نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تحت عنوان "هل تفلت إسرائيل بهجماتها على النظام السوري؟"، مقالا لفتت في مستهله الى أن "هجمات إسرائيل الأخيرة التي استهدفت الصواريخ الإيرانية المتجهة إلى جماعة حزب الله اللبنانية في سوريا، بالإضافة إلى إحدى القواعد العسكرية السورية بالقرب من العاصمة دمشق، كانت تطوراً مثيراً آخر في الصراع الذي يخرج بالفعل عن نطاق السيطرة. وتعكس هذه الهجمات مجدداً قدرة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على اختراق الطريق الذي تتخذه شحنات الأسلحة الإيرانية إلى لبنان، وكذلك مهارتها العسكرية في ضرب الخصوم مع الإفلات على ما يبدو من العقاب. ولكن إسرائيل ما تزال تحت تهديد التعرض للقصف من قبل النظام السوري، فضلاً عن أنها تخاطر بأمن واستقرار المنطقة المحيطة بها".

وأشارت إلى أن "إسرائيل تشعر بقلق متزايد مع انفلات أجزاء عدة من سوريا من قبضة الرئيس بشار الأسد مخافة وقوع الأسلحة الكيميائية السورية أو الأسلحة التقليدية المتطورة في الأيادي الخطأ، بدءاً من جماعات المعارضة السنية المتطرفة مثل "جبهة النصرة" وصولاً إلى جماعة "حزب الله"- الحليف المقرب من الأسد وإيران. ورغم مزاعم الأسد بأن الهجمات الإسرائيلية تثبت مساندتها للمعارضة، فإن إسرائيل لا تقدم دعمها للإطاحة بالأسد.

حيث إن الغارات الإسرائيلية تمثل في الواقع أحدث حلقة في سياسة طويلة الأمد للحيلولة دون نقل الأسلحة التي من شأنها أن تغير ميزان القوى بين إسرائيل وحزب الله. وبصورة أوسع نطاقاً، تهدف الغارات الإسرائيلية إلى عرقلة محور المقاومة الذي يضم إيران وسوريا وحزب الله".

وأوضحت أن "إيران كانت تقدم منذ وقت طويل مئات الملايين من الدولارات ومجموعة واسعة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والمضادة للدبابات، إلى حزب الله. ومنذ نشأة حزب الله في أوائل الثمانينيات، عملت سوريا كوسيط عن طريق السماح بعبور القوات والأسلحة الإيرانية إلى لبنان- وهو أمر كان يثير حفيظة العديد من خصوم حزب الله، لاسيما إسرائيل".

ورأت أن "الهجمات الإسرائيلية تنطوي على مجازفة لثلاثة أسباب رئيسية. ويتمثل الرهان الأول في أن سوريا لن ترد على الهجمات.

فقد كانت إسرائيل بمثابة كبش فداء للأنظمة العربية التي تفتقر إلى المصداقية على الصعيد المحلي. ويدعم الأسد حزب الله وحركة "حماس" الفلسطينية وغيرها آملاً في كسب تأييد شعبه ودعم كافة الدول العربية من خلال تشتيت الانتباه عن الاستبداد والمعاناة الاقتصادية التي تعيشها بلاده. ويعتقد القادة الإسرائيليون أن الإستراتيجية التي طالما انتهجها الأسد لا تزال قائمة حتى الآن؛ فعندما ضربت إسرائيل المفاعل النووي السوري عام 2007، التزم الأسد ومؤيدوه الصمت ولم يلجؤوا إلى الانتقام. ويراهن الخبراء الإسرائيليون اليوم على أن الأسد في مأزق لا يسمح له بالمخاطرة بالتصعيد، حيث إن تكبد المزيد من الخسائر أمام إسرائيل وقوتها الجوية من شأنه حرمان النظام من قوات النخبة التي يحتاج إليها لمقاتلة المعارضة. ومع ذلك، قد تتغير حسابات الرئيس السوري إذا فقد قبضته على أجزاء أكبر من البلاد.

ويتمثل رهان إسرائيل الثاني في أن حزب الله لن يسعى هو الآخر للرد. فقد ساد الهدوء النسبي الحدود الإسرائيلية مع لبنان منذ الحرب الدامية التي وقعت عام 2006، حيث خشي حزب الله من أن استفزاز إسرائيل قد يؤدي إلى حرب جديدة سوف يتحمل مسؤوليتها. ولكن من خلال دعم الأسد، فقدت الجماعة اللبنانية الآن شعبيتها في لبنان وكافة أنحاء العالم العربي بينما تصعد الحرب السورية العداء الطائفي في لبنان. غير أن عدم الاستجابة على الهجمات الإسرائيلية ضد إمدادات أسلحتها من شأنه أن يقوض مصداقية الجماعة اللبنانية، وهو أمر قد يدفع حزب الله للرد. ويتمثل الرهان الإسرائيلي الثالث في أن التدخل المتزايد من قبل الدول المجاورة سيؤدي إلى سقوط سوريا".