منذ حادثة تلكلخ التي راح ضحيتها العديد من الشبان اللبنانيين خلال توجههم إلى الأراضي السورية، بهدف "الجهاد" إلى جانب قوى المعارضة السورية المسلحة لا سيما ذات التوجهات السلفية والأصولية منها، طرحت العديد من الأسئلة حول الأسباب التي تدفع مثل هؤلاء الشبان إلى الإقدام على مثل هذه الخطوة، وعن طريقة وصولهم إلى أرض المعارك.

الدافع ديني؟!

تؤكد مختلف القوى السياسية الناشطة في البيئة التي يخرج منها "المجاهدون" أن ليس هناك من جهة داعمة لهذا التوجه، حيث تشير مصادر إسلامية في منطقة الشمال إلى أن القوى السياسية والسلفية الأساسية تعلم جيداً أن "الثوار" في سوريا ليسوا بحاجة إلى مقاتلين لبنانيين من أجل الانتصار على النظام، وتلفت هذه المصادر إلى أن ما يريده هؤلاء هو الدعم السياسي والإعلامي والمالي، بالإضافة إلى الدعم العسكري من خلال تأمين السلاح لا المقاتلين إذا كان هناك إمكانية لتأمين ذلك.

وتشير المصادر الإسلامية عبر "النشرة" إلى أن "من غير الممكن نفي أن هناك مقاتلين لبنانيين في صفوف الكتائب الإسلامية في سوريا، لا سيما بعد حادثة تلكلخ التي سقط خلالها العديد من الضحايا"، وتوضح أن "دافع هؤلاء الشبان ديني بامتياز، فهم يتابعون بدقة ما يجري في سوريا من عملية قتل يتعرض لها إخوانهم في الدين"، وترى أن "ممارسات النظام السوري هي الدافع الأساس وراء إقدام هؤلاء الشباب على هذه الخطوة".

في الجهة المقابلة، تحمّل مصادر إسلامية أخرى من خلال "النشرة" مسؤولية "التضحية" بهؤلاء الشبان إلى جهات دينية وإسلامية تمارس التحريض بشكل كبير، وتشير إلى أن هذه الجهات تحت عناوين دينية كبيرة تدفع بعض الشبان الى المجهول، وتوضح أن المعلومات تؤكد بأن معظم من يقدمون على هذه الخطوة هم من الشباب الذين لا يتجاوزون العقد الثالث من العمر، وتلفت إلى أن عملية "التجنيد" هذه تحصل في أغلب الأحيان في المناطق الفقيرة جداً، كما تشير إلى أن معظم هؤلاء "المجاهدين" هم من المطلوبين إلى السلطات اللبنانية.

الطريق إلى "الجهاد"

قد يعتقد الكثيرون أن رحلة "الجهاد" هذه معقدة جداً، لا سيما في ظل التأكيدات على أن ليس هناك من جهة معنية تنظم هذه الرحلات، لكن في ظل الحدود الواسعة بين البلدين غير المنضبطة يصبح الأمر سهلاً جداً.

وفي هذا السياق، توضح المصادر أن الإنتقال إلى الأراضي السورية والإلتحاق في صفوف "المجاهدين" هناك ليس معقداً على الإطلاق، حيث تشير إلى أن كل ما يتطلبه الموضوع هو "الرغبة" وقناة الإتصال مع "المجاهدين"، وتلفت إلى أن "اللبنانيين من هؤلاء يتواصلون مع ذويهم بشكل دائم، لا بل أن بعضهم يشجعون آخرين على الإلتحاق بهم، بدافع ما يُسمى القيام بالواجب الديني الذي يفرض عليهم للدفاع عن اخوانهم"، وتضيف: "بعد الإتفاق على موعد الإلتحاق يتم تحديد نقطة معينة على الحدود للقاء عندها، وتُرسل الجهة السورية التي سيتوجه إليها "المجاهد" دليلا يتولى نقله إليها"، وتشدد على أن "معظم المجاهدين اللبنانيين يلتحقون بالكتائب السلفية والأصولية دون غيرها".

ومن جهة ثانية، توضح المصادر أن الحديث عن أن معظم عمليات الإنتقال إلى الداخل السوري تتم عبر منطقة وادي خالد غير صحيح، حيث تشير إلى أن ​الحدود اللبنانية السورية​ في هذه المنطقة غير آمنة، في ظل سيطرة الجيش السوري على طول الخطّ الحدودي فيها من الجانب السوري، بالإضافة إلى التعاون الذي لا يزال قائماً بين عدد من عشائر المنطقة مع بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية، الذي يحول دون نجاح عمليات تهريب السلاح والمقاتلين، لكنها لا تنفي وجود نقاط معينة تتم فيها هذه العمليات من هذه الجهة.

وتشدد هذه المصادر على أن معظم رحلات "الجهاد" كانت تتم عبر منطقة مشاريع القاع، وتوضح أن السبب في ذلك هو سيطرة قوى المعارضة السورية على مساحة واسعة من الاراضي الحدودية هناك، بالإضافة إلى وجود "مهربين" لبنانيين متعاطفين مع هذه المعارضة لديهم خبرة كبيرة في عمليات التهريب، لكنها تعتقد أنه لا توجد أي طريق آمنة حالياً، لا سيما بعد الإجراءات المشددة التي فرضها الجيش اللبناني في المنطقة بعد الإعتداء الذي تعرض له في عرسال، إلا أنها تؤكد أن هناك بعض عمليات التهريب التي لا تزال قائمة حتى اليوم.

على صعيد متصل، توضح المصادر أن السبب في تراجع موجة التحركات المطالبة باستعادة جثامين باقي ضحايا مجموعة تلكلخ وكشف مصير باقي أفراد المجموعة، هو الأحداث المتلاحقة التي طغت على الساحة اللبنانية، وتكشف عن أن الأجهزة الأمنية بات لديها معلومات دقيقة عن الشخص الذي نظم عملية إنتقال الشبان إلى الداخل السوري، وتشير إلى أنه لبناني له علاقات مع البعض من الجهات السورية، وتؤكد أنه متوارٍ عن الأنظار منذ وقوع الحادثة.