في منطقة من أهم المناطق الزراعية، يقع جسر جب حنين الروماني القديم الذي يعدّ أول جسر يبنى في وسط البقاع بجانب نهر الليطاني.

وكان هذا الجسر يُستعمل ليربط قرى البقاع الشرقي بقرى الغربي وبالقرب من تلة حيمور التي تشرف على البقاع ومن ورائها سوق شعبي أسس منذ انشاء الجسر، وقد تخصص حاليا في تجارة المواد الزراعية والخضار والفاكهة وغيرها.

وبحسب تصنيف وزارة الثقافة ومديرية الآثار، يعود إنشاء ​جسر جب جنين​ الحجري الذي يمر فوق نهر الليطاني إلى عهد الامبراطورية الرومانية، وقد خدم حتى العام 1958، وبعدها تم بناء جسر موازٍ له ليتقاعد ويبقى من التراث الاثري. والذي يؤكد الخبراء أن قواعده الضخمة تعود الى الفترة الرومانية. ولا يزال جسر جب جنين واقفاً بقناطره الاثنتي عشرة بارتفاع ثلاثة امتار، وبعرض نحو مترين، وبطول مئة متر مع قناطر مبنية بطريقة هندسية رائعة تعرف بـ "البناء القديم "، أي بترابط الأحجار بعضها مع بعض.

الجسر القائم حالياً يعود بأعمدته الى الفترة العثمانية، أما الطبقة الإسمنتية التي تغطي سطحه، فهي من مخلفات الانتداب الفرنسي، وكانت تلك آخر عملية تأهيل عرفها الجسر العتيق. ففي عهد الدولة اللبنانية أُنشئ جسر ثانٍ لا يبعد سوى اربعة أمتار عنه، وأهمل الجسر القديم 50 عاماً على التوالي.

منذ سنة ونصف تقريباً، اكتشفت جمعية "تراثنا" في البقاع، الاهمال الذي لحق بالجسر وعملت مع بلدية جب جنين لرفع الاهمال وتوقيف التعدي على الجسر والاتربة التي تطاوله، وكانت الخطوة الأولى التي قامت بها إزالة النفايات التي كانت تغطي المعلم، علما أنّ العمل جارٍ الآن لترميم الجسر والمنطقة المحيطة به ليبرز كمعلم آثاري سياحياً لتوعية المواطنين على اهمية المحافظة على التاريخ، ولدعم وضع البقاع الغربي على الخارطة السياحية لانعاشه اقتصادياً.

الجمعية تقدمت بطلب الى وزارة الزراعة لتزودها بمواد تمنع اعادة نمو جذوع الأشجار، كما حصلت من المديرية العامة للآثار على مشروع لترميم الجسر واعادة تنظيم مجرى النهر واستصلاح الأراضي المحيطة به بعدما باتت بفعل عوامل الزمن أعلى من القواعد الأساسية.

تعرض الجسر لتعديات وتخريب لحق به، إبان الحرب اللبنانية، من جانب بعض المتطفلين، ظناً منهم أن الأمير فخر الدين، اثناء هروبه، خبأ كنزه فوق إحدى قناطر الجسر، كما نُزعت "بلاطة" كانت موجودة عند الواجهة الجنوبية للقنطرة الوسطى الأساسية تؤرخ تاريخ انشائه وفي اي عهد. ويقول كبار السن في المنطقة إن كتابات كانت محفورة على جدرانه لم يبق منها شيء اليوم.

وللجسر أهمية استراتيجية، فهو كان يربط شرق "اهراءات روما" بغربها، التي يفصلها نهر الليطاني الى شطرين، ولهذه الغاية استحدث الرومان تلة سميت بتلة حيمور، بالقرب من الجسر لتكون نقطة مراقبة لقوافلهم التي تنقل "غلال السهل" من الجهة الغربية الى الجهة الشرقية. التلة بقيت على حالها حتى عندما جاء العثمانيون، الذين استعملوها وعرفت في عهدهم بـ "خان" ال حيمور. وإبان الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، أقام الجيش الاسرائيلي دشماً عسكرية في المنطقة، ويروي الأهالي أن الإسرائيليين نهبوا آثاراً من التلة الرومانية ونقلوها بطائراتهم العسكرية الى الداخل الاسرائيلي في العام 1982.

منذ حوالي السنة قدمت هبة من وكالة التنمية الاميركية بقيمة 118 الف دولار لترميم الجسر ووافق مجلس الوزراء عليها. بدورها قامت وزارة الثقافة بتلزيم اعمال الترميم وبدأ العمل منذ ستة اشهر حيث وصلت الاشغال الى رفع الاتربة والاشجار من بين الاعمدة وتم بناء ما تهدم من جدران بانتظار انتهاء الاعمال لتعطي بلدية جب جنين رأيها في الاعمال، هذا ما يقوله رئيس اتحاد بلديات البحيرة ​خالد شرانق​ الذي يعتبر ان المبلغ ليس بحجم الاعمال. ويؤكد أن البلدية تشرف الآن على تنظيفه ومتابعة شؤونه، وعلى اعمال الترميم، "ولهذه الغاية جئنا بخبراء وعاينوه، وجرى الكشف على قناطر عدة كانت مطمورة تحت الأرض، كما قامت بتنظيف محيطه وإعداده لبدء الأعمال"، مشيراً الى أنه بتحسين الجسر العتيق تتحسن المنطقة، وقد تخلق فرص عمل جديدة، لأن الهدف الأول من المشروع وضعه على الخارطة السياحية ولفت النظر الى المعالم السياحية في منطقة البقاع الغربي المهمل منذ سنوات عديدة.

تقرير ​محمد علي أحمد

للاطلاع على ألبوم الصور الكامل، اضغطهنا