اصدر المجلس النيابي في 10/4/2013 قانون تعليق المهل الانتخابية المنصوص عنها في قانون الانتخاب لسنة 1960، لاعتقاده ان هكذا تعليق للمهل يتيح المجال لانتاج قانون جديد للانتخاب ويحول، بذات الوقت، دون فـوز المرشحين بالتزكية ويقفل باب الترشيح الى ما قبل ثلاثة اسابيع، بدلا من ستين يوما، من الموعد المحدد للانتخاب فــــــي 16/6/2013.

نشير، هنا، الى ان قانون تعليق المهل المذكور يصبح محصنا Loi - ecranاذا لم يطعن به امام المجلس الدستوري ضمن مهلة 15 يوما من تاريخ نشره، وتضحى المهل المستحدثة فيه، بمثابة مهل قانونية جديدة للانتخابات، وان كانت متعارضة مع احكام الدستور.

يتبين، في ضوء مـا تقدم، ان قانون تعليق المهل الانتخابية يحدث اثرا قانونيا نافذا في حال عدم الطعن به ضمن المهلة القانونية وذلك، بخلاف ما يبديه البعض، تبسيطا للامور، من ان قانون 1960 متى عاد الى السريان في 19/5/2013 بفعل قانون تعليق المهل الانتخابية تعود معه مهلة الترشيح ومهلة اجراء الانتخابات وكأن شيئا لم يحصل من خروقات دستورية!! في حين ان حصول الطعن بقانون تعليق المهل وابطاله يؤدي الى اعتباره كأنه لم يكن ويعيد الحال الى ما كانت عليه عملا بالاثر الرجعي للابطال، ما يعني، ان ابطال القانون لعدم دستورية يعتبر، بمقتضى المادة 22 فقرتها الاخيرة من قانون انشاء المجلس الدستوري، كأنه لم يصدر البتة ولا يجوز لاي كان التذرع بــه.

ولئن كانت الكلمة الفصل هي لقرار المجلس الدستوري بموضوع الطعن المقدم امامه من قبل 11 نائبا، الا ان مهلة الستين يوما الدستورية لاجراء الانتخابات وفقا للمادة 42 دستور، التي تبدأ في20/4/2013 وتنتهي في 20/6/2013 بانتهاء ولاية المجلس النيابي، لم يحترمها قانون تعليق المهل الانتخابية المطعون فيه، وانه في حال ابطاله تعتبر هذه المهلة الدستورية غير منقطعة وسارية المفعول اعتبارا من 20/4/2013 كما كان محددا لها في الدستور، ويفترض، تبعا لذلك، اجراء الانتخابات بموعدها المحدد في 16/6/2013 وكأن المهل المحلوظة في قانون 1960 لم تعلق لحظة واحدة.

اما بالنسبة الى مسألة الغائه للمادة 50 من قانون 1960 (المتعلقة بتزكية المرشحين) فان هذه المادة سواء كانت موضوع طعن ام لا او كانت منفصلة ام غير منفصلة عن قانون تعليق المهل المطعون فيه فان ابطالها من عدمه لا يغيــّر شيئا في الجوهر اذا كان هناك مرشح واحد لمقعد واحد.

يتحصل مما تقدم، ان هناك بونا شاسعا بين حصول الطعن من عدمه. وفي جميع الاحوال، وبحسب ما يفرضه المجرى الطبيعي للامور، يبقى قانون 1960 سيد الموقف، ولا يمكن التملص منه بطرق غير دستورية وكيفما اتفق، وباعتبار ايضا ان المجلس النيابي خلال المهلة الدستورية لاجراء الانتخاب يصبح هيئة غير صالحة وغير مختصة لاشتراع قوانين انتخاب جديدة، كما انه ليس من المنطق بشيء ان تكون الانتخابات جارية او في فترة جريانها الدستوري ومجلس النواب ينظر بقانون جديد للانتخاب في آن معا ! فهذا منتهى الفجور التشريعي.

وعليه، فهل يغامر المجلس النيابي، مرة اخرى في خرق الدستور، اذا ما عقد جلسة 15/5/2013 لاقرار قانون جديد للانتخاب؟ علما، بان وضع قانون جديد للانتخاب في الفترة الوجيزة الباقية من عهده هو ضرب من ضروب المستحيل، وينم عن عبثية وخفة واستخفاف بالعقول وبالشعب اللبناني صاحب السلطة والسيادة، ويعرض المصالح العليا للبلاد للمصير المجهــول.

وان ما يثار التساؤل حوله: هل ان الفريق السياسي المسيحي خصوصا، قد فشل على صعيد معالجته للملف الانتخابي الذي يعتبر من اهم الملفات المطروحة امامه؟! ام ان المشروع الارثوذكسي غير القابل للحياة قد استعمل كاداة استدراج الى الاماكن الضيقة التي لا يمكن الخروج منها كمن يسلط سيف " ديموكليس " فوق رأســـه ؟! وهل ان اللعبة الانتخابية قد انتهت... في ضوء الطروحات الكثيفة لمشاريع قوانين الانتخاب في الآونة الاخيرة والتي يصح فيها القول: كمن يدس السم بالدسم، كونها طروحات غير قابلة جميعها للتنفيذ وتعبــّرعن مـــوت ذاتها بذاتهــا؟!