هي ربّما ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها الحديث عن "إيجابيات" بملف المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، ولعلّ التجربة "المُرّة" علّمت أهالي المخطوفين بأن لا "يتفاءلوا" أو "يصدّقوا" ما يُقال أيّاً كان مصدره قبل أن يتلمّسوا "الحقيقة" على الأرض..

هي ربّما ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها الحديث عن "إيجابيات" من هذا النوع، ولكنّ "تسريب" هذه الأخبار و"نسبها" إلى مصادر رسمية من شأنه أن يعيد "الأمل" إلى نفوس الأهالي الذين يئسوا من كثرة ما رفعوا صوتَهم دون أن يصل صداه إلى المعنيّين..

وبانتظار بروز "الخيط الأبيض" من "الخيط الأسود" بهذه القضية، بقيت باقي "الاستحقاقات" الداخلية على حالها من "المراوحة" وسط "السجالات" التي لا تنتهي على هذا الخَط، من "الحكومة" التي صُرف النظر عنها، مروراً بملف النفط الذي تقدّم في الآونة الأخيرة، في ظلّ تحذيرات من "التفريط" بأهميته، وبالموازاة، ملفّ تمويل المحكمة الدولية، الذي يبحث المعنيون عن "مخرَجٍ" له في ضوء المتغيّرات الحكومية..

هل تكون "الخاتمة" سعيدة؟

هو "التفاؤل" عاد، بعد غيابٍ طويل، ليطبع أجواء قضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، في ظلّ حديث أهاليهم عن تبلّغهم من "مصادر رسمية" مواكبة للملف عن "ساعات حاسمة" على هذا الخط، مستندين في ذلك إلى حركة اتصالات غير مسبوقة تحصل في هذا الوقت، قد تفضي إلى "خاتمة سعيدة" تبصر النور خلال "ساعات".

وإذا كان أهالي المخطوفين تعلّموا من تجاربهم السابقة بعدم "الرهان" على "التسريبات" من هنا أو هناك، خصوصاً أنّ كلّ "الإيجابيات" التي يُحكى عنها قد "تذهب مع الريح" في لحظة، فإنّ المعلومات هذه المرة يبدو أنّها تكتسب بعض "الدقة" انطلاقاً من مصدرها، علماً أنّ المصادر الصحافية لفتت إلى أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم هو من نقل هذه الأجواء التفاؤلية إلى رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي ووزير الداخلية والبلديات.

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "الأخبار" عن مصادر قريبة من مرجع رئاسي قولها أنّ "اللمسات الأخيرة" توضع على "صفقة الإفراج" عن المخطوفين الذين نُقلوا إلى مكان آمن مباشرة عند الحدود السورية التركية ممّا يجعلهم عملياً في مكانٍ يخضع لسيطرة الأمن التركي. ولفتت المصادر إلى أنّ النقطة التي بقيت عالقة في المفاوضات هي في إمكان الإفراج عن المخطوفين دفعة واحدة أو تجزئة عملية الإفراج عنهم، لكنها رجّحت أن تُنجَز العملية "خلال ساعات"، على حدّ تعبيرها.

بين الحكومة واستحقاقاتها..

ومن الملف الإنساني الذي يفترض أن يكون اللبنانيون موحّدين في مقاربته إلى الملفات السياسية والإقتصادية التي لا تلقى سوى "الإنقسام" دون أن تجد "صداها" المفترض في الإسراع بعملية تشكيل الحكومة والتخلي عن الشروط والشروط المضادة أقله لتسيير شؤون الناس وتمرير الإستحقاقات الداهمة، حتى أنّ بعض السياسيين سارع للتقليل من شأن "العشاء الجامع" الذي حصل في منزل النائب هادي حبيش وجمع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة وغيرهم بوصفه "إجتماعياً لا أكثر ولا أقل".

هكذا، استمرّت "التجاذبات" و"الاتهامات المتبادلة" خلال الساعات الماضية على صعيد تأليف الحكومة دون أن تلوح في الافق أيّ "بوادر" توحي بـ"دخان أبيض" متوقع في القريب العاجل، في وقت اتجه "حزب الله" إلى مقاربة الملف من زاوية "السلة المتكاملة"، وهو ما أوحى به الكلام اللافت لرئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الذي قال فيه أنه "إذا كان تشكيل الحكومة مرتبطاً بإسقاط معادلة الجيش والشعب والمقاومة فلينتظروا الحكومة طويلاً".

وبغياب الحكومة، "يُنازع" استحقاق النفط، في ظلّ إصرار تكتل "التغيير والإصلاح" على ضرورة التئام حكومة تصريف الأعمال على خلفية هذا الملف، علماً أنّ القضية عند رئيس هذه الحكومة نجيب ميقاتي، كما قال وزير الطاقة جبران باسيل لصحيفة "الأخبار"، حيث لفت إلى أنّ ميقاتي "يتعمّد ان يخلق في كل مرة سبباً او حجة حتى يعقد جلسة لمجلس الوزراء"، لافتاً إلى أنّ "الحكومة لا تقرر في هذا الأمر، وهذا مرسوم تقني يجب إصداره حتى نتمكن من السير بالمناقصة"، مشدداً على أنّ مسؤولية رئيس الجمهورية أكبر، "وهو لا يستطيع انتظار ميقاتي، بل ان يكون لديه رأي واضح ويحدد موقفه بوضوح".

وبالموازاة، تحرّك ملف تمويل المحكمة الدولية، حيث نقلت صحيفة "النهار" عن مصادر قريبة من ميقاتي قولها أنّ "ثمة بحثا جارياً بين رئيس حكومة تصريف الاعمال والرئيس سليمان لايجاد مخرج لتمويل حصة لبنان من موازنة المحكمة الدولية وتغطية هذا التمويل مئة في المئة بطريقة قانونية صحيحة"، وقالت ان ميقاتي الذي وفر التمويل مرتين للمحكمة وامن التمديد لقضاتها ليس في وارد التراجع عن هذا التمويل وقد ابلغ ذلك صراحة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون لدى لقائهما في نيويورك الاسبوع الماضي. وسأل ميقاتي عن المهلة المتبقية لتأمين التمويل، فأكد المسؤول الاممي انه لا يزال ثمة متسع من الوقت حتى بداية السنة الجديدة واكد ميقاتي انه سيتكفل ايجاد المخرج قبل هذا الموعد.

كلمة أخيرة..

ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها الحديث عن "إيجابيات" بملف مخطوفي أعزاز، وليست المرّة الأولى التي "يبشّر" فيها البعض بـ"خاتمة سعيدة" للملف..

وإذا كانت هذه "الخاتمة" اصطدمت سابقاً بـ"شيطان التفاصيل"، فإنّ كلّ "الأمل" أن تكون المعطيات هذه المرّة مستندة إلى وقائع صلبة، خصوصاً أنّ هذه القضية زادت عن حدّها كثيراً بل إنّ البعض أدخلها للأسف بـ"زواريب السياسة" التي لا تنتهي..