وضعت النيابة العامة المالية يدها على ملف شركات جمع النفايات. هذه الخطوة هي أولى ثمار التحرّك على مدخل مطمر الناعمة، فيما يُتوقع أن يقدم وزير الداخلية والبلديات مبادرة للمعتصمين أمام مدخل الناعمة ــ عين درافيل، الذين أعلنوا أن مصير الاعتصام سيتقرر في ضوء نتائج الاجتماع مع شربل اليوم.

أكثر من شاحنة نفايات سلكت طريقها أمس إلى مطمر الناعمة – عين درافيل، في محاولة للتخلص من الكميات الكبيرة من النفايات التي تكدست في الحاويات طوال الأيام الأربعة الماضية، وعمدت شركة سوكلين إلى رفعها منذ فجر يوم أمس حتى ساعات متأخرة من الليل. ومع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها المعتصمون لإعادة إقفال الطريق أمام الشاحنات، نشطت الحركة السياسية المتابعة لهذا الملف على أكثر من صعيد، لتفادي إقفال الطريق نحو المطمر مجدداً.

وفي تطور لافت، أكدت مصادر النيابة العامة المالية لـ«الأخبار» أنها استدعت المدير العام لشركة «سوكلين» للمثول أمام القاضي علي إبراهيم، في دائرته في قصر العدل ــ بيروت، وذلك خلال الأيام القليلة المقبلة. وأوضحت المصادر أن القاضي لن يكتفي بالتحقيق مع الشركة في ما أثير أخيراً، لناحية تكدس النفايات في الشوارع وقضية مطمر الناعمة ــ عين درافيل، بل «يريد فتح ملف العقود الموقعة بين الإدارة (مجلس الإنماء والإعمار) وجميع الشركات المعنية بإدارة النفايات (سوكلين، سوكومي، لاسيكو، سكر للهندسة ودي جي جونز)، أي مساءلة الشركات المنفذة للعقود المتعلقة بإدارة النفايات الصلبة في بيروت وجبل لبنان، لجهة التزام تطبيق ما نصت عليها العقود الموقعة معها، وخصوصاً المراحل المتعلقة بالمعالجة وآلية احتساب الكلفة على أساس التوناج». وكانت «الأخبار» قد نشرت عدة تقارير عن الخلل في تنفيذ العقود المتعلقة بإدارة النفايات وكلفتها العالية، إضافة إلى الفضيحة المتمثلة برفض مجموعة افيردا تنفيذ التعهد الذي قدمته للرئيس سعد الحريري، بخفض طوعي لعقودها بنسبة بالمئة، وعدم قيام مجلس الإنماء والإعمار بأي مساءلة للشركة في هذه المسألة، والاكتفاء بالقول إنه ينتظر قرار اللجنة الوزارية، علماً بأن رئيس المجلس نبيل الجسر عضو فيها!

وعلمت «الأخبار» أن اجتماعاً عقد اليوم في السرايا الحكومية ضم الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية مروان شربل ووزير البيئة ناظم الخوري ورئيس لجنة البيئة النيابية أكرم شهيب، ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، وقد كُلّف الوزير شربل أن يجتمع مع وفد من المعتصمين عند الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم لتقديم مبادرة للحل تقوم على الآتي: إعلان مجلس الإنماء والإعمار استعداده لتقديم أرض في منطقة في البقاع أو الشمال لمعالجة النفايات الناتجة من بيروت وجبل لبنان من طريق تسبيخها لتصبح صالحة للاستخدام في تحسين التربة أو لتأهيل مواقع المرامل والكسارات، وبذلك تكون كمية النفايات الواردة الى مطمر الناعمة – عين درافيل قد خُفضت. في المقابل، تتعهد حكومة الرئيس تمام سلام المنوي تشكيلها أن تضع الملف على رأس أولوياتها، على أن تشكل له لجنة وزارية تعيد تقويم الخطة الوطنية التي أعدتها وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار لدرسها وإقرارها، وأن تحدد الخطة النهائية موعداً نهائياً لإغلاق مطمر الناعمة ــ عين درافيل. في المقابل، ستبادر وزارة الداخلية إلى إعداد مرسوم بالتعويض على البلديات المحيطة بمطمر الناعمة ــ عين درافيل وإعفائها من الديون المستحقة عليها لمصلحة الصندوق البلدي المستقل، على أن يوقع المرسوم المذكور رئيسا الجمهورية والحكومة ووزيرا المالية والداخلية، وينشر في الجريدة الرسمية في أقرب فرصة. مصدر في وزارة المالية أكد لـ«الأخبار» أن موضوع إصدار مرسوم بالتعويض على البلديات لم يناقش حتى الساعة مع الوزير محمد الصفدي، وأن الأخير سيصدر موقفاً من الموضوع فور وروده إليه.

في المقابل، علمت «الأخبار» أن الوفد الذي سيلتقي بالوزير شربل سيقدم مجموعة من الاقتراحات المتعلقة بتصحيح الخلل في تنفيذ العقود الموقعة مع شركتي سوكلين وسوكومي، وخصوصاً لجهة فرز المواد القابلة للتدوير وتسبيخ المواد العضوية، وسيطرح الوفد تشكيل هيئة رقابية تضم المجتمع الأهلي مهمتها الإشراف على نوعية النفايات التي تدخل مطمر الناعمة ــ عين درافيل للتأكد من أنها تحوي عوادم النفايات فقط، وما دون ذلك فهو مرفوض. أما في ما يتعلق بالخطة الوطنية التي تقترح إنشاء محارق للنفايات، فهي أيضاً مرفوضة من الجمعيات البيئية؛ لأنها تتبنى خيار الحرق، وتحتاج إلى إنشاء مطامر جديدة أكثر خطورة من المطامر الحالية، لأنها ستستخدم لطمر الرماد السام الناتج من حرق النفايات. أما النقطة الأبرز التي سيطرحها الوفد، فتتعلق بالمهلة الزمنية القصوى لاستمرار تدفق النفايات إلى مطمر الناعمة ــ عين درافيل، وهذه المهلة لا يمكن ربطها بموضوع الخطة الوطنية؛ لأن هذا الأمر يحتاج إلى إجراءات تنفيذية وتشريعات وموازنات ومناقصات تحتاج إلى عدة سنوات. لذلك، سيطلب الوفد من مجلس الإنماء والإعمار أن يقترح موقعاً آخر لطمر عوادم النفايات، بالاستناد إلى القرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء عام ، ولم تُطبَّق. علماً أن هذا الاقتراح لا يعني أن الحملة تطالب بنقل مشكلة عين درافيل إلى منطقة أخرى، بل على العكس، فإذا التُزم طمر العوادم فقط، وإعطاء حوافز للبلديات، فلن نكون بحاجة إلى مطمر جديد بالشكل الموجود حالياً في عين درافيل.

بدوره أكد رئيس بلدية عبيه ــ عين درافيل غسان حمزة، أن موضوع الحوافز للبلديات هو حق مكتسب نصت عليه المراسيم والقوانين المرعية، ونأمل أن تصحح وزارتا الداخلية والمالية الخطأ الكبير المتمثل بحرماننا التعويضات المحقة مقابل أعمال الطمر، وذلك بمفعول رجعي منذ عام . وأكد حمزة أن مطلب الأهالي والمخاتير والبلديات هو أن يقفل المطمر اليوم قبل الغد؛ لأننا لم نعد نستطيع أن نتحمل المزيد من الضرر، واتخاذ خطوات ضرورية لمعالجة انبعاثات الغازات وترسبات النفايات في الأرض وعصاراتها التي تتحول مادة أسيدية تسمم مياهنا الجوفية، ومعالجة التشويه البيئي الذي خلّفه المطمر على مساحة 300 ألف م2.