بدا من خلال تطورات الساعات الاخيرة أنّ الوضع الأمني في مدينة ​طرابلس​ بات على قاب قوسين من الخروج عن السيطرة، وذلك بعد أن خرجت الساحة عن سيطرة السياسيين وباتت لعبة خطيرة بأيدي المسلحين وداعميهم ومموليهم، بحسب ما يؤكد مصدر محلي متابع.

واللافت أنّ الأوضاع الأمنية في المدينة أصبحت تسير على وقع الازمة السورية، بحيث يلاحظ المصدر أنّ المعارك على محور باب التبانة – جبل محسن تتحرك مع ازدياد ضغط الجيش السوري على "الجيش السوري الحر" و"جبهة النصرة" في أرياف دمشق وحمص، إذ تشتعل الجبهة الطرابلسية كلما حقق النظام السوري تقدما سياسيا أو دبلوماسيا أو ميدانيا.

غير أنّ الأمور انكشفت هذه المرّة بوضوح، كما يقول المصدر، وذلك بعد أن لامست الأزمة السورية حد الانفجار الاقليمي والعربي الشامل، لا سيما بعد دخول الاسلحة الكيماوية على خط المعارك المباشرة والمتأرجحة بين الكر والفر في حلب بشكل خاص وفي أرياف دمشق عموما.

وفي هذا السياق، يخشى أكثر من مصدر من أن تكون الدول الداعمة والممولة للتنظيمات السلفية والاصولية قد أعطت إشارة الانطلاق لتفجير الأوضاع في لبنان انطلاقا من طرابلس، وذلك بعد أن استنفدت وسائل الضغط السياسي والمعنوي كافة وآخرها الاعلان عن تشكيل حكومة سورية انتقالية تأخذ على عاتقها إدارة الأمور في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. بيد أنّ المصدر يلفت إلى أنّ سيطرة "جبهة النصرة" على الأرض وإدارتها للمناطق التي تسيطر عليها تشبه إلى حد بعيد إدارة "طالبان" إذا ما جاز التشبيه، وهذا يعني أنّ ما يتم إعلانه على الاراضي السورية ليس سوى شكل من أشكال الإمارات الاسلامية، على حدّ التعبير.

إزاء هذا الواقع، يعرب المصدر عن تخوفه من أن تكون الخطوة التالية التي تنتظر طرابلس كناية عن محاولة جادة لتهجير علويي جبل محسن لسببين، أولهما الضغط على نظام الرئيس السوري بشار الأسد وإرباكه خارج الحدود بحيث يعجز مبدئيا عن الدفاع المباشر، وثانيهما تطهير المنطقة مذهبيا بعد أن تمّ تطهيرها سياسيا تمهيدا لاعلان أول إمارة في لبنان، وكلّ ذلك بعد أنّ اكتملت التحضيرات الميدانية والعسكرية الجارية على قدم وساق من خلال موجة تسليح وتمويل غير مسبوقة واصبحت الارض مهيأة بالكامل لاحتضان مثل هذه الظاهرة، دائما وفقا للمصدر.

ويوضح المصدر نفسه أنّ ما يعزز هذا الاعتقاد هو أنّ الدول التي تمول تسليح هذه الحركات السلفية لديها اهداف مباشرة وغير مباشرة من وراء ذلك، وتاليا فإنها لم تقم بمثل هذه الخطوات عبثا، ما يعني أنها انخرطت فعلا في التحضير للحرب المذهبية بحسب التعبير، وهذا ما تحولت إليه الأحداث في العراق وسوريا مهما حاولت الدول التخفيف من الواقع. ويستنتج المصدر من ذلك أنه "من المستحيل أن تتوقف هذه الدول عند النقطة التي وصلت اليها، خصوصا أنّ حساباتها تؤكد بان مثل هذه التنظيمات تمكنت من ضعضعة الجيش السوري والتأثير على معنوياته، وهو المعروف بأنّه الجيش الأقوى عربيا وإقليميا في مواجهة إسرائيل، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد نكرانها"، ويرى المصدر أنه "من الطبيعي أن تعمد إلى نفس الأسلوب للنيل من "حزب الله" وحشره وشل قدراته إسوة بما حققته على صعيد الجيش السوري، وذلك لاعادة التوازن العسكري بين الثنائية الشيعية من جهة والسنية السياسية من جهة ثانية". وهذا ما يبرر، بحسب المصدر، سياسة حرب الاستنزاف المتنقلة على مساحة لبنان انطلاقا من شماله مرورا ببقاعه وليس انتهاء بصيدا جنوبا.