لم تمرّ ذكرى شفيع الطائفة المارونية في لبنان والعالم القديس مارون من دون أن تُرخي بظلالها الثقيلة على الساحة المسيحية عمومًا والمارونية خصوصًا، لا سيما بعد المواقف التي عبّر عنها كلٌّ من رئيس الجمهورية العماد ​ميشال سليمان​ من جهة، الماروني مار بشاره بطرس الراعي ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون من جهة ثانية على خلفية تشكيل الحكومة والحقائب المسيحية من ضمنها، حيث قابل رئيس الجمهورية إصرار عون على المطالبة بحقيبة الطاقة بالقول أنّ الوطن أكبر من حقيبة وزارية، وذلك بالرغم من خسارة المواقع المسيحية والمارونية الوازنة واحدا تلو الاخر وبمعدل أكثر من حقيبة وموقع مع كل تشكيلة حكومية مفترضة، على حدّ تعبير مصادر متابعة، رأت أنّ العماد عون سعى إلى الاستفادة من الواقع المستجد عبر دعوته للالتفاف حول البطريرك الماروني ووثيقة بكركي والاستناد إليها للبدء بحوار وطني تشكل الوثيقة البطريركية بندًا أول إذا لم يكن وحيدا على جدول اعمالها.

في هذا الوقت، بدت عملية التشكيل شديدة التعقيد في هذه المرحلة الحساسة، حيث تشهد الساحات المحلية والاقليمية تطورات متسارعة وتحولات ليست في الحسبان بالرغم من وضوح الصورة والمكابرة اذا ما جاز التعبير، فالقرار الاقليمي والدولي لم يتضح بالكامل بعد والا لما كانت حقيبة من هنا او موقع من هناك مدعاة عرقلة.

وبحسب زوار الرابية، فإنّ تأليف الحكومة ينتظر العديد من الاستحقاقات الاقليمية والدولية للبناء عليها داخليا، فما يمكن أن تنتهي إليه المفاوضات بين النظام السوري ومعارضيه من شأنه أن يرخي بثقله على الاستحقاقات الداخلية التي لم تعد تقتصر على تشكيل حكومة، إنما تلامس الانتخابات الرئاسية ومشروع قانون الانتخابات النيابية الذي سيكون بشكل أو بآخر بمثابة المؤتمر التأسيسي في ظل استمرار الاعتقاد بأنّ المحور المنتصر في سوريا هو من سيفرض ايقاعه على لبنان والمنطقة الشرق أوسطية برمتها بما فيها معابر الغاز وإمدادات النفط المحكومة بالمزاجية الايرانية التي لم تخرج حتى اليوم عن طورها بالرغم من الضغوط التي تعرضت لها.

في الموازاة، تتحدّث بعض المصادر عن سلسلة من الاجراءات والمواقف التي قد يقفز فوقها الحريري لعدة اعتبارات أولها أنّ التغيّرات الاقليمية اصبحت حتمية وان كل المؤشرات تصب في هذا الاتجاه لاسيما بعد الخطوات المعلن عنها في سياق العلاقات الغربية الايرانية، وثانيها موقع "حزب الله" المتقدم في المعادلة الاقليمية والذي لا يمكن تجاهله مهما تشدد الغرب وبعض العرب بانتظار النتائج التي ستسفر عنها الحرب المعلنة على الارهاب وهل سيكون لبنان جزءا منها او سيكتفي بادارة ازمته.