لفتت وكالة أنباء "شينخوا" الصّينيّة، إلى أنّ "رغم حرارة الصّيف الّتي تتجاوز أحيانًا 45 درجة مئويّة، ما تزال الأزقّة الضيّقة ل​سوق نايف​ و​سوق الراس​ في دبي تعجّ بالحركة والنّشاط، حيث تتقاطع الرّوائح الزكيّة للأقمشة والعطور الشّرقيّة مع أصوات الباعة وهم ينادون على بضائعهم، فيما يواصل الزوّار من مختلف الجنسيّات رحلة التسوّق واكتشاف تراث المدينة القديم".

وأوضحت أنّ "في قلب منطقة ديرة، يشكّل سوق نايف، الّذي يعود تاريخه إلى ما قبل ستينيّات القرن الماضي، نقطة جذب رئيسة للمقيمين والسيّاح على حدّ سواء في الإمارات. ويقدّم السّوق، المعروف بتنوّع بضائعه وأسعاره التنافسيّة، تجربة تسوّق فريدة تشمل الملابس والأقمشة والعطور والأجهزة الإلكترونيّة والحقائب والمنتجات التقليديّة".

وأشار أحمد يوسف، وهو تاجر أقمشة يعمل في السوق منذ أكثر من 25 عامًا، لـ"شينخوا"، إلى أنّه "رغم حرارة الصّيف، إلّا أنّ الحركة ممتازة هذا العام. كثير من الزّبائن يأتون من داخل الدّولة وخارجها، خاصّةً من دول الخليج وأفريقيا، والسّوق يظل وجهةً مفضّلةً للباحثين عن الأسعار المناسبة والبضائع المتنوّعة".

وذكرت الوكالة أنّ "بحسب بيانات حديثة صادرة عن بلدية دبي، استقبل سوقا نايف والراس أكثر من 2,3 مليون زائر خلال النّصف الأوّل من العام 2025، بزيادة نسبتها 18% مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، فيما ارتفع حجم المبيعات بنسبة 22%، مدفوعًا بنمو السّياحة والتوسّع الرّقمي في الخدمات".

وركّزت على أنّ "سوق الراس، المجاور لسوق نايف، يُعتبَر أحد أقدم الأسواق المتخصّصة في تجارة الكتب والقرطاسيّة والعطور القديمة، ويتميّز بعمارته التراثيّة وممرّاته الضيّقة الّتي تحافظ على الطّابع التقليدي ل​دبي القديمة​".

بدوره، أوضح مراقب السّوق في بلديّة دبي خالد المهيري، أنّ "عمله اليومي يتمحور حول الحفاظ على رونق السّوق وتراثه العريق"، مبيّنًا "أنّنا نسعى للحفاظ على الأسواق كجزء من الهويّة الثّقافيّة للإمارة، عبر مشاريع تطويريّة تحترم الطّابع التاريخي وتعزّز تجربة الزوّار"، كاشفًا أنّه "في العام الجاري وحده، تم تحديث 130 متجرًا وتوسيع مسارات المارّة وتحسين التكييف والإنارة، ضمن خطّة ترميم شاملة تمتد حتّى نهاية 2026".

وأكّد أنّ "جهود البلديّة لا تقتصر على الجانب البنيوي فقط، بل تركز أيضًا على دعم التجّار الصّغار، من خلال تخفيضات الإيجار ومبادرات التسويق المشترك، بهدف استدامة النّشاط الاقتصادي في السّوق وتعزيز جاذبيّته على مدار العام، وليس فقط في مواسم الذّروة".

ولفتت "شينخوا" إلى أنّ "الأسواق القديمة تشهد حركةً مضاعفةً في ساعات المساء، حيث يتجمّع الزوّار للاستمتاع بالأجواء التراثيّة، وتناول المأكولات المحليّة في المطاعم القريبة، فيما تعكس واجهات المتاجر المضيئة مشهدًا نابضًا بالحياة في قلب دبي القديمة. ويؤكّد التجّار أنّ هذه الأسواق ليست مجرّد أماكن للبيع والشّراء، بل هي ذاكرة حيّة للمدينة ومصدر رزق كريم توارثته أجيال".

وأفادت بأنّ "دبي تحتفظ بعدد من الأسواق التقليديّة الّتي شكّلت عبر عقود طويلة ملامح الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة للمدينة. فإلى جانب سوق نايف وسوق الراس، تحتضن دبي أسواقًا عريقةً مثل سوق الذّهب وسوق التوابل وسوق الأقمشة وسوق مرشد، وكلّها تقع في قلب المدينة القديمة بمنطقة ديرة"، مشيرةً إلى أنّ "رغم التطوّر العمراني السّريع الّذي شهدته الإمارة، ما تزال هذه الأسواق تحافظ على هويّتها المعماريّة وروحها التراثيّة، لتشكّل جسرًا بين ماضي دبي وتجربتها الحضريّة الحديثة".