بدأ المجمع الإنتخابي للكرادلة خلوتهم في الفاتيكان لإنتخاب بابا جديد، وبحسب خبراء فاتيكانيين من المرتقب أن يتصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كابيلا سيستين في الفاتيكان قبل نهاية الأسبوع معلنا إنتخاب بابا جديد. وفي هذه الإنتخابات سيحاول الكرادلة الإيطاليون وعلى رأسهم رئيس أساقفة ميلانو الكاردينال أنجلو سكولا (71 عاما) إسترداد كرسي بطرس، بعدما وصل في المرتين الأخيرتين باباوان واحد من ألمانيا ( بنديكتس السادس عشر) والثاني من بولاندا ( يوحنا بولس الثاني)، علما أن الإيطاليين حافظوا على الكرسي لمدة أربعمئة وخمسة وخمسين عاما متتالية، فأوصلوا مئتين وثلاثة باباوات من بين مئتين وخمسة وستين بابا. صحيح أن الكرادلة الإيطاليين لديهم حاليا ثمانية وعشرون كاردينالا من بين مئة وخمسة عشر كاردينالا يحق لهم التصويت، إلا أنهم يحتاجون الى سبعة وسبعين صوتا لإنتخاب البابا الجديد، من هنا وفي حال لم يستطيعوا تأمين الأكثرية المطلوبة فقد يحتاجون الى عقد تسوية مع تكتلات أخرى لإيصال بابا غير إيطالي كما حصل في المرة السابقة مع أرجحية أن يكون أوروبيا وخصوصا أن غالبية الكرادلة الذين يحق لهم الإنتخاب هم من القارة العجوز. ورغم وجود تكتلات بين الناخبين إلا أن الكرادلة يردّدون دائما أنهم يتركون مساحة للروح القدس لكي تتدخل في هذا الإنتخابات من خلال التأمل والصلاة والمشاورات قبل كل عملية إقتراع والى حين إنتخاب البابا.
كاردينال ماروني ينتخب
لأول مرة يشارك كاردينال لبناني في إنتخاب البابا المقبل، من خلال الكاردينال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، و لا شيء يمنع قانونا من أن يُنتخب الكاردينال الراعي نفسه بابا، وخصوصا أنه شخصية كاريزماتية وصاحب خبرة واسعة في مختلف المجالات الكنسية وهو معروف جدا في روما حيث أنجز دراساته الجامعية. يحمل الكاردينال الراعي دكتوراة في الحق الكنسي وأخرى في الحق المدني وإجازات في المحاماة الروتالية ( نسبة الى محكمة الروتا) وفي الفلسفة واللاهوت من جامعة اللاتران الحبرية في روما ويتكلّم لغات عدة، ويجمع بين خبرتي الشرق والغرب، وقد عيّنه البابا بنديكتس السادس عشر في الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني الفائت عضوا في ثلاث لجان حبرية في الفاتيكان هي: مجمع الكنائس الشرقية، ومحكمة التوقيع الرسولي العليا والمجلس البابوي لرعوية المهاجرين والمتنقلين. ولعل ما عزّز التأويلات عن احتمال انتخاب الكاردينال بشارة الراعي بابا هو تكليفه من قبل البابا السابق وضع تأملات درب الصليب في يوم الجمعة العظيمة التي تسبق أحد القيامة، كما فعل البابا يوحنا بولس الثاني مع الكاردينال راتزنغر، الذي أصبح البابا في ما بعد، وهو ما فهمه البعض على أنه ترشيح من قبل بنديكتس للراعي. إلى ذلك يُضاف أن الكاردينال الراعي تم انتخابه من بين ثلاثة كرادلة معاونين للكاردينال المسؤول عن الشؤون الإدارية في الفاتيكان الكاردينال ترشيزيو برتوني، وذلك لمدة ثلاثة أيام، في الأيام التحضيرية وقبل المجمع الانتخابي.
كنيسة الشرق
ويكتسب الموارنة أهمية خاصة في الكنيسة الكاثوليكية الجامعة لكونهم الكنيسة الشرقية الوحيدة التي لم تتخلّى عن كنيسة روما إبان الإنشقاق الكبير الذي وقع في العام 1054. ومنذ ذلك الحين يعتبر الفاتيكان البطريرك الماروني ممثل كنيسة الشرق والتي منها أتى السيد المسيح. ولذلك كان الكاردينال البطريرك الماروني السابق نصرالله بطرس صفير واحدا من ضمن خمسة كرادلة ترأسوا مراسم جنازة البابا يوحنا بولس الثاني وكذاك كان الكاردينال البطريرك الماروني واحدا من بين خمسة كرادلة شاركوا في رسامة البابا بنديكتس السادس عشر. وعليه المتوقع أن يكون البطريرك الكاردينال الراعي من ضمن الكرادلة الذين سيشاركون في رسامة البابا الجديد. ولبنان الذي ذكره الكتاب المقدس وذكر عددا من مدنه أكثر من خمس وسبعين مرة خصّصت له الكنيسة الكاثوليكية سينودوسا ( مجمعا كنسيا ) خاصا به، واختتمه البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة خاصة للبنان في مايو/ أيار من العام 1997 فيما السينودوس يكون عادة لقارة، وذلك بسبب فرادة المجتمع التعددي في لبنان ولذلك قال عنه يوحنا بولس الثاني إنه أكثر من بلد إنه رسالة، أي رسالة في العيش المشترك والحوار بين الأديان.
المدرسة المارونية في روما
منذ قرون سعى الفاتيكان الى مساعدة الكنيسة المارونية، ففي العام 1584 أنشأ البابا غريغوريوس الثالث عشر المدرسة المارونيّة في روما، من أجل تأهيل الأكليروس على العلوم الفلسفية واللاهوتية فتخرّج منها شخصيات بارزة ومنهم البطريرك المؤرّخ إسطفان الدويهي، والبروفسور جبرائيل الصهيوني الذي كان أستاذا في جامعة سابينزا ثم انتقل إلى باريس ودرّس في الكليّة الملكيّة، ومرهج ابن نمرون، وقد خلف الحاقلاني كأستاذ ومترجم، والمونسنيور يوسف سمعان السمعاني الذي كان يُتقن عشرات اللغات فأوكل إليه الكرسي الرسولي مهمة تأسيس وحفظ مكتبة الفاتيكان وبالنّظر الى سعة علومه أصبح يُقال في الفاتيكان: dotto come maronita علاّمة كماروني. ومنذ ذلك الحين بدأ الفاتيكان بالإستفادة من رجال الدين الموارنة للخدمة في الدوائر العليا للفاتيكان كمحكمة التوقيع الرسولي ومحكمة الروتا كذلك أوكل الى الأباء المريميين إدارة إذاعة الفاتيكان - القسم العربي.