لم تحمل عطلة عيد الفصح المجيد تطورات نوعية في الداخل اللبناني، سواء على صعيد قانون الانتخاب أو استشارات تأليف الحكومة، التي بقيت "مجمّدة" بانتظار أمر ما. ولم يخرق هذا "الجمود" سوى اللقاء "الاستثنائي" الذي عقد في معراب وجمع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ووزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في اجتماع هو الأول من نوعه، وإن كان رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون قد "مهّد" له بمبادرته الاتصال بجعجع.

وبانتظار "نضوج" الصورة الداخلية وتكشّف طبيعة هذه اللقاءات التي يُعتقد أنها ستتكثف خلال الساعات القليلة المقبلة، انشغلت الساحة بـ"طبول الحرب" التي قرعت ولم تقرَع في آن واحد، في ضوء الغارة الاسرائيلية المستجدّة على سوريا، والتي أعقبتها القيادة السورية بـ"توعّد" بردّ سيأتي في "التوقيت المناسب"، وهو ما انعكس "استنفارا" و"ترقبا" على أكثر من صعيد، علما أنّ التسريبات الصحافية تحدّثت عن "أضواء خضراء" تارة وعن "ردود جاهزة" تارة أخرى، الأمر الذي استبعده الكثير من المراقبين والمتابعين..

هل ستردّ سوريا؟

هكذا، تسارعت الأحداث على الجبهة السورية خلال الأيام القليلة الماضية، في أعقابالغارة التي شنّتها القوات الاسرائيلية على سورياوالتي تمحورت حولها كلّ المواقف، وصولا حتى "قرع طبول الحرب" في أكثر من مكان وطريقة. وإذا كانت ​الحكومة السورية​ سارعت لعقد اجتماع استثنائي أعلنت في أعقابه أنّ ما وصفته بـالعدوان الاسرائيلي السافر يفتح الباب واسعاً امام جميع الاحتمالات"وخاصة انه يكشف بما لا يدع مجالاً للشك حجم الارتباط العضوي بين مكونات الحرب على سوريا بأدواتها الارهابية التكفيرية والصهيونية"، فإنّ السلطات الاسرائيلية كانت تعلن في الوقت نفسهالاستنفار في جميع سفاراتها وقنصلياتها وممثلياتها في العالمتحسبا من اي انتقام ردا على العدوان على سوريا.

وفي وقت "تباينت" المواقف في الداخل والخارج السوري من الغارة الاسرائيلية، وبروز منطق "الدفاع عن النفس" الذي منحته أميركا على لسان رئيسها باراك أوباما لاسرائيل "الحليفة" في معرض تبرير الغارة، لفت خروج من سمي بأنه "ناطق باسم الجيش السوري الحر" عبر التلفزيون الاسرائيلي ليعلن "فرحته" بالغارة التي وصفها بـ"المفيدة جدا"، قبل أن ينفي "الجيش الحر" رسميا أن يكون هذا الشخص منتميا له كما زعم.

وسط ذلك، وفيما استمرّت "التكهّنات" حول طبيعة الرد السوري إذا حصل، برز ما ذكرته صحيفة "الوطن" السورية عن"ضوء أخضر" أعطته القيادة السورية للجهات المختصة للرد للرد على أي عدوان إسرائيلي قد يحصل "دون الرجوع إليها". ووفقا للصحيفة، فقد سمحت القيادة السورية أيضا للفصائل الفلسطينية بـ"القيام بأعمال ضد إسرائيل من الجولان"، وأعلنت "استعدادها لتزويد المقاومة اللبنانية بكافة أنواع الأسلحة". وكان التلفزيون السوري الرسمي نقل من جهته عن مصدر سوري قوله إنه "تم تحديد أهداف جاهزة داخل كيان الاحتلال يمكن قصفها في حال أي عدوان جديد دون الرجوع إلى القيادة"، مؤكداً أن "الصواريخ جاهزة لضرب أهداف محددة في حال حدوث أي اختراق من إسرائيل".

لقاء معراب​ "العفوي"..

إلى الداخل اللبناني الذي حافظ على "جموده" خلال عطلة نهاية الأسبوع وعيد الفصح، وهو "جمود" خرقه بامتيازلقاء "نادر" جمع في معراب كلا من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ووزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل ونائب رئيس المجلس النيابي الأسبق إيلي الفرزلي إضافة إلى النائبين جورج عدوان وإيلي كيروز.

وإذا كان القيادي في "التيار الوطني الحر" الوزير السابق ماريو عون وصف، في حديث لـ"النشرة"، هذا اللقاء بـ"العفوي وغير المحضّر له"، كاشفا أنّ دائرة الاتصالات ستتوسّع خلال المرحلة المقبلة لتشمل مختلف القيادات المسيحية، فإنّ اللافت أنه استبق بسلسلة "خطوات تمهيدية" كان أولها الاتصال الذي أجراه رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون بجعجع، قبل أن يستقبل الأخير الفرزلي في لقاء كان الأول من نوعه.

وفي حين كان من الطبيعي أن يكون قانون الانتخابي "الطبق الدسم" على مائدة "لقاء معراب"، كشفت مصادر شاركت في اللقاء لـ"النشرة" أنه يندرج في اطار تفعيل العلاقات بين المسيحيين لانتاج قانون جديد يؤمن المناصفة الفعلية علما أن ​القانون الأرثوذكسي​ يبقى أولوية. وأوضحت المصادر أنّاللقاء انتهى بالتوافق على التصويت مع الأرثوذكسي في حال عدم انتاج قانون آخر قبل 15 أيار الجاري. وقالت المصادر: "نسعى جاهدين للاتفاق على قانون آخر قبل هذا الموعد ولكن المرجح ان نعود للأرثوذكسي."

وفي أول تعليق على هذا اللقاء، كان لافتا "ترحيب" البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي به، حيث أبدى خلال استقباله وفدا من الأحزاب المارونية في ساوباولو، ارتياحه لهذه الأجواء، مشددا على ضرورة وحدة المسيحيين في هذه الأيام الصعبة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة، مؤكدا في الوقت نفسه أن "بكركي على مسافة واحدة من الجميع".

كلمة أخيرة..

قيل الكثير عن الغارة الاسرائيلية على سوريا وعن طبيعة الرد السوري، وقد يكون في ما قيل الكثير من المبالغة، على الضفتين..

قيل أن إسرائيل دخلت الحرب السورية بالتكافل والتضامن مع المعارضة السورية، وقيل أنها عندما شعرت بتراجع هذه المعارضة قررت إرسال إنذار لمن يعنيه الأمر، وقيل في المقابل أن إسرائيل باتت اليوم تعيش حالة رعب خشية الرد السوري المنتظر، وقيل وسيقال الكثير والكثير..

يبقى الأهم من كلّ ما قيل وسيقال أنّ الغارة الاسرائيلية على سوريا لا يمكن أن تكون إلا عدوانا على دولة عربية، وبالتالي فإنّ على "المتحاربين" اليوم أن يتوحّدوا أقله في تعريف "العدو"، حفاظا على "سيادة" الدولة التي يدّعون جميعا العمل لتحصينها..