خبرٌ، على درجة عالية من الغرابة والإثارة والإستهجان، يمرّ عابراً مرور كرام في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، كأنه حدَثٌ ثانوي تافه لا يخدِّش أذناً، ولا يستثير حفيظة، ولا تتقزَّز له عين.

وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدّو يُعلن أمام البرلمان، وعلى الملأ العربي والعالمي، والملأ الإسلامي والفقهي، وملأ القيم الدينية والمناقب الإنسانية ومكارم الأخلاق: "انّ فتيات تونسيات سافرن الى سوريا تحت مسمّى جهاد النكاح، وعدْنَ الى تونس حوامل من أجانب يقاتلون الجيش النظامي السوري وقد تناوب عليهنّ عشرات المقاتلين".

هكذا... تعود العذارى أمهات وعلى ثغورهنّ ملامح الفخر والنصر، وفي بطونهنّ ثمرات مباركة كصفائح البخور تُقَدَّمُ قرابين جهاد على مذابح الجنّة، بالأذن مما جاء في الحديث النبوي الشريف "الجنَّة تحت أقدام الأمهات".

وهكذا... تصبح الأرحام النسائية من ذخائر الحرب وعتادها، وسلاحاً جهادياً في وجه بشار الأسد، فضلاً عن عمليات الإغتصاب التي يمارسها الجهاديون يومياً، بهدف إسقاط النظام المجرم والآثم والتكفيري.

ولم تكن الأرحام العربية أكثر رحمة في اليمن، حين انتقلت طفلة الى رحمة الله تعالى، بعدما تمَّ تمزيق رحمها ليلة عرسها.

الحروب التي يتفشىَّ فيها الإنهيار الخلقي، فإنْ حقَّق أحدُ أطرافها انتصاراً ميدانياً، فقد يسقط في دوَّامة التآكل الذاتي والإنهزام المجتمعي، هكذا كانت نتائج الحروب التي شهدَتْ إنحلالاً خلقياً وعمليات اغتصاب كتلك التي مارستها النازية في الحرب العالمية الثانية، والتي تلوَّثتْ بها حروب رواندا والبوسنه والكونغو الديمقراطية على السواء.

وإذا كان الإغتصاب أو العنف الجنسي قد استخدم في الحروب كسلاح ضد العدوّ لترهيبه أو لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية أو معنوية أو نفسية، فهو في ظل الربيع العربي أصبح غريزة عشوائية مستباحة إرواء لغليل بهيمي، على ما شاع في العراق ومصر وسوريا، بما في ذلك اغتصاب المعتقلين والمعتقلات في السجون.

وكيف مع هذه الهمجيات الأخلاقية يمكن إعادة بناء المجتمعات الربيعية على أسس من الحضارة الإنسانية والديمقراطية الراقية، وبما تحمله البطون من ثمرات لمستقبل الثورات؟

في القرن الخامس عشر عندما انتصر تيمورلنك ملك المغول وحفيد جنكيزخان على السلطان العثماني بايزيد الأول فأسَرَهُ واغتصب زوجته، إستنكف السلاطين عن الزواج لتفادي أي عارٍ مماثل على يد الفُرْس، فاقتصرت قصورهم على الجواري من أسيرات الحروب، أو ممّن تمَّ شراؤهن من أسواق النخاسة الرائجة.

وفي القرن الرابع عشر ازدهرت تجارة الرق على يد تجار من البندقية وجنوى، فاستفحل معها الإستعباد والإغتصاب، وحين بلغت الفحشاء في حقارة البغاء حدَّها الأقصى، إنتفض الفنان الإيطالي سانسوفينو "Jacopo Sansovino" ثائراً ليصنع تمثالاً مكتئباً للقديس يوحنا المعمدان.

فأين هم اليوم، الفنانون والقديسون والقيَّمون على المرجعيات الدينية والإنسانية؟

وأين هو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف والقُمِّ الشريف والنجف الأشرف؟

وأين هم المفسّرون للمذهب المالكي والمذهب الحنفي والحنبلي والشافعي والجعفري؟

وأين الفقهاء والأئمة والعلماء والمجتهدون لا يرفعون سيف الشريعة القاطع لقطع ألسنة الزندقة وغرائب الفتاوى والإجتهاد؟

فإنْ همُ قصَّروا أو تلكأوا أو عجزوا... حَسْبهُمْ على الأقل أن يرفعوا أنصاباً من التماثيل المكتئبة.