منذ بدء الحديث عن التقارب الأميركي الإيراني الذي تجلى بالإتصال الهاتفي بين كل من الرئيسين ​باراك أوباما​ و​حسن روحاني​، ظهرت الرهانات على انعكاس هذا الأمر على الساحة اللبنانية إيجاباً، التي من المفترض أن تكون إحدى الساحات التي ستشملها التسوية الإقليمية الدولية التي يجري الإعداد لها بين أكثر من جهة.

حتى الساحة لم تظهر أي من بشائر هذا الأمر، لا بل أن البعض ربط إلغاء زيارتي رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة بالإنزعاج الخليجي من هذا التقارب، فهل يمكن جدياً الرهان على التقارب الأميركي الإيراني لبنانياً؟

التقارب غير محسوم

على الرغم من أن الإتصال الرئاسي الأميركي الإيراني الأخير هو الأول من نوعه منذ سنوات طويلة، لا يبدو أن الرهان عليه وحده من أجل الحديث عن تقارب نوعي بين البلدين ممكن، لا سيما بعد المواقف المنتقدة له من قبل البعض من المسؤولين الإيرانيين.

وفي هذا السياق، يعتبر عضو كتلة "المستقبل" النائب ​خالد زهرمان​، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا التقارب لا يمكن حسمه حتى اليوم، خصوصاً في ظل الإنتقادات التي صدرت عن قائد الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى المواقف الصادرة عن الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ويعتبر أن من الممكن القول أن هناك بداية تواصل بين الجانبين لا أكثر.

من جانبه، يأمل عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​كامل الرفاعي​، في حديث لـ"النشرة"، أن يتفهم الجانب الأميركي المتطلبات الإيرانية المحقة، الأمر الذي سيؤدي إلى تكريس هذا التقارب، لا سيما أن الخلاف سببه مواقف الولايات المتحدة المعادية لا العكس، لكنه يؤكد أن أي عملية تقارب ستكون بطيئة جداً، لا سيما في ظل المعارضة الكبيرة من قبل إسرائيل والدول الخليجية.

الإنعكاسات غير مضمونة

على صعيد متصل، ينتظر مختلف الأفرقاء إنعكاس هذا التقارب على الملفات اللبنانية العالقة، لا سيما أن فريقي النزاع المحليين ينتظران نتائج هذا التقارب من أجل البناء عليه، خصوصاً أن نجاحه يعني أن المنطقة كلها قادة على تسوية شاملة.

وفي هذا الإطار، يبدو أن قوى الرابع عشر من آذار متخوفة من هذا الأمر، خصوصاً في ظل الموقف الخليجي المنزعج ممّا يحصل، حيث لا يخفي النائب زهرمان من أن تكون أي تسوية إقليمية أو دولية على حساب لبنان، لا سيما في ظل الإنقسام اللبناني الداخلي، ويعتبر أن من المفترض الذهاب مباشرة نحو تشكيل حكومة جديدة وإلى حوار وطني جامع لمنع إستغلال لبنان كورقة في أي صفقة.

ويعتبر النائب زهرمان أن التقارب في حال كان جدياً سيكون له تداعيات على الساحة اللبنانية، ويشدد على أن فريقه السياسي لا يعارض أي تقارب يعالج مشاكل المنطقة بأثرها على أساس العدل والحق، لكنه يجدد مخاوفه من حصول أي صفقة قد يكون لبنان متضرراً منها.

في الجهة المقابلة، تبدو قوى الثامن من آذار متفائلة بهذا التقارب إلى حد بعيد في حال وصوله إلى نهاية سعيدة، حيث يؤكد النائب الرفاعي أن هذا الأمر سينعكس إيجاباً على لبنان، على إعتبار أن هذا الأمر سوف يساهم في حل الأزمة السورية، وهذا الأمر سوف يساعد في حل الكثير من القضايا.

من جهة ثانية، يبدي النائب الرفاعي إنزعاجه من الطريقة التي تم فيها الغاء زيارات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى بعض الدول الخليجية، ويعتبر أنها كانت مهينة لكل الشعب اللبناني، ويرى أن السعودية لا تريد أن تلتزم مع سليمان في أي موضوع قبل زيارة الرئيس الإيراني إلى السعودية، حيث من الممكن حصول تفاهمات جديدة.

من وجهة نظر النائب الرفاعي تستطيع الدول الخليجية أن تعرقل التقارب الأميركي الإيراني في الوقت الحاضر، لكنه يؤكد أنها لن تكون قادرة على القيام بهذا الأمر في حال كان هناك قراراً أميركياً بالسير في العملية التفاوضية، لا سيما أن القرار هو في البيت الأبيض وهذه الدول ما عليها إلا التنفيذ.

في المحصلة، لن يكون هناك من نتائج مباشرة على الصعيد اللبناني من التقارب الإيراني-الأميركي في وقت قريب، لا سيما أن بعض الجهات قد تستعمل لبنان من أجل العرقلة، كما أن الرهان عليه لا يبدو منطقياً حتى الآن، خصوصاً أن إحتمالات العودة إلى الوضع السابق لا تزال قوية.