لا حديث في المجالس السياسية إلا عن الحكومة كأنها نهاية العالم. آخر الكلام إنها "صعبة صعبة. ولا هيك ولا هيك". تعابير تعني أنها معرقلة. حرص رئيس الجمهورية ميشال سليمان، صحيح، على إبراز إشارات إيجابية تلقاها من الرئيس سعد الحريري لكنه أشار أيضاً إلى مهلة 10 أيام لتبصر حكومة النور. لم يحدّد أي حكومة، جامعة أو حيادية، بل قال مداورة إنها لن تُعلن في يوم وليلة.

"معرقلة. السبب على الأرجح هو انتظار انعقاد مؤتمر جنيف 2 وانطلاق جلسات المحكمة الدولية. إذا كانت المفاوضات الدولية والإقليمية ستفضي إلى حكومة انتقالية تتسلم السلطة في سوريا، فلماذا استعجال تشكيل حكومة اليوم؟ على الأقل يجب أن نعرف لماذا قرر "حزب الله" أن يرمي شروطه أرضاً. ما هي الخطوات التالية التي يضمرها لبقية اللبنانيين؟". الكلام لسياسي يمكن اعتباره محايداً، إذا كانت هذه الصفة لا يزال ممكناً إضفاؤها على سياسي في لبنان.

سياسي آخر من قوى 14 آذار يوضح فوراً أنه مؤيد للسير في حكومة سياسية جامعة. ويعرض حججه: "تنازل حزب الله عن الثلث المعطل، وعن ثلاثية جيش وشعب ومقاومة ، وعن رفضه المداورة في الوزارات. هذا يعني إسقاط مفاعيل اتفاق الدوحة، وهذا مكسب يُسجّل ، فلطالما طالبنا بعدم تكريس "الثلث المعطل" في الحياة السياسية. من جهة أخرى ، قبل أيام كان السيد حسن نصرالله يقول للبنانيين إما 9-9-6 مع القاعدة الثلاثية أو لا حكومة وأنصح لكم بالسير فيها، ولا وقت لدينا نضيعه عليكم. غيّر الرجل رأيه وها هو الحزب يريد أن يشارك في حكومة بغير شروطه. ككل قرار في الحياة، سيكون للرفض ثمن وللقبول ثمن أيضاً. على أي قرار سترسو 14 آذار؟" .

يتابع السياسي المؤيد لفكرة السير بالحكومة السياسية المعروضة: "من يؤكد أن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سينطلقان مجددا في عملية تشكيل حكومة حيادية بعد الإستدارة الواسعة التي قام بها "حزب الله"؟ قد لا نرى إذا فوّتنا هذه الفرصة المتاحة حكومة أخرى غير حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، وقد تصبح انتخابات رئاسة الجمهورية بعد ذلك بعيدة المنال. ثم، أنا أسمع من زملاء ورفاق لي أحياناً أننا لا نجلس مع ممثلي الحزب حول طاولة واحدة ما دام مقاتلوه يخوضون معارك ضد الشعب السوري في سوريا. أتساءل بيني وبين نفسي، لكننا نجلس معهم في مجلس النواب، أليس كذلك ؟".

يلفت زميل له، وهو للمناسبة نائب، إلى أن الرأيين، بالتجاوب وعدمه، موجودان داخل "تيار المستقبل" لكن الجميع ينضبطون عندما يصدر القرار. لا مشكلة على هذا الصعيد. أما موقف الفريق المسيحي من التحالف فيتلخص بأن لا مشكلة أيضاً عند الكتائب ومعها، فهي تؤيد تشكيل حكومة أي حكومة لترييح البلد والناس، خصوصا من ضغط الخوف من التفجيرات والوضع الإقتصادي السيئ. في حين يختلف موقف حزب "القوات اللبنانية" الذي يصر على المضي في خط الصمود في وجه سياسات "حزب الله" . صمود نجح في إسقاط جزء مهم من شروط الحزب حتى اليوم. يرى مؤيدون لوجهة النظر هذه التي يحملها الدكتور سمير جعجع من 14 آذار بمسلميها ومسيحييها أن لا بأس ولا مفر من تحمل الأخطار:" لو خاف اللبنانيون من التفجيرات والوضع الإقتصادي السيئ لكان الجيش السوري واستخباراته بقوا في لبنان. بالأمس دعونا اللبنانيين إلى المقاومة المدنية في وجه هيمنة إيران واحتلال السلاح غير الشرعي، فماذا نقول لهم غدا؟ غيّرنا رأينا لا تؤاخذونا؟".