بين المخطوفين اللبنانيين في سوريا، أو في تركيا كما يحرص بعض أهاليهم على القول، والمخطوفَين التركيّين في لبنان، بقيت هذه القضية في صدارة الاهتمامات خلال الساعات الماضية، في ظلّ مخاوف "جدية" من انعكاسات "سلبية" لها على المشهد العام بل على ​العلاقات اللبنانية التركية​، وهو ما نبّه إليه مسؤولون أتراك بشكل صريح.

وفي حين لم تلح في الأفق أيّ "بوادر حل" للأزمة المستجدّة على الرغم من "الاستنفار" الذي تعيشه الدولة في سبيل إنهاء أزمة التركيّين المخطوفَين، والذي تحوّل إلى مدعاة "حسرة" لدى أهالي مخطوفي أعزاز الذين تمنّوا لو أنّ قضيتهم نالت من اهتمام "دولتهم" ما نالته قضية الأتراك، سُجّلت بعض التحرّكات على أكثر من صعيد التي يفترض أن "تثمر"، إذا كُتِب لها ذلك.

وسط ذلك، بقيت حكومة "الأمر الواقع" محور "أخذ وردّ" في الداخل اللبناني، بين "متحمّسين بشدّة" لقيامها "قبل فوات الأوان" في مقابل رفض كامل لها من قبل قوى الثامن من آذار، وتحذيرات من تداعياتها "الكارثية" على الواقع العام، علما أنّ الساعات المقبلة يفترض أن تكون "حاسمة" على هذا الصعيد.

تركيا تحذر.. ولا تهدّد؟!

بقيت قضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز والمخطوفين التركيّين في لبنان في صدارة الاهتمامات لليوم الثالث على التوالي بظلّ "استنفار عام" يواكب هذه القضية على أكثر من صعيد، في حين لفت خلال الساعات الماضية تحذير تركي هو الأوّل من نوعه، وإن ارتدى "طابعا دبلوماسيا"، وذلك في اتصال جمع وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو بوزير الخارجية عدنان منصور وأعرب خلاله عن قلق بلاده الشديد من "تداعيات سلبية" على العلاقات بين البلدين اذا لم يفرج عن الطيارين مؤكدا ان لا علاقة لتركيا بعملية خطف اللبنانيين في اعزاز.

وفيما حرصت مصادر وزارة الخارجية على نفي ما وُصف بأنه "تهديد تركي للبنان"، موضحة لصحيفة "الأخبار" أنّ داود أوغلو لم يهدد لبنان وإلا لكانت الخارجية التركية استدعت السفير اللبناني في انقرة أو القائم بالاعمال وحملته رسالة واضحة بهذا الشأن، معتبرة أنّ كلام داود اوغلو لا يعدو كونه ضغطاً دبلوماسياً على السلطات اللبنانية للإسراع في حل مسألة المخطوفين التركيين، برز ما كشفته عضو لجنة المتابعة لقضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز حياة عوالي عن تلقيها اتصالا من صحافية تركية سألتها فيه عن قضية خطف الطيارين التركيين في بيروت، ولفتت إلى أن الصحافية عرضت عليها الإفراج عن المخطوف عباس شعيب مقابل إطلاق الطيارين، فأجابتها بطلب عودة جميع المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، واضعة هذا الأمر "برسم الدولة التي تنفي علاقة تركيا بالموضوع".

وفي سياق متصل، سُجّل خلال الساعات الماضية تطور قضائي تمثل في اطلاع النائب العام التمييزي بالانابة القاضي سمير حمود والنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم على التحقيقات الاولية التي تجريها شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي مع الموقوف محمد صالح في قضية خطف الطيارين، فيما لفت تحرك مشترك لكل من مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" الحاج وفيق صفا والمسؤول في حركة "أمل" حسين العجمي في اتجاه القضاء في قضية صالح.

"حزب الله" مدعوّ للمساعدة

سياسيا، حضرت قضية المخطوفَين التركيّين على طاولة بحث كتلة "المستقبل" التي قرّرت أن تحمّل "حزب الله" المسؤولية عنها بشكل شبه مباشر، إذ اعتبرت أنّ القرار بتنفيذ هذه "الجريمة الارهابية"، كما وصفتها، يشكّل نقلة نحو مرحلة جديدة يشجّع عليها سكوت "حزب الله" عنها وعدم العمل على قمعها وإنهائها في مهدها وعدم إدانتها بالحدّ الأدنى، مشيرة إلى أنّ الحزب يستمرّ في سياسة إغراق البلاد في دورة من الابتزاز والترهيب، لافتة إلى أنّ "الجريمة" تمّت في منطقة نفوذ الحزب "المقفلة" وأمام أعين أجهزة الدولة، "وربما يكون حزب الله أكثر من يعرف تماما مكان احتجاز الرهائن ومن قام بهذه الجريمة، وبالتالي فإنّ عليه المساعدة على تحرير الرهينتين وإطلاق سراحهما".

وفي حين حصر تكتل "التغيير والاصلاح" بحثه الأسبوعي بملف النازحين السوريين والفلسطينيين حيث أصدر "طرحا" تضمّن الدعوة لوقف استقبال النازحين القادمين من سوريا وضبط الحدود "بشكل كامل" باستثناء الحالات الانسانية الطارئة والتنسيق مع الدولة السورية لاعادة النازحين لديارهم، لفت كلام لرئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ اعتبر فيه أنّ "حزب الله" هو المشكلة الراهنة "الوحيدة" في لبنان، محذرا من أنّ "أيّ مواجهة سياسية جدّية مع "حزب الله" قد تزجّ البلد في مشكلة أمنية عسكرية كبرى"، معربا عن خشيته من حصول محاولات اغتيال جديدة.

وسط ذلك، لم يطرأ جديد على الملف الحكومي، في حين استمرّ التباعد بين فريقي الثامن والرابع عشر من آذار على مقاربتها، فيما اعتبرت بعض المصادر أنّ "حكومة الأمر الواقع" باتت "أمرا واقعا" لا ينتظر سوى تحديد "ساعة الصفر"، علما أنّ صحيفة "النهار" ذكرت أنّ ان الردود السلبية التي صدرت عن قوى 8 آذار على المواقف التي اطلقها الرئيس سليمان اول من امس في موضوع الحكومة إقتضت التمهل في المساعي لمعرفة كيف ستتطور الامور لاحقا، وفي انتظار ما قد يعلنه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في اطلالتيه اليوم الاربعاء في مقابلة تلفزيونية، وعصر الجمعة في "مهرجان الانتصار" في عيتا الشعب.

كلمة أخيرة..

في الرابع عشر من آب، ذكرى الانتصار على إسرائيل، عِبَر كثيرة يفترض أن يأخذها اللبنانيون..

في الرابع عشر من آب، يبدو لبنان "المنقسم" على نفسه، على حافة "الهاوية" بكلّ ما للكلمة من معنى، وسط "تباعد" رهيب بين مكوّناته، يكاد يطيح بما تبقى من "دولة" و"مؤسسات"..

في الرابع عشر من آب، على اللبنانيين أن يدركوا "العبرة" الأساس ومفادها أنّ "وحدتهم" و"تضامنهم" شرطان أساسيان لأيّ إنجاز، وفيهما فقط "خلاصهم"!