منذ الموقف الذي أدلى به الموفد الأميركي توم براك، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، الذي طالب فيه الحكومة بالذهاب إلى خطوات عملية، بالنسبة إلى الملف سلاح "​حزب الله​"، على أساس أن التصريحات لن تكون كافية، فتحت الأبواب أمام موجة واسعة من التهويل المتبادل، وصلت إلى حد التهديد بالعودة إلى مرحلة السابع من أيار من العام 2008، بالتزامن مع إستمرار الحديث عن إمكانية ذهاب إسرائيل إلى المزيد من التصعيد العسكري.

إنطلاقاً من ذلك، كانت البلاد، هذا الأسبوع، على موعد مع خطابين أساسيين: الأول لأمين عام "حزب الله" الشيخ ​نعيم قاسم​، بينما الثاني لرئيس الجمهورية العماد ​جوزاف عون​، لفهم حقيقة التوجهات، في حين هي ستكون، يوم الثلاثاء المقبل، على موعد مع جلسة لمجلس الوزراء، بندها الرئيسي البحث في هذا الملف.

في هذا السياق، تكشف مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أنّ الإتصالات المواكبة لهذه الجلسة لم تنقطع، بل المرشح أن ترتفع وتيرتها أكثر، في الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة، على قاعدة أن الصدام ليس مطلوباً، وبالتالي من الأفضل الذهاب إلى مخرج يُتفق عليه، على عكس الأجواء التي يحاول البعض الترويج لها، وتشير إلى أن رئيس الجمهورية، في الأصل، يتبنى هذا النهج في التعاطي مع ملف سلاح الحزب.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن الجميع يدرك حجم الضغوط التي يتعرض لها الجانب اللبناني الرسمي، لا سيما بعد مبادرة الموفد الأميركي إلى تقديم ورقته في زيارته الأولى إلى ​بيروت​، من منطلق ضرورة الذهاب إلى مرحلة جديدة من التعاطي في هذا الملف، حيث تشدد على أن الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة، بل يشمل أيضاً جهات إقليميّة ودوليّة أخرى، تستعجل خطوات عملية، تحت طائلة ترك لبنان يواجه مصيره.

في هذا المجال، كان من الواضح أن بيروت تراهن، منذ بداية النقاش بالورقة الأميركية، على ترتيب الأولويات بشكل يصب في صالحها، من منطلق إلزام تل أبيب بتطبيق إتفاق وقف إطلاق النار، قبل مطالبتها بالمزيد من الخطوات الأخرى، لا سيما أن الخروقات مصدرها إسرائيل، بينما الحزب لم يقدم على أي خطوة من قبله رغم ما يتعرض له.

على هذا الصعيد، ترى المصادر السياسية المتابعة أن من الطبيعي الحديث عن أن النقاش مع "حزب الله" سيكون أسهلاً، فيما لو نجحت واشنطن في إلزام تل أبيب بوقف الإعتداءات والإنسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها، في حين هو اليوم يستطيع التمسك بورقة الضمانات التي يطالب بها، التي لم تعد تقتصر على التهديدات الإسرائيلية، خصوصاً أن التطورات الإقليمية أظهرت أن ليس هناك من هو قادر على "ضبط" سلوكها المعادي.

على الرغم من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن هناك مجموعة من النقاط التي يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار، تبدأ من عدم القدرة على التعامل مع التطورات، وفق المعادلات التي كانت قائمة قبل عدوان أيلول، ولا تنتهي عند السؤال المركزي، حول القدرة على إعادة ترتيب توازن القوة، بل تشمل أيضاً الوقائع الداخلية، التي تصب في إطار أن غالبية القوى المحلية باتت تطالب الحزب بالذهاب إلى تقديم التنازلات المطلوبة منه.

في المحصلة، تدعو هذه المصادر إلى مراقبة وجهة الإتصالات، في الأيام المقبلة، حيث تشدد على أن الأمور ليست مقفلة أمام مجموعة من المخارج الممكنة، أبزرها صدور إلتزام جديد عن مجلس الوزراء بقرار حصر السلاح بيد الدولة، من دون الإلتزام بجدول زمني واضح، أو ربط الأمر، أي الجدول، بتطبيق تل أبيب ما هو مطلوب منها بموجب إتفاق وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى خيارات أخرى لا تزال مطروحة على بساط البحث.