في الوقت الذي كان فيه الكثيرون ينتظرون الرد السوري على الغارة الإسرائيلية التي إستهدفت مواقع مهمة بالقرب من دمشق، كانت المفاجأة بقرار وضع جبهة ​الجولان​ تحت تصرف الفصائل الفلسطينية المقاومة، ما يعني أن السنوات الطويلة من الهدوء التي عرفتها هذه الجبهة من المفترض أن لا تستمر طويلاً.

من وجهة نظر الكثير من المراقبين، فإن القرار السوري أقوى من أي رد مباشر كان من الممكن أن يحصل بعد العدوان، ولكن كيف ستتعامل الفصائل الفلسطينية مع هذا القرار؟

"الجهاد الإسلامي" و"القيادة العامة" من أكثر المرحبين

لا تفكر معظم الفصائل الفلسطينية كثيراً في موقفها من القرار السوري، حيث أن معظمها يرحب بأي عمل مقاوم تكون فلسطين هي البوصلة فيه، وإن كان لكل منها وجهة نظره الخاصة من هذا الموضوع، مع العلم أن مطلب فتح جميع الحدود العربية يعود إلى سنوات طويلة بالنسبة لها.

وفي هذا السياق، يرحب عضو المكتب السياسي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" أبو عماد رامز، عبر "النشرة"، بقرار وضع جبهة الجولان تحت تصرف الفصائل الفلسطينية المقاومة، ويشير إلى أن الجبهة تطالب منذ سنوات طويلة بفتح كل الجبهات التي تطوق فلسطين من أجل المقاومة، حيث يؤكد أن الإسرائيلي لا يفهم إلا هذه اللغة.

من جانبه، يشير ممثل حركة "الجهاد الإسلامي" ​أبو عماد الرفاعي​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الحركة ترحب بكل خطوة من هذا النوع، ويلفت إلى أنها تعتبر أن جميع الحدود يجب أن تفتح أمام كل العرب والمسلمين من أجل مواجهة الخطر الإسرائيلي، على إعتبار أن القضية الفلسيطينية هي القضية المركزية لهم جميعهم.

وعلى الرغم من الخلاف الكبير بين قيادة حركة "حماس" والقيادة السورية في النظرة إلى الأحداث الداخلية السورية، يشدد ممثل الحركة في لبنان ​علي بركة​، في حديث لـ"النشرة"، على إدانة الحركة للعدوان الإسرائيلي الأخير، الذي يرى أنه يؤكد ضرورة توحيد الصف، لكنه يشير إلى أن الحركة لا تقاتل خارج الحدود الفلسطينية، ويلفت إلى أنها تعتبر أن معركتها في الداخل لا عبر الحدود العربية.

على صعيد حركة "فتح" لم تتمكن "النشرة" من التواصل مع أمين سر الحركة في لبنان اللواء فتح أبو العردات بسبب إنشغاله بأحد الإجتماعات، إلا أن الناطق الرسمي باسم الحركة أحمد عساف كان قد أعلن في تصريح له رداً على سؤال حول هذا الموضوع أن "المقاومة الفلسطينية لا تعمل بضغطة زر من قبل أي دولة أو جهة، مع احترامنا لسوريا ومكانتها".

وأشار الى أن "الشعب الفلسطيني، وفصائله تقدر متى ترد وكيف ترد وأساليب الرد على الاعتداءات الاسرائيلية، و مقاومته ليست ردات فعل، أو ورقة بيد أي جهة مهما كانت".

ماذا عن مستقبل هذه الجبهة؟

قد يكون من المبكر الحديث عن كيفية تعامل أي من الفصائل التي ستقرر القتال عبر الجولان مع هذه الجبهة الجديدة، على إعتبار أن هذا الأمر يحتاج إلى بعض التحضيرات، لا سيما في ظل الظروف السورية القائمة حالياً، ولكن بعض المعطيات قد تشير إلى المستقبل.

يؤكد رامز أن الجبهة سوف تعمل على توظيف هذا القرار بشكل إيجابي لرفع وتيرة العمل المقاوم، ويعتبر أن القيادة السورية لا تحتاج إلى شهادة حسن سلوك في ما يتعلق بإحتضانها العمل المقاوم من أي جهة، ويشير إلى أن جميع الفصائل إختبرت هذا الأمر على مدى السنوات السابقة.

ولا يرى رامز أن هناك مشكلة في القتال عبر الحدود، حيث يشدد على أن المقاومة عمل متكامل، ويشير إلى أنها يجب أن تكون موجودة في أي مكان هناك إمكانية لها، سواء كان ذلك من الداخل أو من الخارج.

من جانبه، يعتبر الرفاعي أنه في ظل ما يجري في المنطقة العربية من أحداث من الطبيعي تأييد أي خطوة تعيد توجيه البوصلة نحو فلسطين، ويرى أن هذا الأمر هو الذي ينقذ المنطقة من أتون الصراعات الداخلية، ويتمنى أن تتم مواكبة جهود المقاومة الفلسطينية في الداخل من قبل كل المقاومين والأحرار.

من جهته، يؤكد بركة أن قرار "حماس" عدم القتال عبر الحدود ليس بجديد، حيث يوضح أنه يعود إلى تاريخ تأسيس الجناح العسكري في الحركة، ويرفض التعليق على موقف أي من الفصائل الأخرى من هذا الموضوع، لأنه لا يستطيع أن يتحدث باسمها.

في المحصلة، قد يكون من المبكر الحديث عن إشتعال هذه الجبهة في الوقت الراهن، لكن من المؤكد أن القرار السوري سيكون له تداعيات مهمة في المرحلة المقبلة في حال دخل حيز التنفيذ، فهل سيكون هذا القرار رادعاً لإسرائيل أم أن غاراتها ستتكرر في المستقبل؟