، بل في لحظة استثنائية تحمل في طياتها منارة من نور، وصوتا من صميم الإرادة، وخطا عريضا بحبر العزيمة. نحتفل اليوم بإصدار كتاب جديد يحمل توقيع الصحافية نيكول إدمون طعمه والدكتور غسان حنا، وهما ليسا فقط زميلين في مهنة واحدة، بل مثالان حيان على أن فقدان البصر لا يعني أبدا فقدان الرؤية، وأن الضعف لا يكون في الجسد، بل يكون في غياب الطموح. لقد خطت حبيبتنا نيكول والدكتور غسان كتابهما، بأدوات من نور داخلي، ورؤية عميقة، وإيمان بأن للمعرفة رسالة، وللكلمة أثر، وللحياة معنى لا يحد بقدرة جسد، بل بعزيمة روح".
اضاف:"في زمن تغشى فيه العيون بالبصائر المعطلة، يقدم لنا هذان المقاومان، درسا نادرا في البصيرة النافذة، التي لا تحتاج الى نظر كي ترى، بل إلى إيمان كي تبصر. إن هذا الإنجاز، هو صرخة بصيرة في عالم، كثيرا ما يعمينا عن رؤية الجمال الحقيقي، وهو رسالة أمل لكل من يعتقد أن الظروف أقوى من الحلم".
وختم:"من موقعي كرئيس بلدية وادي بعنقودين، مسقط رأس ابنتنا الحبيبة نيكول، وبإسم أهالي البلدة، والمجلس البلدي، وبإسم كل من يؤمن أن الثقافة حق للجميع ومسؤولية على الجميع، أتقدم إليك يا نيكول، بكل فخر واعتزاز وأقول، لك وللدكتور غسان أنتما الضوء في زمن العتمة، وانتما صوت العقل في عالم الضجيج. واثقين بأن البصيرة حين تتحالف مع الإرادة، تكتب التاريخ، من دون ان تنظر إليه".
اما الدكتور مازن عبود فقال:"في كتابكما ليس فقط دعوة إلى الحياد، بل خارطة طريق عملية وعقلانية لتطبيق مفهوم الحياد الإيجابي الناشط، بوصفه تموضعا فاعلا لا انكفاء، وانخراطا إيجابيا لا انسحابا، في تعزيز السلم الإقليمي والدولي، مع الحفاظ على استقلال القرار الوطني، بعيدا من المحاور والتحالفات السياسية والعسكرية".
وسأل:"لكن، هل هذا الطموح ممكن؟ وهل يشكل ما يجري في سوريا عائقا أمام هذا المسار أم محفزا له؟ وهل يستطيع الخوف الذي تصنعه سرديات العنف المقدس أن يكون بيئة حاضنة لولادة الدولة وتعزيز الحياد، أم أنه يقوضها من أساسها؟"
وتابع:"في الصفحة 10 من الكتاب، يؤكد المؤلف أن الحياد ليس ترفا فكريا بل ضرورة وجودية في وجه التحديات الطائفية والاقتصادية والإقليمية التي تعصف بلبنان. ومن هذا المنطلق، يدعو الكاتبان إلى إعادة صياغة العقيدة الدفاعية بما يتلاءم مع هذا المفهوم، مؤكدين على دور الجيش اللبناني كقوة جامعة ومحايدة، وضرورة بناء نظام سياسي مدني، ديمقراطي، ولا مركزي، قائم على المواطنة والكفاءة، لا على الانتماء الطائفي".
اضاف:"أشارك الكاتبين القناعة بأن لبنان بحاجة إلى تموضع جديد لا يتماهى مع صراعات الإقليم، وأن الحياد الإيجابي قد يكون آخر أداة لوقف الانهيار الوطني. لكن الإصلاح الداخلي الشامل شرط لا بد منه. لكن هل يستبدل من صنع نظاما على قياسه بنية بأخرى تقوضه، ولماذا ومتى وكيف؟ دينامية البلد الداخلية، لا تولد تغييرا. فدولتنا، للأسف، شيدت على أساس هويات متنافر. بلد صنع كي لا يسير بدون وصاية خارجية".
وقال:"يتقاطع طرح كتبكما مع ما عبر عنه الأستاذ زياد ماجد حين رأى أن الحياد الإيجابي يمكن أن يكون بديلا جذريا لسياسات "النأي بالنفس" الملتبسة، لكن يلزم الحياد الإيجابي سلطة مركزية قوية، مستقلة القرار، ومؤسسات مدنية فاعلة. وهنا يطرح السؤال نفسه: من أين لنا بتلك السلطة المركزية؟ وكيف يمكن تفعيل دينامية داخلية في بلد باتت بنيته المؤسسية نفسها عقبة أمام أي إصلاح حقيقي؟"
واشار إلى ان "الكتاب يتناول هذه المعضلات من الداخل، ويقترح رؤية في خمس مجالات أساسية: السياسات الدفاعية، النظام الانتخابي، إلغاء الطائفية السياسية، تعزيز اللامركزية وتفعيل دور لبنان في المنظمات الدولية"، وتمنى أن "تتمكن أجندتكما الإصلاحية من العبور من عالم الفكرة إلى ميدان التطبيق. وأن يتحول الحلم إلى مشروع دولة جامعة، محايدة، عادلة، وقادرة على الاستمرار".
وختم لافتا إلى ان "هذا الكتاب يشكل" دعوة صادقة إلى رؤية خلاص ممكن، إذا ما توفرت الإرادة الوطنية الجامعة، والدعم الدولي المتزن، والإصلاح العميق".
بدورها قالت طعمه:"نلتقي اليوم لا لنضيف كتابا إلى رفوف مكتباتنا، بل لنطلق فكرة نابضة بالحياة، تملك القدرة على إعادة رسم وجه لبنان وهويته. بين أيدينا ثمرة فكر وعمل، كتاب يجمع الرؤية بالموقف، ويحول الحبر إلى صرخة ضمير، وثبة قلب يتطلع إلى وطن حر، مصانة كرامته، راسخة سيادته، وسلامه ينمو من إرادة أبنائه".
اضافت:"'كتابنا عن الحياد الإيجابي الناشط والسياسات الدفاعية" يفتح دربا مشرقا وسط هذا الشرق المثقل بالاضطرابات، دعوة جريئة إلى تموضع جديد، حياد واثق يختار السلام بقرار سيادي، فيرسم لبنان مساحة حوار وتلاق، بعيدة عن حسابات الآخرين. هذا الخيار يثبت جذوره من خلال سياسات دفاعية يقظة، بجيش صلب العقيدة، وأمن متأهب الوعي، يشكلان سياجا متينا يحمي هذا النهج. هكذا يتكامل الحياد مع الدفاع، فيصنع وطنا مزدهرا، يتحرر من دوامات الإيديولوجيات التي استنزفتنا طويلا، ويتقدم بثبات نحو دبلوماسية انتصار نصوغها بأيدينا".
ورأت ان "هذا المشروع ليس حلما معلقا في الهواء، بل هو مفتاح يشرع أمام لبنان أبوابا واسعة من الفرص الاستثمارية، والسياحية، والثقافية، ويحوله إلى واحة أمل منفتحة على المستقبل، بدلا من بؤرة نزاعات تستهلك طاقاته. بهذا المعنى، يغدو الحياد رافعة للاقتصاد، وجاذبا للاستثمار، ومصدر رجاء في زمن يضج بالعواصف"، معتبرة ان "اليوم نخط توقيعا على صفحات كتاب ونرسم معا عهدا أخلاقيا نتركه للأجيال المقبلة. لبنان حر، منيع، مزدهر بمحبة أبنائه وتنوعهم، صانع سلام بكرامة شعبه".
وختمت شاكرة "كل من شجع، ساند هذا المشروع ودعمه، وأخص بالذكر الدكتور غسان حنا شريكي في الفكر والعمل الذي منحني ثقة أتاحت لنا أن ننسج هذا الكتاب معا بروح واحدة وإيمان مشترك. ورئيس مجلس إدارة مؤسسة كازينو لبنان رولان الخوري، الذي فتح لنا أبواب هذا الصرح إيمانا منه بدور الكلمة وقدرة الفعل الثقافي على بناء الوطن. رولان خوري بدي قلك لا بد لهذه الغيمة القاتمة أن تزول. ومؤسس شركة (ACAIR) للتأمين إيلي حنا، لدعمه المعنوي ومساهمته البناءة. وجمعية (EQUAL) لمساهمتها في رعاية هذا الحفل ودعمها وتمكينها المكفوفين وتوعية المجتمع لإبراز قدراتهم. أما الشكر الأكبر الموصول بالوفا، فهو دايما لرفيقة الدرب وللنور يللي انحرمت منه وربنا عوضلي فيا. أمي أجمل كلمة بالدني. بدي قلك بحبك شكرا كتير على كل شي عملتي كرمالي. وإلى الصديقة الغالية الإعلامية جاكلين جابر أقول رغم المسافات البعيدة، كان دعمك المستمر هو النور الذي أنار طريق هذا المشروع".
واعتبر الدكتور غسان حنا في كلمته ان" لبنان هو وطن صغير في حجمه، كبير في رسالته، رسالة حية أرسلها الله إلى البشرية جمعاء، عنوانها التعايش، ومضمونها الغنى في التنوع، وخلاصتها أن الاختلاف لا يفسد الانتماء. ففي قلب المشرق، شكل لبنان عبر القرون نموذجا فريدا للعيش المشترك بين الطوائف والمذاهب، حيث اجتمعت على أرضه أديان وثقافات شتى، لا لتتناحر بل لتتحاور، لا لتتنافى بل لتتآلف، فصار الوطن مساحة حرة للحرية، ومنبرا مفتوحا للحقيقة".
اضاف:"دعوة لبنان التاريخية تعبر عن انفتاح متجذر على الذات والآخر، مع تمسك راسخ بالهوية والسيادة. ومن هذا المنطلق، تنبع فرادة لبنان من عمق الدور وجوهر الرسالة. ولأنه ملتقى الحضارات، فهو يحتاج إلى حماية استثنائية تصون هذا التوازن الدقيق بين مكوناته. وهنا يبرز مفهوم الحياد الإيجابي الناشط، لا باعتباره موقفا هشا أو تراجعا عن المسؤولية، بل بوصفه استراتيجية سيادية متقدمة تحمي الداخل من التصدع وتحفظ الخارج من التورط في النزاعات الإقليمية والدولية".
ولفت إلى أن "الحياد، بهذا الفهم، هو الحصن الذي يضمن للبنان استقراره الداخلي عبر تحييد أرضه عن الصراعات، وهو في الوقت نفسه القاعدة الصلبة لبناء سياسة دفاعية عادلة وواقعية، تضع أمن المواطن في الصدارة وتحصر السلاح بيد الدولة. ولبنان المحايد لا يتنصل من قضاياه العادلة، بل يلتزم بها من موقع الحرية لا التبعية، ومن منطلق السيادة لا المزايدات". وختم مشيرا إلى انه "إذا تمكن لبنان من تجسيد حياده واقعا ملموسا، فسيغدو واحة استقرار في منطقة تعج بالاضطرابات، ومختبرا عالميا لنموذج التعايش بين الشعوب، في زمن تتكاثر فيه الصراعات على حساب الكرامة الإنسانية".