تقوم أغلب الجامعات الخاصة في لبنان لدى تقدم الطلاب للتسجيل فيها بامتحانهم لغويا، ليتقرر على ضوء نتيجة امتحان اللغة الاجنبية إمكان قبولهم في الجامعة أم لا. أما في الجامعة اللبنانية فالوضع مختلف، اذ ان الطالب الذي يتسجل في معظم كليات الجامعة اللبنانية لا يفكر على الاطلاق بموضوع اللغة الاجنبية فيتخرج منها وبجعبته لغته العربية الضعيفة ايضا، وبعد التخرج سيجد الطالب أنّ اللغة الاجنبية مهمة جدًا إن أراد إكمال دراسته أو حتى في سوق العمل.
هذا الأمر تنبّهت له إدارة الجامعة فبادرت منذ عامين إلى إخضاع الطلاب في عدد من الكليات إلى امتحان تقييم للغته الاجنبية وعلى ضوء نتيجتها يتم إشراكه في دورات لتقوية اللغة، أما هذا العام فإنّ الأمر قد اختلف بحيث أصبح طلاب الجامعة اللبنانية مُلزَمون بالخضوع لدورات لغوية منذ سنتهم الاولى حتى تخرجهم مع اضافة مبلغ 50 الف ليرة على الأقساط "بدل دورة لغة".
اتصل بـ"النشرة" بعض الطلاب من كليات مختلفة في الجامعة اللبنانية يشكون أولاً زيادة 50 ألف ليرة على الأقساط ويعتبرون أنّها "سرقة لجيوبهم" لأنّ الجامعة أرادت زيادة بدل التسجيل مع بداية هذا العام واعتمدت هذه الطريقة لكونها غير قادرة أن تخالف القانون الذي ينص على ضرورة صدوره من مجلس النواب للزيادة أو الحصول على مرسوم من مجلس الوزراء، وينتقدون ثانيا طريقة تطبيق هذا النظام الجديد خصوصًا بعد أن قرّرت إدارة الجامعة أن تستحدث امتحانا لتحديد مستوى اللغة الاجنبية لجميع طلاب الاجازة واعطاء دورات تدريبية لمن يرسب منهم، والاهم استيفاء مبلغ 50 الف ليرة لبنانية من كل طالب لاجل هذه الدورات، مع الاشارة الى ان استيفاء هذا المبلغ تم عند دفع القسط الرئيسي وبالتالي لا يمكن للطالب ان يخوض غمار امتحانات الجامعة دون دفعه.
هذا في شكل القرار اما في مضمون تنفيذه اصبحت الاجواء ضبابية مع ظهور قلة تنظيم وتخطيط، ففي بعض الكليات اجري الامتحان وفي البعض الاخر لم يجر، في كليات تم وضع الطلاب ضمن اجواء امتحان تقييم اللغة اما في كليات اخرى لم يتم ذلك، ولكن الثابت في كل الكليات وكل الفروع هو دفع مبلغ الـ50 الف ليرة. وفي جولة سريعة على عدد من الكليات لاحظت "النشرة" الاختلاف في تطبيق هذا القرار. وفي هذا السياق اشارت مارسيل الطالبة في كلية العلوم الاجتماعية الى ان مدة التسجيل في هذه الكلية كانت مفتوحة أمام الطلاب حتى أواخر تشرين الثاني، واضافت في حديث لـ"النشرة": "توجهت إلى الجامعة في 5 تشرين الثاني لأعرف عن طريق الخطأ أن إمتحان تقييم اللغة بانتظاري بعد يومين، وبعض زملائي لم يكونوا على علم وبالتالي فإن التعميم لم يتم بالشكل المطلوب"، ولفتت مارسيل الى انه وبغض النظر عن الطريقة التي تم خلالها نشر الخبر، فإنه من غير المنطقي أن يتعمم امتحان اللغة على سنوات الإجازة الثلاث، فعلى سبيل المثال، البعض يحمل مادة واحدة أو مادتين للحصول على الشهادة، فما النفع من امتحانه الآن؟ واعتبرت انه إذا أرادت الجامعة تطوير مستوى طلابها فلتبدأ من السنة الأولى.
وفي كليات اخرى، الوضع ليس مختلفا فمثلا فاطمة شاهين الطالبة في السنة الثانية بكلية ادارة الاعمال-الفرع الاول اجرت امتحان لغة العام الماضي ونجحت لتفاجأ هذا العام بضرورة دفعها 50 الف ليرة من اجل دورة لتقوية اللغة الاجنبية. واضافت عبر "النشرة": "كل الطلاب في كل السنوات دفعوا هذا المبلغ وليس جميعهم اجروا امتحانات لغة هذا العام"، لافتة الى ان المبلغ هو لاعطاء دورة تقوية في اللغة الاجنبية للطلاب كل نهار اربعاء، الا ان الدورة حتى اليوم لم تبدأ بعد، كاشفة عن تحرك قريب سيقوم به الطلاب من اجل استعادة المبلغ المذكور. وفي كلية الاعلام الفرع الاول أجري امتحان اللغة لطلاب السنة الاولى فقط حسب تأكيد الطالبة في العام الثالث رئيفة ناصر الدين، التي لفتت في حديث لـ"النشرة" الى ان الادارة ابلغت الطلاب بوجود دورة لتقوية اللغة وبأن مبلغ 50 الف ليرة لبنانية هو لهذه الغاية الا ان الدورة لم تبدأ بعد.
وفي سبيل التوضيح التقت "النشرة" رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين الذي اكد ان تطوير اللغة الاجنبية اصبحت امرا ضروريا جدا داخل الجامعة وبأن هذا "التحدي" هو احد ابرز اهدافه التي وضعها عند استلامه مهامه لانه "من غير المقبول ان يتخرج الطالب من دون امتلاكه لغة اجنبية كما يحصل في كل الجامعات الخاصة".
ودعا رئيس الجامعة عبر "النشرة" الطلاب بالاقبال على حضور دورات اللغة الاجنبية، وقال: "على الطلاب ان يقلقوا ان لم يتعلموا اللغة الاجنبية لان هذا الامر سيشكل عائقا ضخما امام تقدمهم في المستقبل".
ومن جهته لفت رئيس مكتب التنسيق اللغوي في الجامعة اللبنانية جوزيف شريم الى ان زيادة مبلغ 50 الف ليرة تمت بعلم وموافقة وتوقيع وزير التربية، مشيرا الى ان الاموال تذهب مباشرة الى وزارة المالية وهي تشكل مساهمة بسيطة بتكاليف 400 استاذ يعلمون اللغة في الجامعة اللبنانية. واضاف في حديث لـ"النشرة": "لم يعد باستطاعتنا تحمل وجود طلاب بالجامعة اللبنانية لا يجيدون اللغة الاجنبية، ولذلك اخذ رئيس الجامعة قرارا بضرورة وصول الطالب لمستوى معين بلغة ثانية قبل تخرجه من الجامعة".
لا احد يعترض على تقوية اللغات في الجامعة اللبنانية بل على العكس من ذلك، هذا امر مطلوب واساسي وضروري جدا لرفع مستوى الطلاب والجامعة، ولكن العتب يبقى على طريقة تنفيذ قرارات الجامعة اذ ان كل كلية "فاتحة على حسابها" والطلاب يبدون وكانهم "آخر من يعلم".