رأى عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب عبد المجيد صالح، ان "القضاء هو رمز الدولة القوية والعادلة وخط احمر ممنوع على اي كان القفز فوقه وتجاوز دوره وأحكامه، الا ان ازمة طرابلس بحاجة الى التعاطي معها بحكمة وتعقل اكثر مما هي بحاجة الى اجراءات من شأنها في ظل اللهيب الاقليمي الراهن، سكب الزيت على النار وسوق المدينة باتجاه المزيد من القتل والدماء"، مؤكدا انه "بالرغم من ان لغة التفجير والتفخيخ والاغتيال مرفوضة ومدانة ايا تكن الجهة المنفذة او المستهدفة، فان دخول شعبة المعلومات على خط التحقيقات مع الحزب "العربي الديمقراطي" وتحديدا مع رئيسه علي عيد، اتخذ طابع التسييس خصوصا في ظل انعدام الثقة بين الفريقين وانقسام اللبنانيين كل اللبنانيين دون استثناء بين مؤيد للنظام السوري ومناهض له"، داعيا القضاء الى "ايجاد صيغة بديلة عن اسناد التحقيق في متفجرتي طرابلس الى شعبة المعلومات، ترضي الفريقين وتنتهي باستخراج الحقيقة دون مزيد من سفك الدماء".

ولفت صالح في حديث لصحيفة "الانباء" الكويتية، الى ان "ما لم يتنبه اليه المعنيون بإخماد حريق طرابلس هو ان ازمة باب التبانة ـ جبل محسن لم تعد تقليدية كما عرفها لبنان منذ عشرات السنين، بل تحولت تلقائيا وبفعل الواقع السوري والتطورات في المنطقة، الى معسكرين اقليميين ولم يعد من الممكن التعاطي معها على قاعدة كسر العظم لأي من الفريقين المتقاتلين فيها، خصوصا ان المشهد الدولي تبدل لصالح النظام السوري، وان مشروع الشرق الأوسط الجديد اصبح في عهدة روسيا واميركا بدعم من المجموعة الدولية، ولم يعد قائما بمثل ما رسمته وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس منفردة، ما يعني ان على المراهنين على سقوط النظام السوري اعادة قراءة واقعه بتأن، لعلهم يتعظون ويخرجون طرابلس من حلقة الدماء المحرمة دينيا ووطنيا".

واكد صالح ان "استهداف سوريا وصل الى نهاياته، وتبدلت المعايير الدولية في التعاطي مع نظامها، خصوصا بعد ان اثبت النظام صدقيته في التجاوب مع اللجنة الدولية لنزع السلاح الكيميائي، وقدرته على تعطيل الضربات الجوية الاميركية"، معتبرا ان "الرد من باب التبانة على هذا الواقع الجديد، لم يعد مجديا الا اذا كان قادة المحاور فيها مصرين على اسالة المزيد من الدماء بصورة عبثية لا افق لها"، لافتا الى ان "ما يزيد الطين بلة هو ان بعض مدعي المسؤولية السياسية والاجتماعية في الشمال يملكون معامل لانتاج الاوهام والاحتقان، بحيث يتخذون من الخطاب الطائفي والتحريضي عدة عمل ان لم يكن مصدر رزق يفتح انابيب المال في حساباتهم المصرفية"، معتبرا ان "هؤلاء يستحقون الملاحقة القضائية قبل ملاحقة المتقاتلين على الارض، خصوصا لجهة اتهامهم "حزب الله" والنظام السوري بمد جبل محسن بالمال والسلاح، ما يؤسس لتعميم التوتر الشعبي في البلاد واشعال فتيل الفتنة الشيعية ـ السنية".

وعلى خط ازمة تأليف الحكومة، لفت صالح الى ان "مشكلة فريق 14 آذار، تكمن في عدم اتزانها في التعاطي مع الواقعين المحلي والاقليمي"، معتبرا ان "القوى المذكورة وعلى رأسها كتلة "المستقبل"، لم تقرأ في خطاب الامين لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ودعوته لها الى التواضع والقبول بتشكيلة 9/ 9/ 6، سوى غرور وتهديد ووعيد وشن حرب نفسية، فيما السيد نصرالله اراد في كلامه ان تتنبه الى المعطيات الدولية والمستجدات السورية التي تؤكد استحالة نجاحها في الرهان على سقوط النظام السوري"، لافتا الى ان "السيد نصرالله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري يجهدان في دعوة قوى 14 آذار الى ملاقاتهما وسط الطريق لتجنيب لبنان مزيدا من التعطيل والشلل على المستويين التنفيذي والتشريعي وربما غدا على المستوى الرئاسي".

وردا على سؤال حول إمكانية ان يكون "حزب الله" يتعمد إغراق البلاد في الفراغ وصولا الى المؤتمر التأسيسي لاستبدال المناصفة بالمثالثة، أكد صالح ان "الكلام عن رغبة "حزب الله" في المثالثة، هو وهم بكل ما للكلمة من معنى، لا بل سحر مركب من تعاويذ غريبة عجيبة لا شأن له سوى حقن النفوس وتجييشها عبر اللعب على الوتر الطائفي لخلق نقزة كبيرة وتحديدا لدى المسيحيين"، موضحا ان "الطائفة الشيعية لا تؤمن الا بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين ولا أحد يستطيع المزايدة على تمسكها باتفاق الطائف الذي كلف لبنان ما يزيد على مائتي ألف قتيل لابرامه"، متسائلا "لماذا لا يقطع المسوقون لهذه الفكرة الطريق امام "حزب الله" ويذهبون معه الى تشكيل حكومة من جميع الرافعات السياسية، تضمن بتوحدها بناء الدولة القوية على اسس دستورية وفي طليعتها المناصفة؟".

من جهة ثانية، رد صالح مستهزئا على مقولة ان بري ينفذ وعلى غير قناعة ارادة ومشيئة "حزب الله" في تعطيل تشكيل الحكومة، مؤكدا ان "بري ليس بحاجة لتلقي التعليمات من احد ولا هو بوارد الانصياع لهذا الفريق او ذاك، كونه يطلق مواقفه من قناعاته الوطنية والدستورية غير القابلة للمزايدة او حتى للبحث بجديتها، ولا هو شخصية فتفتية او بيضونية كي يدار بالتوجيه عن بعد ويبدل قناعاته بين ليلة وضحاها".