أبدينا، ولغير مرة، بمقالات عديدة ان قانون 1960 لا يراعي احكام المادة 24 من الدستور، ليس لان هذا القانون، الذي جرى تطبيقه لاربع دورات متتالية منذ سنة 1960 لغاية 1972 وفي سنة 2009 (معدلا بحسب اتفاق الدوحة)، لا يتمتع بالميثاقية، بل لانه لم يعد يحاكي التمثيل الحقيقي المتساوي بين المسلمين والمسيحيين بعد حرب 1975 وما رافقها من احتلالات وقتل وتدمير وتهجير وتجنيس...

فجاءت وثيقة الوفاق الوطني في الطائف تعالج هذه المسائل عن طريق المساواة في المقاعد النيابية بين المسلمين والمسيحيين من خلال المادة 24 من الدستور التي تنص: "الى ان يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي توزع المقاعد النيابية بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين"، وقد استهلت هذه المادة بالنص الآتي: "يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم وفاقـا لقوانين الانتخاب المرعية الاجراء"، ونصت المادة 42 من الدستور: "تجري الانتخابات العامة لتجديد هيئة المجلس في خلال الستين يومـا السابقة لانتهاء مدة النيابــة".

يتبين وعلى نحو واضح، ان لا تمديد ولا تجديد للمجلس النيابي الا عن طريق اجراء الانتخابات النيابية وبالتحديد خلال الستين يوما السابقة لانتهاء ولاية المجلس النيابي، ما يعني، وفوق كل جدل، ان الانتخاب يجب ان يتم خلال مهلة الستين يوما المذكورة. واذا ما شاء المجلس الحالي، كما يشاع في الآونة الاخيــرة، ان يمدد مهل الترشيح للانتخابات فهذا التمديد يجب ان يراعي مهلة الستين يوما الدستورية، وبخلاف ذلك نكون امام خرق دستوري فاضــح.

وفوق ذلك، اذا ما قرر المجلس النيابي تمديد مهل الترشيح للانتخابات، اي بتعديل المادة 50 من قانون الانتخاب لسنة 1960 التي تنص: "اذا انقضت مهلة الترشيح ولم يتقدم اي مرشح لمقعد معين تمدد حكما مهلة الترشيح سبعة ايام، اذا انقضت مهلة الترشيح ولم يتقدم لمقعد معين الا مرشح واحد، يعتبر هذا المرشح فائــزا بالتزكية وتوجه الوزارة فورا كتابا بذلك الى رئيس مجلس النواب"، يجب ان يلي هذا التعديل دعوة جديدة للهيئات الناخبة بحسب التعديل القانوني الجديد لعدم سريان الدعوة السابقة للهيئات الناخبة على المهـل الجديدة، في حال جواز تعديل احكام المادة 50 من قانون الانتخاب لسنة 1960.

اضف الى ذلك، ان المرشح الذي تقدم بترشيحه استنادا الى قانون 1960 وفق المهل المحددة فيه لا يجوز لاحد ان ينزع عنه هذا الحق المكتسب على وجه قانوني. ويجب على وزارة الداخلية فور انتهاء مهل الترشح ان توجه كتابا لرئيس المجلس النيابي باعتبار المرشح فائزا بالتزكية بقوة القانون عملا بالمادة 50 من قانـــــــون 1960، علما، بان التمديد الحكمي سبعة ايام يطبق فقط بالنسبة للمقاعد التي لم يترشح عنها أحد، اما المقاعد التي لم يترشح عنها الا مرشح واحد فيعتبر هذا المرشح نائبا بالتزكية بحكم القانون وفورا بمجرد انقضاء مهلة الترشــيح.

اذا، ان القانون المرعي الاجراء بحسب احكام الفقرة الاولى من المادة 24 دستور هو قانون الانتخاب لسنة 1960، ولا يمكن زحزحة هذا القانون الا بقانون آخر للانتخاب يراعي الفقرة الثانية من المادة 24 دستور. غير ان هذا القانون لم يبصر النور حتى الآن.. وربما من سابع المستحيلات، على المجلس النيابي الحالي، امام النصوص الدستورية الجامدة والصارمة، تمديد مهل الترشح او ادخال اي تعديل على قانون الانتخاب لسنة 1960، وكل ما في الامر، وحفاظا على المبادئ والقواعد الدستورية، لم يبق امام السلطات والاحزاب والفاعليات سوى القبول بقانون 1960 والسير بالعملية الانتخابية حتى النهاية.

وبرأيي يمكن لمجلس الوزراء، اذا ما رأى ان المجلس الجديد غير مكتمل العدد (128 نائبا) او لاي سبب آخر ان يقرر حله وإجراء انتخابات جديدة ضمن مهلة ثلاثة اشهر من تاريخ الحل عملا بالمادة 25 معطوفـة على المادة 55 من الدستور، ووفــق قانون 1960 ايضا.

وباعتقادي، ان القواعد الدستورية يجب ان تحترم لاسيما المتعلق منها بالانتخابات النيابية ومهلها، ولا عبرة هنا لذريعة التأخير او الخلاف الحاصل من قبل نواب الامة حول وضع قانون جديد للانتخابات، فالشعـب الذي هو مصدر السلطات وصاحب السيادة قد مارس عبر المؤسسات الدستورية حقه الانتخابي وفقـــــا للقانون المرعي الاجراء (اي قانون 1960) ولا يجوز بعد ذلك لاحد انتهاك هذا الحق السيادي.