في ​نهر بيروت​ تمساح ضلّ طريقه فجندت له وزارتا البيئة والزراعة كل إمكاناتهما لإعادته الى مكانه الطبيعي.

في بلدي تماسيح ضلت طريقها وأضاعت بوصلتها فخرجت عن مكانها الطبيعي وزرعت الرعب وعدم الطمأنينة في قلوب اللبنانيين، الذين لم يعودوا آمنين في بلدهم منذ مدة طويلة وطويلة جدا، ولم تكلف أي وزارة نفسها ولا حتى مجلس الوزراء مجتمعا أن يعيد الوضع الى طبيعته أو الى المكان الطبيعي في كنف دولة ذات حرية وسيادة وإستقلال.

تمساح صغير غريب عن بلده الأم يثير ضجة في بلد كثر فيه الضجيج، حتى أننا لم نعد نميز ما بين تغريد الطيور أو خشخشة التماسيح، أو أزيز الرصاص أم دوي القذائف أم صفير الصواريخ، التي وإن صُرّح عنها تكون "ضالة" لطريقها هي أيضا.

الشرطة البلدية في منطقة التمساح لا تسمح للمواطنين بالاقتراب من المكان حفاظا على أراوحهم وكي لا تعرضهم للخطر، فالقاء القبض عليه يلزمه تجهيزات وإمكانات لا يملكها البلد!

البلد لا يملك الإمكانات للقبض على التمساح، ولا يملك الإمكانات لإحصاء عدد آخر منه قد ينزح ولا يضبط حدود النهر ايضا كي لا تستباح من التماسيح....

يخافون على أرواح المواطنين من التمساح ولا يخافون عليها من العبوات الناسفة ولا من الفتن المتنقلة ولا من السجالات السياسية العقيمة ولا من السلاح المتفلت في كل بيت وكل حي ولا من الحركات الأصولية. يخافون على اللبنانيين من التمساح ولا يخافون عليهم من "سمعتهم العطرة" في الخارج.

تمساح في نهر بيروت يتصدر عناوين الأخبار، فيما الجوع والعطش والظلمة وقهر المواطنين وغلاء الأقساط المدرسية وهجرة الشباب المتواصلة وبيع الأراضي اللبنانية للأجانب وفشل الموسم السياحي وسوء الوضع الإقتصادي المتنامي وضياع الحياة الإجتماعية والعائلية بين الأفراد.... كلها باتت عناوين ثانوية في بلدي الذي أضاع بدوره صفة "الدولة" وبات مرتعا للتماسيح.

التمساح في نهر بيروت إنتقى البيئة الحاضنة له، فلجأ اليها وكله امل في رغد العيش عندنا.

"حرام تركوه يصيف عنا هيك هيك موسم الأصطياف ما عليه اقبال كبير هالسنة!"