تسود في لبنان بعض الافكار العلاجية لعدد من الامراض او الاصابات التي، بدلاً من أن تؤدّي دورها في العلاج، تزيد الأمر بلّة، وتضرّ الإنسان بدلاً من أن تنفعه. ففي ما يتعلق ب​الحروق​ على سبيل المثال، سرعان ما تنهال على المصاب بها النصائح العفوية التالية: "ضع بسرعة معجوناً للأسنان"، أو "اهرع لوضع مكعبات الثلج"، إلا أن ذلك في الواقع يؤذي الجلد ويؤدي إلى سوء الحالة. ومن اجل عدم الوقوع في الخطأ لا بد من التعرف على انواع الحروق والعلاج المناسب لكل نوع، بالاضافة الى الاجراءات التي ينبغي اتباعها عند حصول الضرر.

فالحرق بحسب طبيبة الجلد رولا ذهيبي هو تأثر الاصابة بسبب فروقات في درجات الحرارة او بسبب عوامل اخرى كالكهرباء والمواد الكيميائية، مشيرة في حديث لـ"النشرة" الى ان الحرارة الباردة المنخفضة هي ايضا سبب من اسباب الاصابة بالحروق وهذا من الامور غير المنتشرة لدى الجميع.

الحروق ثلاثة أنواع

بحسب ذهيبي، هناك 3 طبقات بجلد الانسان: الخارجية، الوسطى والدهنية، وبالتالي يوجد ثلاثة انواع من الحروق: حرق درجة اولى وهو الذي يصيب الجلد بطبقته الخارجية ويسبب الما خفيفا مع احمرار فيه، وهذه الحالة لا تستوجب التوجه نحو الطبيب المختص. ومن ثم يأتي النوع الثاني وهو حرق درجة ثانية يصيب الطبقة الوسطى من الجلد ويكون أعمق من حرق الدرجة الاولى، مع الاشارة الى ان هذا النوع يترافق عادة مع الم ويكوّن نوعا من الفقاعات عليه، وهنا يجب زيارة الطبيب المختص لوصف العلاج اللازم. اما بالنسبة للنوع الثالث والاخير فهو اخطر انواع الحروق ويصيب الطبقة الدهنية ليصل حتى العظام مما يستدعي التدخل الجراحي وزرع الجلد احيانا وهو يترافق مع الام حادة وتشوهات دائمة.

لكلّ حالة طريقة تعاطٍ خاصة

عند الحديث عن علاج الحروق، غالباً يُنصح باستشارة الطبيب الاختصاصي والابتعاد عن الافكار القديمة السائدة في مداواة الحرق، لان استعمال قطع الثلج مثلا على الحرق قد يؤدي بحسب ذهيبي الى مضاعفة الضرر.

وفي هذا السياق، أوضح الممرض في مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت محمد صعب في حديث لـ"النشرة" أنه "يتم التعاطي مع كل حالة حسب المكان المصاب ونوعه ودرجته"، مشيرا الى انه يجب الانتباه لامكانية التهاب الجرح وهذا ما يشكل الخطر الاساس لان الجلد هو خط الدفاع الاول عن جسم الانسان، وبالتالي فان اصابته تعني ان الحماية اصبحت ضعيفة. وقال: "ان الالتهاب يظهر عبر عوارض عدة ابرزها الحرارة، الرَجْفَة، احمرار حول الحرق ورائحته"، ولفت الى ان الالتهاب ممكن ان يؤدي الى الوفاة اذا وصل للدم مثلا، كما اشار صعب في حديثه الى الحرق الناتج عن التعرض للأسيد، محذرا من غسله بأي نوع من انواع الكحول لما لذلك من خطر على خلايا الجلد، داعيا لوضعه تحت مياه فاترة.

وفي نفس السياق غالبا ما نسمع بأن فلانًا اصيب مثلا بحروق تصل نسبتها الى 40%، وهنا شرح صعب كيفية حساب المساحة المصابة من جسم الانسان. وتابع: "يشكل رأس الانسان نسبة 9% من مساحة الجسد، الذراع 9%، الساق18%، البطن18%، الظهر 18% واخيرا الاعضاء التناسلية تشكل 1% "، واضاف: "يتم حساب المساحة حسب هذه النسب".

كي لا نبقى أسرى أفكار خاطئة

وبالعودة لاجراءات العلاج، بدت الطبيبة ذهيبي مصرّة على زيارة الطبيب المختص من قبل كل مصاب بحرق يفوق بضرره احمرار الجلد، لمعاينة الاصابة وتحديد ماهيتها ووصف العلاج المناسب. وقالت: "المصاب عادة ما يفشل بتمييز نوع الحرق وبالتالي يمكن ان يتسبب ذلك باهمال الاصابة وتفاقم الضرر". ولفتت ذهيبي الى امكانية غسل الحرق البسيط بالماء الفاتر مما يساهم بازالة جزء من الطبقة المصابة، الامر الذي يقلل احتمال الالتهاب.

اما فيما يختص بالادوية المناسبة فهي حسب الطبيبة ذهيبي موجودة في الصيدليات وعادة ما تتكون من مادة "الزينك"، داعية للابتعاد عن الطب العربي في المداواة لان نسبة تفاقم الضرر ستكون اكبر من نسبة الشفاء. ومن جهته اشار محمد صعب الى ان الصيدلي يستطيع ان يعطي المرهم المناسب للحروق البسيطة. ومن هنا تتبين اهمية الثقافة الطبية التي ينبغي ان تتوافر لدى الجميع وخصوصا لدى الاهل كي لا نبقى اسرى الافكار الخاطئة التي قد تحول الحرق البسيط الى تشوه دائم.