تحولت الخلافات العائلية في منطقة بشري إلى مواجهات في الشارع، في ظل توترات سياسية وانتخابية مستمرة منذ زمن، تخللها محاولات جادة من قبل العائلات، وعلى رأسها النائب السابق ​جبران طوق​، لاعادة التوازن إلى البلدة، التي هي في الأساس مسقط رأس رئيس حزب "​القوات اللبنانية​" سمير جعجع ورئيسة كتلته النيابية النائبة ستريدا جعجع في الوقت ذاته، ما يجعل الوضع متداخلاً ومعقداً في الوقت ذاته، نظراً إلى القرابة العائلية والافتراق السياسي الذي لم يلتق يوماً حتى على انماء البلدة التي تشكل مصلحة مشتركة وجامعة.

في هذا الوقت، تتوقف مصادر محلية عند توقيت عملية ازالة المدرج موضوع الخلاف، خصوصاً أن المشروع منجز منذ أشهر وليس وليد ساعته، فضلاً عن أنه أنشىء من الأصل على أملاك خاصة وبعد موافقة المالك، ناهيك عن عدم وجود أي قرار قضائي بهذا الخصوص، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن الخلفيات هي سياسية بامتياز على اعتبار أن القوى الأمنية لم تتحرك لتنفيذ استنابة أو قرار قضائي، إنما بناء على أوامر سياسية لا بد من البحث عن الدافع لها.

وبدا أن التحرك القواتي في بشري جاء بعد سلسلة من عمليات استطلاع الرأي قامت بها مؤسسات معروفة لمصلحة الحزب المذكور، وخلصت إلى الاشارة لتقدم العائلات بنسبة مقبولة، وصلت في بعض الأوقات الى عشرة بالمئة ، وذلك بعد أن نجح نجل النائب السابق جبران طوق "وليم طوق" باعادة هيكلة قواعد والده وتوحيدها تحت لواء حركة سياسية، أطلق عليها اسم "المقدمين" لتشكل في ما بعد نواة حزب سياسي وماكينة انتخابية قادرة على المنافسة، وهذا ما يبرر الحملات التي قام بها نواب المنطقة على انشاء المدرج، مع أنه يشكل نقطة دفع للحركة السياحية في غابة الأرز، لا سيما في حال نجحت ادارته في تسويقه كمعلم سياحي أو مركز للمهرجانات الصيفية بحيث يؤسس إلى انماء لم تنفذه الدولة حتى الآن.

في هذا السياق، لا ينكر مصدر قريب من حزب "القوات اللبنانية" دخول العامل السياسي على خط الانماء في القضاء برمته، لا سيما بعد ركود ملحوظ خلفه خروج جعجع من المدينة المذكورة وسكنه في كسروان، وبالتالي تحويل الكثير من المشاريع الانمائية إلى معراب، ومن جهة ثانية خروج "القوات" وقوى الرابع عشر من آذار من جنة الحكم، ما تسبب بتقلص الخدمات وانعدام الإنماء الناتج عن الشلل الحكومي، مفسحاً في المجال أمام التيارات المنافسة باستعادة الأنفاس والمبادرة طوعاً.

ويصف المصدر عينه الحدث برمته بـ"لزوم ما لا يلزم"، لا سيما في هذا التوقيت بالذات حيث أجواء الانقسامات السياسية المارونية المارونية على حالها، بالرغم من مساعي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لتقليصها والدفع باتجاه تبريد الشارع وليس اثارته من جهة، فضلاً عن أن المواجهة التي كادت أن تتحول إلى دموية وقعت في العمق الاستراتيجي للمقر الصيفي للكرسي البطريركي في الديمان من جهة ثانية، ناهيك عن الارتدادات السلبية التي لحقت بـ"القوات" في عقر دارها نتيجة للانقسامات التي وصلت إلى داخل البيت وأفقدته الكثير من شعبيته، إضافة إلى أن أحداث الساعات الأخيرة الماضية برهنت أن في المدينة المذكورة فريق ثان قادر على التحكم بالمسارات والنزول إلى الشارع واسماع وجهة نظره، وتوجيه الرسائل التي قد لا يتمكن القواتيون من الرد عليها، أقله في المدى المنظور باعتبار أن الخصم والحكم بات يتحكم بالحديقة الخلفية.