نقلت صحيفة "الراي" الكويتية عن اوساط مطلعة ان ما حصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الأيام الاخيرة كان دليلاً كافياً على وجود قرار استراتيجي لدى "حزب الله" بعدم تسهيل تشكيل الحكومة الآن على الأقلّ. فرغم كل ما صدر عن بري من مواقف وتوضيحات في شأن عدم تقديمه أسماء المرشحين (الوزراء) الشيعة الى رئيس الحكومة المكلف تمام سلام وفق ما كان بري اكد استعداده للقيام به، ثبت ان مبادرته خضعت لـ"الفرْملة" القوية بفعل الالتفاف عليها من جانب الحزب وفريق العماد ميشال عون.
وقالت الاوساط نفسها انه بدا لافتاً في الايام الاخيرة اشتداد حملة يقودها نواب ومسؤولون في "حزب الله" على تيار "المستقبل" في ما يشكل في رأي هذه الاوساط ذريعة للحزب لاحتواء اي تحرك في الملف الحكومي من جهة والتمويه على ضرب حركة بري من جهة اخرى.
ولفتت الاوساط الى ان احتواء "حزب الله" لحركة بري ومبادرته برزت ايضاً من خلال الكلام على لقاء حصل بين العماد ميشال عون والامين العام للحزب السيد حسن نصرالله لتجديد التفاهم بينهما ووضع حد لكل ما تردد عما اعترى التفاهم من بعض التباينات في بعض الملفات الداخلية قبل ان يعلن بري "الانفصال" عن عون في الملفات الداخلية وتعليق العمل بفريق 8 آذار كإطار سياسي.
وفي ظل ذلك، رأت الاوساط نفسها ان المرحلة الآتية قد تتسم بتصعيد اضافي لسقوف الشروط المتصلة بالوضع الحكومي لان القرار الفعلي لدى قوى 8 آذار والذي أعاد "حزب الله" تحديد معالمه هو بالإبقاء على حكومة تصريف الاعمال برئاسة نجيب ميقاتي الى موعد الانتخابات الرئاسية وربما الى ما بعدها ايضا اذا تعذّر اجراء الانتخابات في ايار المقبل. ولن يكون ممكنا توقع تشكيل حكومة جديدة الا بتحريك خارجي قوي يكون نتيجة تقاطع مصالح دولية واقليمية ولا سيما منها سعودية-ايرانية وهو الامر الذي يبدو متعذراً بل مستبعداً تماماً في هذه المرحلة والى أمد لن يكون قصيرا.
ولاحظت الاوساط نفسها ان سائر القوى السياسية سلّمت بهذا الاتجاه مما يفسر تراجع كل المبادرات والوساطات ولو ان ذلك لم يوقف المساعي التي يستمر بها بعض المراجع كرئيس الجمهورية ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط. ولفتت في هذا الاطار الى السعي مستمر نحو توافق الحد الادنى على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان. ويبدو ان هذا الامر لن تسقطه الازمة السياسية ايضاً اذ ان المشاورات عكست عدم وجود ما يحول دون التوافق على التمديد لقائد الجيش جان قهوجي رغم كل ما قيل في هذا الصدد. واذا كان البحث يجري عن صيغة قانونية للتمديد من خارج ازمة عدم تمكن مجلس النواب من الانعقاد للتصويت على التمديد، فان الاوساط المعنية اكدت ان التوافق العريض على التمديد لم يتبدل واقعياً مما سيسمح بتوفير غطاء سياسي للخطوة كبديل من الفشل السياسي في حل الأزمة السياسية.