توقف زوار العاصمة السورية عند ثلاث تطورات متصلة بالأزمة الاقليمية باعتبارها مؤشرات إلى ما يمكن أن تحمله الأيام والأسابيع القليلة المقبلة من تحولات ميدانية وسياسية من شأنها أن تدفع بالجميع إلى إعادة تقييم الوضع في ظلّ ما سيحمله المستقبل القريب من تبدّلاتٍ على صعيد الميدان وما سيرافقها من متغيّرات على المشهد السياسي العام ليس فقط في سوريا، إنما في المنطقة عمومًا ولبنان خصوصا باعتباره الاضعف بين منظومة دول الجوار السوري.

التطور الاول تمثل بتسليط الضوء على موضوع سحب جوانب هامة من الملف السوري من يد رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان بالرغم من أنّ عملية كف اليد هذه تمت في التاسع من كانون الثاني الماضي، وكانت "النشرة" قد ألمحت إليها في حينه نقلا عن معلومات دبلوماسية غربية، علمًا أنّ ذلك يؤدّي عمليًا إلى تسليم الملف الى وزير الداخلية الامير محمد بن نايف وهو الاشد تصلبا تجاه الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه وإن كان أكثر ليونة بالنسبة للتعاطي مع ملف الارهاب، في إشارةٍ واضحة إلى أنّ الأزمة في سوريا ستدخل في مراحل جديدة ومطبّات قد تكون أكثر صعوبة وحراجة، وذلك بالتزامن مع الاعلان عن اقالة رئيس اركان "الجيش السوري الحر" سليم ادريس في محاولة جادة لاعادة ترميم قطاعات هذا الجيش وإعادة هيكلتها وتسليحها وتمكينها من الوقوف بوجه التنظيمات الاصولية والسلفية من جهة والجيش النظامي من جهة ثانية.

أما المشهد الثاني فهو الاهتمام الاعلامي الغربي بتفجير سيارة مفخخة على الحدود السورية التركية وفي أحد مخيمات النازحين في خطوة لها مدلولاتها السياسية والمعنوية بعد الانفجار الذي حصل قبله بساعات في تركيا والذي نسبته وسائل الاعلام التركية إلى تسرب في أنابيب الغاز، في وقت نفت فيه بعض المعلومات الواردة من هناك صحة هذه المعلومة، بل ربطت الانفجار بالخلافات التركية الروسية على أكثر من ملف بما فيها معالجة الازمة السورية، مع الإشارة إلى أنّ الغرب وموسكو بدأوا بالتحضير لمؤتمر جنيف 3 بعد استكمال العناصر المكملة له عبر تظهير حركة مكافحة الارهاب من خلال اعادة رسم خريطة الانتشار العسكري للجيش النظامي.

ويبقى الموضوع الثالث وهو أمنيٌ بامتياز، بحيث ركز الاعلام السوري على جبهة الجنوب في درعا في وقت تدور فيه المعارك على أشدّها في القلمون في إشارة إلى واحدٍ من واقعين، إما أنّ المسلحين يعمدون إلى سياسة الالهاء وتشتيت القوى لتخفيف الضغط عن يبرود التي باتت محاصرة بالكامل من دون إمكانية تخفيف الطوق عنها بعد الخريطة العسكرية التي أرساها الجيش السوري في السلسلة الشرقية، وبالتالي فإنّ الانتهاء من معركة القلمون وحسمها لمصلحة الجيش السوري يعني بشكل أو بآخر إعادة رسم مشهد القصير لجهة إقفال المعابر بصورة نهائية وطيّ صفحة من الروزنامة العسكرية تمهيدا لتفريغ القوى النظامية لمعركة درعا التي تشكل بحد ذاتها بيت القصيد للمجموعات المسلحة باعتبارها جبهة مفتوحة على خط الامداد مع الاردن.

في سياق متصل، يكشف هؤلاء الزوار نقلا عن القيادة العسكرية المشتركة في القلمون أنّ عملية إقفال المعابر بين لبنان وسوريا أصبحت بحكم المنتهية من دون أن يعني ذلك أنّ الجيش السوري نجح في اقتحامها، بل أنه نجح باقفالها بالنار وتعطيل دورها العسكري في عمليات الامداد والرصد ومد الجبهة بالعناصر والعتاد. غير أنّ ذلك لا يعني على الاطلاق بأنّ ​معركة يبرود​ وضواحيها باتت سهلة الحسم إنما تحتاج إلى حوالي الثلاثة أسابيع قد تكون كافية للجماعات المسلحة لتحريك جبهة درعا لتخفيف الضغط عن سائر المحاور الساخنة والمهددة بالسقوط.