يستمر التحضير اليومي لمؤتمر جنيف المرتقب على المستويات كافة، فمن اجتماع أصدقاء جزء من الشعب السوري في العاصمة الأردنية عمان، الى لقاءات للمعارضة الاسطنبولية أمس، الى خلافات عربية حادة طغت على اجتماع اللجنة الوزارية العربية أمس في القاهرة، كل ذلك بسبب الوجود المؤرّق للرئيس الأسد واحتمال بقائه القوي على رأس الدولة السورية إلى عام 2014، بحسب السفير السوري في عمان اللواء بهجت سليمان، الذي عقد مؤتمره الصحافي بالتزامن مع اجتماع الأصدقاء المفترضين للشعب السوري في المدينة نفسها، لتأتي تصريحات وزير الخارجية الأميركي متناقضة مع نظرائه، البريطاني والفرنسي، وشبه متطابقة مع ما صرح به السفير السوري سليمان حول بقاء الرئيس الأسد في السلطة، وان هذا الأمر يقرّره الشعب السوري.

إن التقدّم الميداني المستمر للجيش السوري على مختلف محاور الاشتباك واستعادته لمساحات مهمة واستراتيجية من المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة، واستعداده لإعلان منطقة القصير منطقة آمنة يوم 25 أيار الجاري، وذلك بحسب ما أكدته مصادر ميدانية لـ»البناء»، سيكون ذلك التاريخ رسالة موجهة إلى العدو الصهيوني والقوى الداعمة للمسلحين، تذكرهم بنصر المقاومة في جنوب لبنان في 25 أيار 2000، في ظل خطاب منتظر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء غدِ السبت.

ووسط الدعم الروسي الإيراني المستمر بغطاء صيني للحكومة السورية عسكرياً وسياسياً ومادياً، والذي لا يبدو أنه سيتوقف قريباً، بل من الواضح أنه سيظل يتّجه تصاعدياً مع استمرار العناد الغربي والهجمة الشرسة على سورية، ويبدو أن الدعم المستمر والتأكيد الروسي على التمسّك بالرئيس الاسد على رأس الدولة ووجوده ضمن اي اتفاق سياسي قادم لحلّ الازمة، دفع بالاطراف المختلفة للتهرّب من قول الكلمة الأخيرة التي ستحرج اي طرف ينطق بها، وهي قبول الطرف الغربي - العربي المعادي ومن ضمنه المعارضة الخارجية، التفاوض مع الوفد الحكومي السوري وبقاء الرئيس الاسد على رأس الدولة إلى عام 2014. فرغم ضجيج التصريحات المستمرة حول بقاء الرئيس الأسد، يبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيتجهون في النهاية مرغمين إلى قبول التسوية الروسية، ولا حول ولا...

إلى ذلك، التقى مستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون مع أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف في البيت الأبيض أمس، قاطعه اوباما الذي انضم إلى الاجتماع، ليصرّح بعده، مشدداً على «أهميةَ تعميق التعاون في محاربة الإرهاب مع موسكو، وضرورةَ التوصّل إلى تسوية سياسية تقوم على التفاوض في سورية «. وأشار الرئيس الأميركيّ إلى أنه «يتوق للقاء نظيره الروسيّ خلال قمة مجموعة الـثماني في حزيران المقبل.

أتى هذا التصريح بعد التصعيد الذي طغى على مؤتمر عمان الذي استبعد في بيانه الختامي اي دور مستقبلي للرئيس الأسد، ليكون المؤتمر بذلك قد فرغ من مضمونه بعد تصريحات أوباما ووزير خارجيته جون كيري. ويأتي ذلك، في وقت نقلت مصادر إعلامية عن مصدر حكومي إيراني، أن واشنطن دعت إيران إلى حضور مؤتمر جنيف 2، وان الدعوة ستوجّه رسمياً لها في الوقت المناسب، ما يعدّ مؤشراً جديداً في رضوخ الولايات المتحدة للضغوط الروسية.

ووسط تحذيرات روسية جاءت على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف، حيث أكد أن «الاضطرابات التي تعمّ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيكون لها انعكاسات على أمن العالم برمته»، متوقعاً أن يطول أمدها وتكون مؤلمة».

وتحذيرات أخرى لرئيس ديوان الرئاسة الروسية سيرغي ايفانوف من أن الخطوات الهادفة إلى تغيير قيادة بعض الدول، خطيرة للغاية، مشيراً إلى أنها ستوسّع منطقة عدم الاستقرار، وقال «هذه الأساليب خطيرة للغاية وقد تأخذنا جميعاً إلى طريق مسدود، وقد تسفر عن توسّع منطقة النزاعات والعنف»، وجاءت هذه التصريحات على هامش مؤتمر دولي ترعاه وزارة الدفاع الروسية في موسكو تحت عنوان «الجوانب العسكرية والسياسية للأمن الأوروبي».

التصريحات المتلاحقة تأتي وسط معلومات وصلت إلى «البناء»، أن الوفد السوري المفاوض في مؤتمر جنيف قد شكل فعلاً من دون ذكر أسماء، وأن التحضيرات السورية للمؤتمر من وفود صحافية وما الى ذلك، قد بدأ العمل بها، وأشارت المعلومات أن الوفود الصحافية ستصل يوم 9 حزيران المقبل، أما الوفود الدبلوماسية المشاركة ستبدأ بالوصول يوم 10 حزيران.

كل ذلك، كان وسط استمرار الجيش السوري في عملياته الميدانية والتي من المتوقع أن لا تتوقف حتى خلال فترة انعقاد المؤتمر المرتقب.