مع دخول البلاد في عطلة عيد الفطر ارتاحت السياسة مفسحة في المجال امام زيارة رئيس كتلة "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون الى زحلة للتقدم على ما عداها في ظل اطفاء محركات التأليف والامن على حد سواء اضافة الى غياب المواقف وترحيلها الى ما بعد العطلة الرسمية.

وتراوح الزيارة "البرتقالية " الى العاصمة الكاثوليكية زحلة بين مؤيد ومتحمس لها لاسيما من قبل انصاره، ومعتبر انها لا تقع في مكانها الصحيح من حيث الشكل والتوقيت. فهي تأتي عقب زيارة البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي ودعوته نواب المدينة المنتمين الى التيار الازرق، الى اطلاق حوار مع الجوار تجنبا لمزيد من الارباكات اضافة الى الحصار السياسي المطبق على التيار العوني، وهو حصار جاء من قبل حلفائه قبل خصومه السياسيين، فضلا عن البرودة الزائدة مع الكتلة الشعبية ورئيسها الياس سكاف والممتدة منذ الانتخابات الاخيرة. مع الاشارة الى ان الكتلة المذكورة كانت وراء الحشد الذي استقبل البطريرك الراعي وهي ستكون من ابرز الغائبين نظرا الى انها لم تتلق دعوة مباشرة من قبل الرابية او اي من دوائرها المعنية ما يؤكد صحة المقولة التي طالما اطلقتها الكتلة الشعبية وهي ان تحالفها مع العماد عون في انتخابات العام 2005 هو تحالف الصدفة ولا يرقى الى مستوى التحالف الاستراتيجي او التكتيكي.

ما يزيد الخشية من تداعيات الزيارة هو الوضع السياسي الحرج الذي يمر به التيار البرتقالي بعد خلافات رئيسه الحادة مع حركة امل من جهة وتيار المردة من جهة ثانية وحزب الطاشناق ثالثا والكتلة الشعبية التي تعتبر نفسها مطعونة بالظهر بعد ان استغيبها الجنرال في عملية تسمية وزراء الكاثوليك في زحلة كما غيبها وزراء التيار عن التعيينات الادارية ولو بحدها الادنى الذي يحفظ ماء الوجه من جهة رابعة. فضلا عن خصومته المعهودة مع الاحزاب المسيحية المارونية المتواجدة في المدينة ما يعني ان الزيارة بحد ذاتها قد تشكل مفارقة اذا لم يكن استفزازا للمدينة وخصوصيتها الكاثوليكية والحزبية بحسب تعبير اوساط فاعلة فيها.

استنادا الى ما تقدم تطرح اوساط زحلية واسعة اكثر من علامة استفهام حول معنى الزيارة في هذا الوقت، وما اذا كانت للاستقطاب السياسي، او لجس نبض الشارع المسيحي في البقاع الاوسط، وهو بات يتوزع على القوى المحلية بعد فشل نواب المدينة في تقديم اي شأن انمائي او خدماتي او حتى سياسي واعطاء الحق الحصري في ادارة شؤون المدينة لاحزاب الرابع عشر من اذار وتياراته لا سيما المستقبل. او حتى لاطلاق موقف في محاولة لاستمالة الشارع الماروني البقاعي، مستفيدا من غياب النائب الماروني الوحيد عن مسرح الاحداث في ظل هجمة تكفيرية وصلت الى ابواب المدينة المسيحية البقاعية الاكبر بما يتقاطع مع حركة البطريرك الراعي التي تبقى لها الارجحية المطلقة بحسب مصادر كنسية زحلية.

هذه المعطيات دفعت بقيادي محلي الى التساؤل عن الهدف الاستراتيجي من الزيارة خصوصا ان الاحصاءات التي اجراها التيار نفسه اشارت الى تقدم كبير لمصلحة الكتلة الشعبية وزعيمها، كما اشارت الى استحالة تسجيل اي نجاح في حال عدم التحالف معها ومع ذلك فهو يقدم على الزيارة في اعقاب توتر واضح في العلاقة مع المردة والطاشناق وهما يتشاركان في مكونات البقاع الاوسط السياسية ما يطرح علامة استفهام حول ما اذا كان الجنرال سيخسر في زحلة ما ربحه في كسروان والمتن.