تطرح الكثير من التحركات التي تقوم بها بعض الجماعات السلفية على الساحة اللبنانية، الكثير من علامات الإستفهام حول سبب عدم مواجهتها من قبل "حزب الله"، مع العلم أن إستفزازاتها من وجهة نظر جمهوره تتخطى المقبول، وهذا الأمر تم التعبير عنه في أكثر من مناسبة.

بعض الأفعال التي كانت تحصل في الماضي القريب لم يكن جمهور الحزب يقبل السكوت عنها بأي شكل من الأشكال، لكن اليوم باتت تمر مرور الكرام، لا بل أن قيادات الحزب تبذل جهداً كبيراً في التخفيف من ردة فعل أوساطه عليها، ما يؤكد أن الحزب فعلاً يتجنب المواجهة.

الإنتشار السلفي يتوسع

لم يعد خافياً على أحد أن إنتشار بعض الجماعات السلفية التي تتخذ موقفاً معادياً لـ"حزب الله" بات واسعاً إلى حد كبير، والأحداث الأخيرة التي شهدتها أكثر من منطقة أكبر دليل على ذلك.

تنطلق مصادر متابعة لتحركات هذه الجماعات من الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة صيدا لتؤكد أنها "أصبحت قادرة على توسيع رقعة الإشتباكات التي تقوم بها بشكل خطير"، وتشير إلى أن "هذه الأحداث رافقتها تحركات في أكثر من منطقة، كانت جاهزة لتوسيع رقعتها في ما لو إضطرها الأمر إلى ذلك".

وتوضح هذه المصادر أن "ما تم الكشف عنه عبر وسائل الإعلام هو التحركات العلنية في مدينة طرابلس، في حين كانت هناك تحركات موازية في بعض المناطق الأخرى لم تأخذ طبيعة تصاعدية، لكنها كانت قائمة في كل من الناعمة وعكار وبعض أحياء مدينة بيروت، إضافة إلى بعض المخيمات الفلسطينية والتي تم التعامل معها من قبل الفصائل الفلسطينية بشكل سريع، تجنباً لزجها في أي صراع لا فائدة لها منه، مع العلم أن هذا الموضوع لم يقتصر على مخيم عين الحلوة فقط".

وتشدد المصادر على أن "الجماعات السلفية المتعددة التي يتم الحديث عنها ليست موحدة من الناحية التنظيمية، وبالتالي لا يمكن إعتبارها فصيلاً واحداً، لكنها موحدة بالنسبة إلى الأهداف التي لديها على الساحة اللبنانية، وهي تحصل على تمويل كبير يدل عليه حجم الأعتدة الموجودة لديها"، وتؤكد "وجود دور يقوم به بعض النازحين السوريين في هذا السياق"، لافتة إلى أن "أغلب عناصر هذه المجموعات هم من هؤلاء".

لماذا يتجنب الحزب الرد؟

على صعيد متصل، تستعرض مصادر في قوى الثامن من آذار مقربة من الحزب رؤيتها الشاملة لما يحصل في هذا الموضوع، فترى أن "موقف الحزب ينبغي النظر اليه من أكثر من زاوية لكي يتم تفهمه، بالرغم من أن الجمهور قد لا يتفهم الأمر".

وتشير المصادر الى "منطلق أخلاقي لا يمكن إغفاله في هذا الأمر، حيث يعتبر الحزب من الناحية الشرعية أن من الواجب الإبتعاد عن الفتنة قدر الإمكان"، لأنها "بالنسبة إليه هاجس كبير في المرحلة الحالية، إضافة إلى الرؤية الإستراتيجية التي تقوم على تحديد هدف معين يتم التركيز عليه، وتجنب الدخول في صراعات جانبية لا فائدة منها".

ومن جهة ثانية، تؤكد المصادر مطالبة بعضهم الحزب بالتعامل مع هذه الظواهر بشكل حاسم منذ إنطلاقتها، لكنها توضح أن "هذا الأمر لم يكن وارداً بالنظر إلى الإنعكاسات التي ستنجم عنه، لا سيما أن هذه الجماعات هي في فترة "فورة" كبيرة في المرحلة الحالية، ما يعني أن هذا الأمر قد يكون له إنعكاسات أخطر من الظواهر نفسها، خصوصاً أن بعض الجهات تنتظر من الحزب الإقدام على مثل هذه الخطوة من أجل إستغلالها في سياق الحملة الكبيرة التي تشن ضده".

وترى المصادر أن "الحزب ما يزال قادراً حتى الساعة على التعامل مع هذه الظواهر من دون الصدام المباشر معها، من خلال ترك معالجة التجاوزات التي تقوم بها إلى الأجهزة الأمنية، إضافة إلى دور الحلفاء في المساعدة على "الإحتواء"، بينما يعمل هو على منع حصول أي ردة فعل من قبل جمهوره".

وتشدد المصادر على أن "القدرة على تجنب إستعمال القوة من قبل الحزب في التعامل مع هذه الجماعات دليل قوة لا ضعف"، مشيرة إلى أنه "قادر على الإستمرار في هذه السياسة بالرغم من كل الإستفزازات التي قد تكبر في الأيام المقبلة".