كشف كتاب جديد صدر في إسرائيل مؤخرا عن تفاصيل مناورة "عوز" العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في مطلع العام 1972 بأمر من قائد الجبهة الجنوبية حينذاك، ​أرييل شارون​، وشملت عمليات طرد آلاف المواطنين البدو من ​سيناء​ في ظروف مناخية باردة ما أدى إلى موت العشرات منهم.

وروى الكتاب الجديد، وهو سيرة ذاتية لشارون من تأليف محرر صحيفة "هآرتس" السابق دافيد لانداو، أنه "قبل أسابيع من مناورة "عوز" أمر شارون بطرد 3 آلاف مواطن من أبناء عشيرتين بدويتين من مضاربهم ومناطق رعي مواشيهم التي قرر إجراء المناورة فيها".

وجرت عملية الطرد فيما كانت تسود المنطقة موجة برد قارس وكانت درجة الحرارة صفر، وتم البدء بتنفيذ الطرد الجماعي في ساعات الليل، ولم يتمكن المواطنون من أخذ حاجياتهم، ما أدى إلى وفاة 40 طفلا ومسنا بسبب البرد.

وكان شارون شخصيا هو الذي أعد وأشرف على مناورة "عوز" وحاكت عبور فرقة عسكرية مدرعة لقناة السويس تمهيدا لتنفيذ عملية عسكرية باسم "أفيري ليف" ونقل القتال إلى الأراضي المصرية في حال نشوب حرب.

واستند مؤلف الكتاب إلى تقرير أعده بعد عملية الطرد هذه الباحث الإسرائيلي الدكتور يتسحاق بيلي وهو ضابط إسرائيلي في الاحتياط ومستشرق وباحث في الثقافة البدوية.

ونقلت "هآرتس" عن بيلي قوله إنه "سمع عن عملية الطرد هذه من أحد شيوخ عشيرة الترابين، وأنه تم طرد البدو من منطقة أو عجيلة واضطروا إلى السير عشرات الكيلومترات والاستقرار في منطقة جبل حلال، وبعد ذلك زار بيلي المطرودين".

وأوضح بيلي أن "الجيش الإسرائيلي نفذ عملية طرد البدو على مدار ثلاثة أيام على الأقل في كانون الثاني من العام 1972، وأن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار "في الهواء" عندما رفض البدو النزوح وراحوا يقتلعون خيام البدو".

وأضاف أن "البدو اقتادوه إلى مكان دفن الموتى وسجل في تقريره أنه شاهد 28 قبرا صغيرا على الأقل"، متابعا "عدت إلى العريش وتحدثت مع عدد من الضباط في الحكم العسكري، وقد أوضحوا لي أنه تم إخلاء البدو بموجب أوامر قائد الجبهة الجنوبية وأنه على ما يبدو أن أريئيل شارون كان معنيا بأن تستخدم هذه المنطقة للاستيطان الإسرائيلي".

وأوضح أنه "توجه إلى قائد الحكم العسكري، شلومو غازيت، وأن "غازيت قال لي أنه سيفحص الأمر لكن لم يحدث شيئا بهذا الخصوص".

وأبلغ بيلي مراسل "هآرتس" في حينه بعملية الطرد لكن لم يكن بالإمكان النشر عن الموضوع بسبب سرية مناورة "عوز"، لكن المراسل، مردخاي إيرتسيلي، أبلغ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، دافيد إلعزار، بالتفاصيل فأمر بتشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة ضابط برتبة لواء في الاحتياط، وذلك أيضا في أعقاب عملية طرد بدو أخرى من منطقة رفح نفذها شارون في ذلك الحين، بدعم وزير الدفاع موشيه ديان، وتم الكشف عنها في حينه وأثارت ضجة.

ولفت الى أن "إلعزار فوجئ بعملية الطرد وطالب شارون بإعادة البدو إلى منطقة أبو عجيلا".

وأوردت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن "الوحدات العسكرية الإسرائيلية التي نفذت عملية طرد البدو من أبو عجيلا ليست معروفة حتى اليوم، كما أن ضباطا خدموا في تلك المنطقة في ذلك الوقت، وبينهم غازيت، ادعوا أنهم لا يتذكرون أحداثا كهذه".

ورفضت عائلة شارون، الذي مات الشهر الماضي، التعقيب على الموضوع، فيما أوضح الناطق العسكري الإسرائيلي أن "هذه القضية معروفة لدائرة التاريخ في الجيش لكن الجيش ليس معنيا التطرق إليها".

ولفت بيلي إلى أنه "رغم مرور أكثر من أربعة عقود على عملية الطرد هذه ووفاة عشرات البدو جراءها، إلا أن أحدا في الجانب الإسرائيلي لم يعط تفاصيل العملية كما أنه لم يحاكم أحد".