حسمت الهيئة الاستشارية العليا الجدل حول قانون الستين، مؤكدة أنه وُضع لعملية انتخاب واحدة، وبالتالي عدم جدوى البحث في موضوع تحديد مهلة تشكيل هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية من أجل انتخابات أخرى. وصدرت الفتوى بأكثرية أصوات أعضاء الهيئة التي عقدت اجتماعين برئاسة وزير العدل ​شكيب قرطباوي​.

واستندت الهيئة في رأيها غير الملزم إلى نصوص القانون نفسه حول تشكيل ​هيئة الاشراف على الانتخابات​، مشيرة إلى أن المادة 13 منه حددت بدء ولاية أعضاء الهيئة "من تاريخ صدور قرار تعيينهم بناءً على قرار مجلس الوزراء، وتنتهي بعد ستة أشهر من إتمام الانتخابات النيابية العامة"، فيما "لا يوجد أي نص آخر يتعلق بإنشاء هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية، ما يؤكد أن القانون رقم 25/2008 وضع لعملية انتخاب واحدة".

وأشارت الهيئة إلى "أن مشروع ​قانون الانتخاب​ات المقدّم من الحكومة الحالية قد نصّ في مادته الحادية عشرة على ما يأتي: "يعيّن الأعضاء بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير. تبدأ ولاية أعضاء الهيئة قبل سنة من انتهاء ولاية المجلس النيابي وتنتهي بعد ثلاثة أشهر من تاريخ إتمام الانتخابات النيابية". وهذا يؤكد أن المشرّع لم يكن عاجزاً، فيما لو أراد ذلك، عن تحديد مدة ولاية جديدة للهيئة المشكّلة بموجب القانون رقم 25/2008 فيما لو كانت نيّته تتجه لتشكيلها من أجل انتخابات مقبلة".

وخلصت الهيئة إلى أن هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية هي مكوّن أساسيّ في القانون رقم 25/2008 ولا يوجد في هذا القانون أية آلية تلحظ تشكيل هيئة جديدة، ولا يوجد أي مدخل قانوني يسمح بتحديد آلية وتوقيت لتشكيل هيئة جديدة. وبالتالي إن القانون برمته وضع لمرة واحدة.

وقد خالف الرأي المذكور جزئياً رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر ورئيس هيئة القضايا القاضي مروان كركبي.

ورفع الوزير قرطباوي الاستشارة إلى رئاسة مجلس الوزراء مع مقدمة لفت فيها " الانتباه إلى خطورة انعكاس الوضعين الأمني والسياسي في البلاد على أوضاع القضاء وهيبته وثقة الناس به"، معرباً عن خشيته "أن تتحول قضية قانون الانتخاب إلى موضوع يُدخل القضاء من حيث لا يدري في الخلافات السياسية". وأوضح "أن موضوع قانون الانتخاب يتعدى في الظروف الحاضرة الرأي القانوني الصرف ليدخل ضمن السياسة. ويُخشى أن يتحوّل رأي بعض القضاة ورجال القانون، وهو رأي استشاري وليس حكماً قضائياً، إلى مادة سجالية تصيب شظاياها القضاء؛ لأن قانون الانتخابات موضوع سياسي، والخلاف حوله هو في جوهره وحقيقته خلاف سياسي".

ولفت إلى أنه بالتوازي مع رفع الموضوع إلى الهيئة الاستشارية العليا، "أرسلت وزارة الداخلية والبلديات طلب استشارة جديداً إلى هيئة التشريع والاستشارات يتعلق أيضاً بقانون الانتخابات"، وقال: "إذا كان اختلاف الرأي بين قاضٍ وآخر في تفسير نص غامض أمراً طبيعياً، فإنه يخشى هنا، وبسبب الطابع السياسي والانقسام الحاد في البلاد، من الانعكاسات السياسية على القضاء". وكشف عن أن "القضاة المعنيين بهذه الاستشارات قد أعربوا لي عن خشيتهم من نقل الخلاف السياسي حول قانون الانتخابات إلى الهيئات القضائية".

ولفت إلى أن من مراجعة رأي الهيئة والمخالفتين يتبين أن "هيئة التشريع والاستشارات في استشارتها والهيئة الاستشارية العليا في رأيها المرفق ربطاً على أنه يظهر من خلال قراءة الفصل الثالث من القانون رقم 25/2008 المتعلق بالهيئة المشرفة على الحملة الانتخابية أن المشرّع قد وضع القانون المذكور لانتخابات 2009. وقد ورد في إحدى المخالفات التي دوّنها قاضيان قول قريب من ذلك".